وأما إذا قضى أو رهن من يتهم عليه فلا يجوز، وذلك ما لم يتشاور الغرماء في تفليسه على مذهب ابن القاسم؛ وقال أصبغ: قضاؤه ورهنه جائز للأجنبيين- وإن كانوا قد تشاوروا في تفليسه ما لم يفلسوه، وسواء في إقراره بالدين لمن لا يتهم عليه وبيعه وابتياعه- كان صحيحا أو مريضا- في مذهب مالك وابن القاسم، بخلاف رهنه وقضائه بعض غرمائه دون بعض، وإقراره لمن يتهم عليه، فإن ذلك لا يجوز على مذهب ابن القاسم في المرض- إذا كان مرضا مخوفا يمنع فيه القضاء في ماله؛ وكذلك روى أصبغ عن ابن القاسم - وهو مفسر لقوله في المدونة: وقال غيره إن قضاءه جائز؛ لأن بيعه وشراءه جائز، وهو قول غير ابن القاسم في المدونة.
وأما إقرار المريض بالدين إذا لم يكن عليه دين، فيجوز إذا لم يتهم، مثل أن يقر لأجنبي وله ولد؛ ولا يجوز إذا اتهم، مثل أن يقر لصديق ملاطف- وورثته كلالة؛ وفي إقرار الزوج لزوجته بدين في المرض تفصيل، والذي يتحصل عندي فيه على منهاج قول مالك وأصحابه؛ إن أمره لا يخلو من ثلاثة أحوال:
أحدها: أن يعلم منه ميل إليها وصبابة بها.
والثاني: أن يعلم منه الشنآن لها والبغض فيها.
والثالث: أن يجهل مذهبه فيها وحاله معها.
فأما إذا علم منه ميل إليها وصبابة بها، فلا يجوز إقراره لها إلا أن يجيز ذلك الورثة؛ وأما إذا علم منه البغض فيها والشنآن لها، فإقراره جائز لها على الورثة؛ وأما إذا جهل حاله معها في الميل إليها والبغض لها فلا يخلو أمره من وجهين: أحدهما: أن يورث بكلالة.
والثاني: أن يورث بولد.
فأما إذا ورث بكلالة، فلا يجوز إقراره لها؛ وأما إذا ورث بولد، فإن الولد لا يخلون من أن يكونوا إناثا أو ذكورا صغارا أو كبارا، واحدا أو عددا، منها أو من