التسمية، ومطلقة قبل الدخول وبعد التسمية، ومطلقة بعد الدخول وقبل التسمية أو بعد التسمية. فأما المطلقة قبل الدخول وقبل التسمية فإن الله تبارك وتعالى قد نص في كتابه على إمتاعها فقال:{لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً}[البقرة: ٢٣٦] معناه ولم تفرضوا لهن فريضة {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ}[البقرة: ٢٣٦]، فقوله تعالى:{وَمَتِّعُوهُنَّ}[البقرة: ٢٣٦] أمر بالمتاع، والأمر على الوجوب ما لم يقترن به قرينة تصرفه عن الوجوب إلى الندب. وقد اقترن بهذا الأمر قرائن تدل على أن المراد به الندب، من ذلك تخصيصه بها المحسنين من غير المحسنين بقوله تعالى:{حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ}[البقرة: ٢٣٦]، ولا يعلم المحسنين من غير المحسنين غير الله تعالى؛ لأن الإحسان فيما بين العبد وخالقه. فلما علق تعالى المتعة بصفة لا يعلمها غيره دل على أن الله لم يوجب الحكم بها على الحكام؛ إذ لم يجعل لهم طريقا إلى تمييز المأمور بها من غيره، وقيل للمطلق: متع إن كنت من المحسنين فكان حقا عليه أن يمتع ولا يخرج نفسه من جملة المحسنين. وأيضا فإنها غير مقدرة ولا معلومة، والفرائض لا بد أن تكون مقدرة معلومة. وأيضا فإن الله تبارك وتعالى لما خص المطلق قبل الدخول وقبل التسمية برفع الحرج عنه دون غيره ممن طلق بعد الدخول أو قبل الدخول وبعد التسمية بقوله:{لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً}[البقرة: ٢٣٦]، دل ذلك على أنه إنما خصها بالذكر من أجل أنها تطلق ولا يجب لها بالطلاق شيء بسبب من تحرج عن الطلاق في هذه الحال لهذا الوجه والله أعلم. فلو وجب لها المتاع إذا طلقت في هذه الحال كما يجب للمطلقة قبل الدخول وبعد التسمية نصف الصداق وكما يجب للمطلقة بعد الدخول جميعه لما تحرج أحد عن طلاقها في هذه الحال كما لم يتحرج عن طلاقها في سائر الأحوال، ولما كان لتخصيصها برفع الحرج عن المطلق لها في هذه الحال دون غيرها من الأحوال معنى، والله أعلم.