قد تؤولا عليه. فإن انقطع عنه الرعاف في بقية من الوقت وقدر على الصلاة راكعا أو ساجدا لم تجب عليه إعادة لأن إيماءه إن كان لإضرار الركوع أو السجود فهو كالمريض الذي لا يقدر على السجود فيصلي إيماء ثم يصح في بقية من الوقت أنه لا إعادة عليه، وإن كان مخافة أن تمتلئ ثيابه بالدم فهو عذر يصح له به الإيماء إجماعا فوجب أن لا تكون عليه إعادة كالمسافر الذي لا علم عنده بالماء يتيمم ثم يجد الماء في الوقت أنه لا إعادة عليه من أجل أنه من أهل التيمم إجماعا، بخلاف المريض والخائف إذ قيل إنهما ليسا من أهل التيمم، وبخلاف المصلي في الطين إيماء إذ قيل إنه ليس من أهل الإيماء ويلزمه أن يركع ويسجد في الطين وإن فسدت ثيابه فما ذلك على الله بعزيز، وقد «سجد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الماء والطين فانصرف من الصلاة وعلى جبينه وأنفه أثر الماء والطين».
وأما القسم الثاني وهو أن يكون غير دائم ينقطع، فإن أصابه قبل أن يدخل أخر الصلاة حتى ينقطع عنه ما لم يفت وقت الصلاة المفروضة: القامة للظهر، والقامتان للعصر. وقيل بل يؤخرهما ما لم يخف فوات الوقت جملة بأن يتمكن اصفرار الشمس للظهر والعصر فيخشى أن لا يدرك تمامهما قبل غروب الشمس، فإن خشي ذلك صلاهما قبل خروج الوقت كيفما أمكنه ولو إيماء. وإن أصابه ذلك بعد أن دخل في الصلاة فلا يخلو من وجهين: أحدهما أن يكون يسيرا يذهبه الفتل. والثاني أن يكون كثيرا قاطرا أو سائلا لا يذهبه الفتل. فأما إن كان يسيرا يذهبه الفتل فإنه يفتله ويتمادى على صلاته فذا كان أو إماما أو مأموما، ولا اختلاف في ذلك على ما روي عن جماعة من السلف، منهم سعيد بن المسيب، وسالم بن عبد الله، أنهم كانوا يرعفون في الصلاة حتى تختضب أصابعهم أي الأنامل الأولى منها من الدم الذي يخرج من أنوفهم فيفتلونه ويمضون على صلاتهم. وأما إن تجاوز الدم الأنامل الأولى وحصل منه في الأنامل الوسطى قدر الدرهم على مذهب ابن حبيب أو أكثر من الدرهم على رواية علي بن زياد عن مالك، فيقطع ويبتدئ،