للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مما يخرج منها، إعطاء رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يهود خيبر الأرض والنخل على شطر ما يخرج من ذلك، وتأولوا في المحاقلة أنها اشتراء الزرع بالحنطة وذلك لا يصح؛ لأن النص عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد ورد من رواية رافع بن خديج في النهي عن كراء الأرض بالثلث والربع والطعام، وحديث المساقاة يمكن تأويله على ما تأوله عليه مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - من أن الأرض كانت يسيرة بين أضعاف السواد. وقال آخرون: يجوز كراء الأرض بالجزء مما يخرج منها، ولا يجوز بشيء مضمون مما يخرج منها، وهو مذهب الليث بن سعد. وحجة هؤلاء «حديث ابن عمر في إعطاء رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يهود خيبر النخل والأرض على أن يعملوها ويزرعوها بشطر ما يخرج منها» وقالوا: إنه حديث صحيح أصح من أحاديث رافع بن خديج؛ لأنها مضطربة المتون؛ وقال ابن نافع من أصحاب مالك: لا تكرى الأرض بقمح ولا شعير ولا سلت، وتكرى بما سوى ذلك على أن يزرع فيها خلاف ما تستكرى به. وقال ابن كنانة: يجوز أن تكرى الأرض بكل شيء إذا زرع فيها لم ينبت، واختاره عيسى بن دينار، وذلك كله معترض؛ فالقول في هذه المسألة ما قدمناه عن مالك وجمهور أصحابه أن كراء الأرض لا يجوز بشيء مما يخرج منها وينبت فيها - كان طعاما أو لم يكن، لنهي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن المخابرة، وهي كراء الأرض ببعض ما يخرج منها مما يزرع فيها، ولا بشيء من الطعام وإن لم يخرج منها؛ لنهيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن المحاقلة، وهي استكراء الأرض بالحنطة، وكذلك جميع الطعام لأنه في معنى الحنطة، وقد روي ذلك عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - نصا من رواية رافع بن خديج أنه قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من كانت له أرض فليزرعها أو ليزرعها أخاه ولا يكرها بثلث ولا ربع ولا طعام». ويجوز مما عدا هذين الوجهين من الدنانير والدراهم والعروض المعينة المعلومة والثابتة في الذمة الموصوفة؛ لأن ما روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من النهي عن كراء المزارع ليس على عمومه؛ لأنه خرج على سبب النهي، فهو مقصور على سببه، وذلك أن الناس كانوا على عهد

<<  <  ج: ص:  >  >>