من حجته أن لا يرضى بالعيب؛ وأما إن كانت على الحال الثانية قد فاتت بحوالة سوق أو نقص يسير، فالمبتاع مخير بين أن يطالب بحكم العيب فيمسكها ولا شيء له، أو يردها ولا شيء عليه؛ إذ لا يفيت ردها بالعيب حوالة الأسواق ولا النقص اليسير، وليس للبائع أن يلزمه إياها بأن يحط عنه الكذب وهو قيمة العيب وما ينوبه من الربح؛ إذ ليس له أن يلزمه العيب شاء أو أبى، وبين أن يطالب بحكم الكذب ويرضى بالعيب؛ إذ قد فاتت في حكم الكذب؛ فإن اختار ذلك كان وجه العمل فيه أن يعرف ما نقص التزويج من الثمن الذي اشتراها به البائع يوم اشتراها.
وذلك أن تقوم يومئذ معيبة وغير معيبة، فما كان بين القيمتين حط ذلك المقدار من الثمن، فما بقي منه كان ذلك هو الثمن الصحيح؛ ثم تقوم يوم ابتاعها أو يوم قبضها على الاختلاف في ذلك، فيكون على المبتاع تلك القيمة؛ إلا أن تكون أقل من الثمن الصحيح فلا ينقص البائع منه شيئا أو يكون أكثر من الثمن الذي اشتراها به، فلا يزاد البائع عليه شيئا، وأما إن كانت على الحال الثالثة من فواتها بالبيع فليس للمشتري المطالبة إلا بحكم الكذب، إذ لا رجوع للمشتري في العيب بشيء بعد البيع على مذهب ابن القاسم ويعمل في ذلك على ما بيناه من وجه العمل فيه.
وأما إن كانت على الحال الرابعة من فواتها بالعيوب المفسدة، فله المطالبة بأي الوجهين شاء ويكون مخيرا في ثلاثة أوجه:
(أحدهما) أن يرد ويرد ما نقصها العيب الحادث عنده، (والثاني) أن يرجع بقيمة العيب وما ينوبه من الربح، (والثالث) أن يرضى بالعيب ويطالب بحكم الكذب فتكون عليه القيمة إلا أن تكون أكثر من الثمن الذي ابتاعها به فلا يكون عليه أكثر منه، لأنه هو يطلب الفضل قبل البائع أو تكون القيمة أقل من الثمن الذي اشتراها به البائع بعد طرح قيمة العيب من ذلك، وما ينوبه من الربح يوم ابتاعها البائع على ما تقدم من العمل والتفسير.
وأما إن كانت على الحال الخامسة من ذهاب عينها أو ما يقوم مقام ذهاب العين، فله المطالبة بأي الوجهين شاء إما بالعيب فيرجع بقيمته وما ينوبه من الربح؛ وإما بالكذب فتكون عليه القيمة ما لم تكن أقل أو أكثر على ما فسرناه وقد وقع في