وقوته: أنه استوهب الرعاء دلوا فوهبوه إياه فنزعه وحده وكان لا ينزعه إلا عشرة رجال، وقيل: أربعون رجلا فدعا فيه بالبركة فكفى ماشيتهما، فذلك قَوْله تَعَالَى:{فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ}[القصص: ٢٤]، وقيل: إنه رفع عن فم البئر صخرة كانت عليه وحده وكان لا يرفعها إلا عشرة رجال، وقيل: أربعون رجلا.
وأمانته التي وصفته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بها هي أنه لما مشت أمامه خشي أن تكشف الريح عنها ثوبها فيرى بعض عورتها وكان يوم ريح، فأمرها أن تمشي خلفه، وقال لها: دليني على الطريق وصفيه لي، قال:{إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ}[القصص: ٢٧]، أي: على أن ترعى لي ماشيتي ثمانية أعوام، {فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ}[القصص: ٢٧]، وروي «عن ابن مسعود أنه قال: كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا أمرنا بالصدقة، انطلق أحدنا إلى السوق فتحامل، أي: يحمل على ظهره فيصيب المد، وإن لأحدهم اليوم لمائة ألف». قال الراوي عنه: ما أراه أراد إلا نفسه. «واستأجر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبو بكر رجلا من بني الديل هاديا خريتا وهو على دين كفار قريش، فدفعا إليه راحلتيهما وواعداه غار ثور بعد ثلاث، فأتاهما براحلتيهما صبح ثلاث». وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مثلكم ومثل اليهود والنصارى كمثل رجل استأجر قوما يعملون له عملا يوما إلى الليل على أجر معلوم، فعملوا له نصف النهار فقالوا: لا حاجة لنا بأجرك الذي شرطت لنا، وما عملنا باطل. فقال لهم: لا تفعلوا أكملوا بقية يومكم وخذوا أجركم كاملا فأبوا وتركوا، واستأجر آخرين بعدهم فقال: أكملوا بقية يومكم هذا ولكم الذي شرطت