للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

موطئه بقوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: ٤٥]، يريد في التوراة، وهو الصحيح، لقول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو نسيها ثم فزغ إليها، فليصلها كما كان يصليها في وقتها، فإن الله تبارك وتعالى يقول: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} [طه: ١٤]» والخطاب بهذا إنما هو لموسى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وهذا بين، وقد اختلف في ذلك على أربعة أقوال، أحدها: أنها لازمة لنا جملة من غير تفصيل، بدليل قول الله عز وجل: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} [الأنعام: ٩٠]. (والثاني) أنها غير لازمة لنا جملة من غير تفصيل أيضا، بدليل قول الله عز وجل: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: ٤٨]. (والثالث) أنها غير لازمة لنا إلا شريعة إبراهيم - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لقول الله عز وجل: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [النحل: ١٢٣]، وقوله: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} [الحج: ٧٨]، أي الزموها (والرابع) أنها غير لازمة لنا إلا شريعة عيسى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لأنها آخر الشرائع المتقدمة، وكل شريعة ناسخة للتي قبلها، وهذا القول أضعف الأقوال، لأن شريعة عيسى إذا كانت ناسخة لما قبلها من الشرائع فشريعتنا ناسخة لشريعة عيسى، وهذا بين، والله

<<  <  ج: ص:  >  >>