للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأما المجمل فهو ما لا يفهم المراد به من لفظه ويفتقر في البيان إلى غيره، مثل قَوْله تَعَالَى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: ١٤١]، فلا يفهم من لفظ الحق جنسه ولا مقداره إلا بعد البيان ومثل قَوْله تَعَالَى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: ٤٣]، و {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: ١٨٣]، و {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} [آل عمران: ٩٧] قد قيل في هذه الآيات إنها عامة وليست بمجملة، والصحيح أنها مجملة، وهو مذهب مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - فقد قال الحج كله في كتاب الله، والصلاة والزكاة ليس لهما في كتاب الله بيان، ورسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بين ذلك.

وأما المفصل فإنه ينقسم على وجهين محكم ومنسوخ.

فالمنسوخ: ما نسخ حكمه وبقي خطه، وهو في القرآن كثير، مثل قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} [المجادلة: ١٢]، ثم نسخ ذلك بقوله تعالى: {فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المجادلة: ١٣]، ومثل قوله: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ} [الأنفال: ٦٥] {الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ} [الأنفال: ٦٦]. ثم نسخ ذلك بالآية التي بعدها.

وأما المحكم: فإنه ما لم ينسخ، وهو ينقسم على قسمين محتمل وغير محتمل. فأما غير المحتمل فهو النص، وحده ما رقي في بيانه إلى أبعد غاية، مأخوذ من النص في السير وهو أبعده، وقيل إنه مأخوذ من منصة العروس التي ترفع عليها لتجلى للناس، وذلك مثل قَوْله تَعَالَى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨]،

<<  <  ج: ص:  >  >>