فيها فضل عن كسوة مثله، وشك مالك في كسوة زوجته، هل تترك لها؛ لأنها لا تجب إلا بمعاوضة وبطول الانتفاع بها، فيكون ذلك كالنفقة لها بعد المدة المؤقتة؛ وقال سحنون: لا تترك له كسوة امرأته، ويباع ما سوى ذلك من ثيابه وعروضه، ويباع خاتمه وسلاحه وثوبا جمعته، إلا أن لا يكون لهما تلك القيمة، وقد روى ابن نافع عن مالك أنه لا يترك له إلا ثوب يواريه، وهو قول ابن كنانة: إنه لا يترك له شيء؛ واختلف في كتب العلم هل تباع عليه في الدين أم لا على قولين، قال مالك في كتاب ابن المواز: لا تباع عليه كتب العلم، وهو الذي يأتي على مذهبه في المدونة؛ لأنه كره بيع كتب الفقه، وفي سماع ابن القاسم من كتاب الرهون إجازة رهنها، فكذلك بيعها يجوز على هذه الرواية وهو قول أكثر أصحاب مالك أن بيعها جائز في الدين وغيره، إذ لا فرق بين بيعها في الدين وغيره، وهذه المسألة مبنية على اختلافهم في جواز بيعها وكراهيته، وقد قال محمد بن عبد الحكم: بيعت كتب ابن وهب بثلاثمائة دينار وأصحابه متوافرون، فما أنكروا ذلك.
وأما المصحف فإنه يباع في الدين لم يختلف في جواز بيعه في المذهب، ولا تؤاجر أم الولد في الدين، وتؤاجر المدبرة. وتباع كتابة المكاتب في دين سيده، ولا يجبر المفلس على اعتصار ما وهب لولده، ولا على الأخذ بشفعة له فيها فضل، ولا على انتزاع مال أم ولده ومدبره؛ هذا قول مالك في كتاب المأذون له في التجارة؛ وفي سماع ابن القاسم من كتاب الحبس ما يعارض ذلك- وهي مسألة من حبس حبسا، وشرط في حبسه إن شاء المحبس عليه أن يبيع باع، ولا على قبول ما وهب له أو تصدق به عليه أو أوصي له به أو أسلف إياه، أو أعير له؛ وإن وهب له أبوه من يعتق عليه عتق عليه، ولم يبع في الدين؛ لأن الذي وهبه له إنما وهبه ليعتق لا ليأخذه أهل الدين هذه علته في الرواية، فانظر على ذلك: لو وهبه إياه وهو لا يعلم أنه ممن يعتق عليه؛ وأما إذا ورثه فاختلف في ذلك: روى أبو زيد عن ابن القاسم أنه يباع في الدين ولا يعتق عليه، وقال أشهب: يعتق عليه.