إلى هذا في تعيينها على أربعة أقوال: أحدها أنها ليلة إحدى وعشرين على حديث أبي سعيد الخدري. والثاني أنها ليلة ثلاث وعشرين على حديث عبد الله ابن أنيس الجهني. والثالث أنها ليلة سبع وعشرين على حديث أبي بن كعب وحديث معاوية، وهي كلها أحاديث صحاح. والرابع أنها ليلة ثلاث وعشرين أو سبع وعشرين. ذهب إلى هذا عبد الله بن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -. روي أن عمر بن الخطاب دعا جماعة من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فسألهم عن ليلة القدر فقالوا: كنا نرى أنها في العشر الوسط ثم بلغنا أنها في العشر الأواخر، وأكثروا عليه في ذلك فقال ابن عباس إني لأعلم أي ليلة هي، فقال عمر: وأي ليلة هي؟ فقال سابعة تمضي أو سابعة تبقى من العشر الأواخر، فقال عمر من أين علمت ذلك؟ قال رأيت الله عز وجل خلق سبع سموات وسبع أرضين وسبعة أيام يدور الدهر عليهن، وخلق الإنسان من سبع، ويأكل من سبع، ويسجد على سبع، والطواف سبع، ورمي الجمار وذكر مثل هذا. فقال له عمر: ما قولك خلق الله الإنسان من سبع ويأكل من سبع؟ فتلا قول الله عز وجل:{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ}[المؤمنون: ١٢]{ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ}[المؤمنون: ١٣]{ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ}[المؤمنون: ١٤]، قال ابن عباس وأما يأكل من سبع فقول الله تعالى:{فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا}[عبس: ٢٧]{وَعِنَبًا وَقَضْبًا}[عبس: ٢٨]{وَزَيْتُونًا وَنَخْلا}[عبس: ٢٩]{وَحَدَائِقَ غُلْبًا}[عبس: ٣٠]{وَفَاكِهَةً وَأَبًّا}[عبس: ٣١]، فالأب للأنعام، والسبعة للإنسان. وفي هذا الخبر أن عمر سأل يومئذ من حضره من الصحابة وكانوا جماعة عن معنى نزول سورة:{إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}[النصر: ١]، فوقفوا ولم يزيدوا على أن قالوا أمر الله نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا فتح الله عليه أن يسبحه ويستغفره، فقال عمر: ما تقول يا ابن عباس؟ فقال ومع ذلك يا أمير المؤمنين فإنه نعى إليه نفسه وأعلمه أنه قابضه إذا دخلت العرب في الدين أفواجا، فسر عمر بذلك وقال أتلومونني على تقريب هذا الغلام؟ فقال ابن مسعود لو أدرك أسناننا ما عاشره أحد منا ونعم ترجمان القرآن ابن