إنما شرط ابن القاسم إن علم أنه عنده وقت الصفقة الثانية، لأنه إن كان موجودا عنده وانهدمت الدار في بعض المدة، ينتقض من الثوب مقدار ذلك، وإن كان الثوب ليس عنده وقت الصفقة الثانية، فكأن الكراء إنما وقع بالدراهم، فإذا انهدمت الدار كان الرجوع فيها، فوجب لهذا لما كان لا يدري فيما ذا يرجع من الدراهم ومن الثوب، أن لا يجوز حتى يعلم ذلك فيدخلان على أمر معروف، وقال غيره: إنما شرط إذا علم أنه عنده، لأنه لا يدري هل باع منه شيئا موجودا أم لا، فعقد البيع إذا وقع جائز، ثم ينظر: فإن علم أنه عنده فقد صحت لنا الصفقة الأولى، وإلا فلا، وقوله: ينتقض من الثوب مقدار ذلك، يريد أنه إن انهدمت الدار وقد سكن نصف المدة، رجع عليه بنصف قيمة الثوب، وإن كان أقل فأقل، وإن كان أكثر فأكثر على هذا الحساب، لأن الثوب الذي هو عوض السكنى قد فات بالبيع منه، فهو بمنزلة فواته بالبيع من غيره أو بغير ذلك من وجوه الفوت، وهو صحيح، وذهب أبو إسحاق التونسي إلى أنه إنما يرجع في الثمن الذي دفع بقدر ما بقي له من السكنى، وعلته في ذلك أنه قد استحق من الثوب الذي باع بقدر ما انهدم من الدار، فوجب أن ينتقض البيع في مقدار ذلك من الثوب، وهو تعليل غير صحيح، لأن الثوب ثمن السكنى، فإنما يجب الرجوع فيه ويكون كالمستحق إذا كان قائما لم يفت والبيع فيه فوت؛ وإن كان إنما باعه منه إذ لا فرق في فواته بالبيع منه أو من غيره، ألا ترى أن من اشترى عبدا بيعا فاسدا فباعه من بائعه منه بيعا صحيحا أنه فوت فيمضي، ويصحح البيع الفاسد بالقيمة، ويلزم في هذا على تعليل أبي إسحاق التونسي أن ينتقض البيع الصحيح ولا يكون فوتا لرجوع السلعة إلى يد البائع وينفسخ البيع الفاسد، وهو بعيد، وأما قوله، أعني قول بعض شيوخ القرويين: فإن كان الثوب ليس عنده وقت الصفقة الثانية، فكأن الكراء إنما