باطل، ثم أتيت ابن أبي ليلى فسألته فقال: البيع جائز والشرط باطل، ثم أتيت ابن شبرمة فسألته فقال: البيع جائز والشرط جائز؛ فقلت: سبحان الله، ثلاثة من فقهاء العراق اختلفوا في مسألة واحدة، فأتيت أبا حنيفة فأخبرته، فقال: لا أدري ما قالا، حدثني عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن بيع وشرط». ثم أتيت ابن أبي ليلى فأخبرته، فقال: لا أدري ما قالا، حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن «عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قالت: أمرني رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن أشتري بريرة وأعتقها - وإن اشترط أهلها الولاء، فإن الولاء لمن أعتق» البيع جائز والشرط باطل. ثم أتيت ابن شبرمة فأخبرته فقال: لا أدري ما قالا، حدثني مسعر بن كدام عن محارب بن دثار، عن «جابر قال: بعت من النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ناقة وشرط لي حلابها وظهرها إلى المدينة،» فالبيع جائز، والشرط جائز؛ فعرف مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الأحاديث كلها واستعملها في مواضعها، وتأولها على وجوهها؛ فأما أبو حنيفة وابن أبي ليلى وابن شبرمة فلم يمعنوا النظر، ولا أحسنوا تأويل الآثار، والله يوفق من يشاء.
وأما البيوع المكروهة، فهي التي اختلف أهل العلم في إجازتها، والحكم فيها أن تفسخ ما كانت قائمة، فإن فاتت لم ترد، مراعاة للاختلاف فيها، كذا روى ابن وهب عن مالك أن البيع المكروه لا يرد إذا فات، وبعضها أشد كراهية من بعض، فمنها ما العقد فيه فوت، ومنها ما القبض فيه فوت، ومنها ما فوات العين فيه فوت، ومنها ما يختلف فيما يفوت به، كشراء الزرع إذا أفرك قبل أن ييبس، وما أشبه ذلك.