وَهُوَ الظُّفْرُ بِالْمَطْلُوبِ مِنْ الْخَيْرِ وَثَوَابِهِ، فَسَقَطَ التَّنْظِيرُ فِي ذَلِكَ بِأَنَّ الْوَعْظَ التَّذْكِيرُ بِالْعَوَاقِبِ وَهَذَا قَدْ انْقَطَعَ بِالْمَوْتِ (وَاعْتِبَارًا وَشَفِيعًا وَثَقِّلْ بِهِ مَوَازِينَهُمَا وَأَفْرِغْ الصَّبْرَ عَلَى قُلُوبِهِمَا) ؛ لِأَنَّهُ مُنَاسِبٌ لِلْحَالِ، وَزَادَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَلَى هَذَا، وَلَا تَفْتِنْهُمَا بَعْدَهُ وَلَا تَحْرِمْهُمَا أَجْرَهُ، وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ مِنْ التَّذْكِيرِ وَضِدِّهِ وَيَشْهَدُ لِلدُّعَاءِ لَهُمَا مَا فِي خَبَرِ الْمُغِيرَةِ «وَالسَّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْعَى لِوَالِدَيْهِ بِالْعَافِيَةِ وَالرَّحْمَةِ» فَيَكْفِي فِي الطِّفْلِ هَذَا الدُّعَاءُ وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُمْ لَا بُدَّ مِنْ الدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ بِخُصُوصِهِ كَمَا مَرَّ لِثُبُوتِ هَذَا بِالنَّصِّ بِخُصُوصِهِ.
نَعَمْ لَوْ دَعَا لَهُ بِخُصُوصِهِ كَفَى فَلَوْ شَكَّ فِي بُلُوغِهِ هَلْ يَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْبُلُوغِ، أَوْ يَدْعُو لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ وَنَحْوِهَا؟ وَالْأَحْسَنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا احْتِيَاطًا.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَسَوَاءٌ فِيمَا قَالَهُ لَوْ مَاتَ فِي حَيَاةِ أَبَوَيْهِ أَمْ بَعْدَهُمَا أَمْ بَيْنَهُمَا، وَالظَّاهِرُ فِي وَلَدِ الزِّنَا أَنْ يَقُولَ: لِأُمِّهِ وَيَقْتَصِرَ عَلَيْهَا فِيمَا تَقَدَّمَ وَلِهَذَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: مَحَلُّهُ فِي الْأَبَوَيْنِ الْحَيَّيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَكُونَا كَذَلِكَ أَتَى بِمَا يَقْتَضِيهِ الْحَالُ وَهَذَا أَوْلَى.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَلَوْ جَهِلَ إسْلَامَهُمَا فَكَالْمُسْلِمِينَ بِنَاءً عَلَى الْغَالِبِ وَالدَّارِ اهـ.
وَالْأَحْوَطُ تَعْلِيقُهُ عَلَى إيمَانِهِمَا لَا سِيَّمَا فِي نَاحِيَةٍ يَكْثُرُ الْكُفَّارُ فِيهَا، وَلَوْ عَلِمَ كُفْرَهُمَا كَتَبَعِيَّةِ الصَّغِيرِ لِلسَّابِي حَرُمَ أَنْ يَدْعُوَ لَهُمَا بِالْمَغْفِرَةِ وَالشَّفَاعَةِ وَنَحْوِهَا، وَلَوْ عَلِمَ إسْلَامَ أَحَدِهِمَا وَكُفْرَ الْآخِرِ أَوْ شَكَّ فِيهِ وَلَوْ مِنْ وَلَدَيْهِ لَمْ يَخَفْ الْحُكْمَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
اهـ.
وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَادَّخَرْته عَلَى افْتَعَلْت أَنَّهُ يَجُوزُ قِرَاءَتُهُ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ الْمُشَدَّدَةِ وَهُوَ الْأَكْثَرُ، وَبِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ؛ لِأَنَّ مَا كَانَ عَلَى وَزْنِ افْتَعَلَ وَفَاؤُهُ ذَالٌ مُعْجَمَةٌ قُلِبَتْ تَاؤُهُ دَالًا مُهْمَلَةً وَقَلْبُ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ دَالًا مُهْمَلَةً وَإِدْغَامُهَا فِي الذَّالِ الْمُهْمَلَةِ الْمُبْدَلَةِ مِنْ التَّاءِ وَقَلْبُ الذَّالِ الْمُبْدَلَةِ مِنْ التَّاءِ ذَالًا مُعْجَمَةً وَإِدْغَامُ الْأُولَى فِيهَا (قَوْلُهُ فَسَقَطَ التَّنْظِيرُ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَعِظَةً (قَوْلُهُ عَلَى قُلُوبِهِمَا) يَأْتِي فِيهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْجَوَابِ عَنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَعِظَةً إلَخْ إنْ كَانَا مَيِّتَيْنِ (قَوْلُهُ: فَيَكْفِي فِي الطِّفْلِ هَذَا الدُّعَاءُ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: بِالنَّصِّ بِخُصُوصِهِ) أَيْ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ اجْعَلْهُ فَرَطًا إلَخْ حَيْثُ كَانَ مَعْنَاهُ: أَيْ سَابِقًا مُهَيِّئًا لِمَصَالِحِهِمَا فِي الْآخِرَةِ كَانَ دُعَاءً لَهُ بِخُصُوصِهِ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ إلَّا إذَا كَانَ لَهُ شَرَفٌ عِنْدَ اللَّهِ يَتَقَدَّمُ بِسَبَبِهِ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ يَدْعُو لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ) هَذَا ظَاهِرٌ حَيْثُ لَمْ يُرِدْ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: وَالْأَحْسَنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَأْتِ بِهَذَا الْأَحْسَنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَخْتَارَ الدُّعَاءَ لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ لِاحْتِمَالِ بُلُوغِهِ (قَوْلُهُ: وَيَقْتَصِرُ عَلَيْهَا فِيمَا تَقَدَّمَ) لَعَلَّهُ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَلِكَوْنِهِ يَقْتَصِرُ عَلَى الْأُمِّ فِي وَلَدِ الزِّنَا (قَوْلُهُ: وَهَذَا أَوْلَى) مِنْ م ر (قَوْلُهُ: لَمْ يَخْفَ الْحُكْمُ مِمَّا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ يَدْعُو لِلْمُسْلِمِ مِنْهُمَا وَيُعَلِّقُ الدُّعَاءَ عَلَى الْإِسْلَامِ فِيمَنْ شَكَّ فِيهِ ثُمَّ مَا تَقَرَّرَ كُلُّهُ فِيمَا لَوْ عَلِمَ إسْلَامَ الْمَيِّتِ أَوْ ظَنَّ، فَلَوْ شَكَّ فِي إسْلَامِهِ كَالْمَمَالِيكِ الصِّغَارِ حَيْثُ شَكَّ فِي أَنَّ السَّابِيَ لَهُمْ مُسْلِمٌ فَيَحْكُمُ بِإِسْلَامِهِمْ تَبَعًا لَهُ أَوْ كَافِرٌ فَيَحْكُمُ بِكُفْرِهِمْ تَبَعًا لَهُ، فَقَالَ حَجّ: يَحْتَمِلُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ احْتِيَاطًا، وَيَحْتَمِلُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ أَنْ لَا يُصَلِّيَ اهـ.
وَقَدْ يُقَالُ: بَلْ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُصَلِّي وَيُعَلِّقُ النِّيَّةَ كَمَا لَوْ اخْتَلَطَ مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ فِي مَسْأَلَةِ الِاخْتِلَاطِ تَحَقَّقْنَا وُجُوبَ الصَّلَاةِ وَشَكَكْنَا فِي عَيْنِ مَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ، بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّا شَكَكْنَا فِي وُجُوبِ الصَّلَاةِ بَلْ فِي صِحَّتِهَا وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الْكُفْرِ، وَيُؤَيِّدُ مَا قُلْنَاهُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي: وَلَوْ اخْتَلَطَ
[حاشية الرشيدي]
وَقَدْ مَاتَا أَوْ أَحَدُهُمَا قَبْلَهُ نَظَرٌ، إذْ الْوَعْظُ التَّذْكِيرُ بِالْعَوَاقِبِ كَاعْتِبَارٍ أَوْ هَذَا قَدْ انْقَطَعَ بِالْمَوْتِ، فَإِنْ أُرِيدَ بِهِمَا غَايَتُهُمَا مِنْ الظَّفَرِ بِالْمَطْلُوبِ اُتُّجِهَ ذَلِكَ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَأَفْرِغْ الصَّبْرَ عَلَى قُلُوبِهِمَا) قَالَ فِي التُّحْفَةِ هَذَا لَا يَأْتِي إلَّا فِي حَيٍّ (قَوْلُهُ: لِثُبُوتِ هَذَا) يَعْنِي مُطْلَقَ الْأَمْرِ بِالدُّعَاءِ لِوَالِدَيْهِ الشَّامِلِ لِهَذَا الدُّعَاءِ، وَإِلَّا فَخُصُوصُ هَذَا الدُّعَاءِ لَمْ يَرِدْ (قَوْلُهُ: وَهَذَا أَوْلَى) حِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ لِمَا قَدَّمَهُ فِي تَأْوِيلِ عِظَةٍ وَاعْتِبَارًا، وَمُرَادُهُ أَنَّهُ أَوْلَى مِمَّا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَإِنْ كَانَ فِي سِيَاقِهِ صُعُوبَةٌ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَسَوَاءٌ فِيمَا قَالُوهُ مَاتَ فِي حَيَاةِ أَبَوَيْهِ أَمْ لَا، لَكِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute