الإجارة الثابتة في ذمته، فحكمها حكم السلم الثابت في الذمة في تقديم الإجارة وضرب الأجل ووصف العمل، وقال عبد الوهاب: يجب فيها تعجيل أحد الطرفين من الأجرة أو الشروع في الاستيفاء، يريد: إذا كان العمل يسيرا ليخرج عن الدين بالدين، فأما الإجارة اللازمة في عينه، فإنها تنقسم على قسمين، أحدهما: أن يستأجره على عمل موصوف لا يرتبط بعين، (والثاني) أن يستأجره على عمل موصوف يرتبط بعين، فأما القسم الأول وهو أن يستأجره على عمل موصوف لا يرتبط بعين، فلا تنفسخ الإجارة فيه إلا بموت الأجير، وهو على نوعين، (أحدهما) أن لا يكون له غاية كخدمة البيت ورعاية الغنم بغير أعيانها، وحمل حمل بغير عينه، وما أشبه ذلك، (والثاني) أن يكون له غاية معلومة كخياطة ثوب بغير عينه أو طحن قفيز قمح بغير عينه، وما أشبه ذلك، فالأول لا بد فيه من ضرب الأجل بالأيام والشهور فيما كان من الخدمة والعمل وتسمية المواضع والبلدان فيما كان من النقل والحملان؛ فإذا ضرب في النقل والحملان مع تسمية المواضع والبلدان أجلا من الشهور والأيام، فسد ولم يجز لأنه غرر؛ ومما نهي عنه من شرطين في البيع على المشهور من المذهب، وقد قيل: إن ذلك جائز. وذلك بتأويل ما في الرواحل والدواب من المدونة، وعلى ما وقع في أول سماع ابن القاسم من كتاب الجعل والإجارة من العتبية، (والثاني) لا يجوز فيه ضرب أجل على ما ذكرناه من المشهور في المذهب؛ وأما القسم الثاني وهو أن يستأجره على عمل موصوف يرتبط بعين، فإنه ينقسم على خمسة أنواع:
(أحدها) أن يستأجره على عمل في شيء بعينه لا غاية له إلا بضرب الأجل فيه، وذلك مثل أن: يستأجره على أن يرعى له غنما بأعيانها، أو يتجر له في مال بعينه شهرا أو سنة وما أشبه ذلك؛ فهذا اختلف في حد جواز الإجارة فيه، فقيل: إنها لا تجوز إلا بشرط الخلف، وهو مذهب ابن القاسم وروايته عن مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - في المدونة وغيرها؛ وقيل: إنها تجوز بغير شرط الخلف والحكم يوجب الخلف، وهو قول سحنون وابن حبيب وقول أشهب في رسم البيع والصرف من سماع أصبغ من كتاب الجعل والإجارة، فهذا حكم هذا الوجه إلا في أربع