للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال: {فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٩٦] والقران في الحج مقيس على التمتع. فذهب مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلى أن المحصر بمرض لا يحله شيء من إحرامه إلا البيت، فإن احتاج إلى حلق رأسه قبل أن يصل إلى البيت افتدى، وإن أقام على إحرامه حتى يحج به من عام قابل لم يكن عليه هدي، وإن تحلل بعمرة قبل أشهر الحج من عام قابل كان عليه هدي لفوات الحج، فينحره قبل أن يحلق رأسه في حجة القضاء، لقوله عز وجل: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: ١٩٦] ولقوله تعالى: {فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: ١٩٦] فالهدي الأول هو الثاني عنده. وإن تحلل بعمرة في أشهر الحج من عام قابل كان عليه هدي آخر لاعتماره في أشهر الحج كما يكون على القارن إلا أن يكونا من حاضري المسجد الحرام. وذهب عروة بن الزبير وابن شهاب وجماعة من العلماء إلى أن الهدي الأول في قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: ١٩٦] غير الهدي الثاني في قَوْله تَعَالَى: {فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: ١٩٦] [الهدي الأول يحل به من بعض إحرامه قبل أن يصل إلى البيت إن شاء أن يبعث بالهدي ويجعل له ميعادا ينحره فيه. فإذا بلغ ذلك الوقت حل له حلق الشعر ولبس الثياب وما أشبه ذلك حتى يصل إلى البيت فيحل بالطواف من جميع إحرامه. والهدي الثاني يجب عليه لفوات الحج إذا لم يبن على إحرامه حتى يحج به] في العام المقبل. وإن احتاج قبل أن يصل الهدي الذي يبعث به إلى البيت إلى حلق رأسه فعل ذلك وافتدى لقول الله عز وجل: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ} [البقرة: ١٩٦] الآية. وهذا القول أسعد بالتأويل.

<<  <  ج: ص:  >  >>