فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ بَعْدَ صِحَّتِهَا وَهِيَ مَا لِلْوَكِيلِ وَعَلَيْهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَتَعْيِينِ الْأَجَلِ وَشِرَائِهِ لِلْمَعِيبِ، وَتَوْكِيلِهِ لِغَيْرِهِ (الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ) حَالَ كَوْنِ الْبَيْعِ (مُطْلَقًا) فِي التَّوْكِيلِ بِأَنْ لَمْ يَنُصَّ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ أَوْ حَالَ التَّوْكِيلِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْوَكِيلِ مُطْلَقًا: أَيْ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِشَيْءٍ، وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ أَيْ تَوْكِيلًا لَمْ يُقَيَّدْ (لَيْسَ لَهُ الْبَيْعُ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ) الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْبَيْعُ بِالْإِذْنِ لِدَلَالَةِ الْقَرِينَةِ الْعُرْفِيَّةِ عَلَيْهِ، فَإِنْ سَافَرَ بِمَا وُكِّلَ فِي بَيْعِهِ لِبَلَدٍ بِلَا إذْنٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ بَيْعُهُ إلَّا بِنَقْدِ الْبَلَدِ الْمَأْذُونِ فِيهَا، وَمُرَادُهُ بِنَقْدِ الْبَلَدِ مَا يَتَعَامَلُ بِهِ أَهْلُهَا غَالِبًا نَقْدًا كَانَ أَوْ عَرَضًا لِدَلَالَةِ الْقَرِينَةِ الْعُرْفِيَّةِ عَلَيْهِ، فَإِنْ تَعَدَّدَ لَزِمَهُ بِالْأَغْلَبِ، فَإِنْ تَسَاوَيَا فَبِالْأَنْفَعِ وَإِلَّا تَخَيَّرَ أَوْ بَاعَ بِهِمَا كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ، وَمَحِلُّ الِامْتِنَاعِ بِالْعَرَضِ فِي غَيْرِ مَا يُقْصَدُ لِلتِّجَارَةِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ
(قَوْلُهُ: وَتَعْيِينِ الْأَجَلِ) أَيْ وَحُكْمِ تَعْيِينِ الْأَجَلِ، وَيَجُوزُ رَفْعُهُ (قَوْلُهُ: وَشِرَائِهِ) أَيْ وَحُكْمِ شِرَائِهِ، وَيَجُوزُ رَفْعُهُ، وَيُوَافِقُهُ رَسْمُ حَجّ لَهُ بِالْوَاوِ وَهُوَ أَوْلَى لِسَلَامَتِهِ مِنْ حَذْفِ الْمُضَافِ وَإِبْقَاءِ عَمَلِهِ (قَوْلُهُ: وَتَوْكِيلِهِ لِغَيْرِهِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَانْعِزَالِ وَكِيلِ الْوَكِيلِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى غَيْرِهِ) أَيْ التَّوْكِيلِ فِي الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: أَوْ حَالَ التَّوْكِيلِ الْمَفْهُومِ إلَخْ) زَادَ حَجّ: وَيَصِحُّ كَوْنُهُ صِفَةً لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ: أَيْ تَوْكِيلًا مُطْلَقًا
(قَوْلُهُ: لَيْسَ لَهُ الْبَيْعُ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ) لَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَبِيعَ بِنَقْدِ عَيْنِهِ فَأُبْطِلَ بَعْدَ التَّوْكِيلِ وَقَبْلَ الْبَيْعِ وَجُدِّدَ آخَرُ فَيُتَّجَهُ امْتِنَاعُ الْبَيْعِ بِالْجَدِيدِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ وَكَذَا بِالْقَدِيمِ، وَيُحْتَاجُ إلَى مُرَاجَعَتِهِ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَلَوْ قِيلَ بِجَوَازِ الْبَيْعِ بِالْجَدِيدِ تَعْوِيلًا عَلَى الْقَرِينَةِ الْعُرْفِيَّةِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا، إذْ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الْمُوَكِّلِ إرَادَةُ مَا يَرُوجُ فِي الْبَلَدِ وَقْتَ الْبَيْعِ مِنْ النُّقُودِ سِيَّمَا إذَا تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَةُ الْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ لَهُ بَيْعُهُ إلَّا بِنَقْدِ الْبَلَدِ الْمَأْذُونِ فِيهَا) أَيْ وَإِذَا بَاعَ بِنَقْدِ الْبَلَدِ صَحَّ وَضَمِنَ الثَّمَنَ، وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي: وَلَا يَنْعَزِلُ بِالتَّعَدِّي فِي الْأَصَحِّ إلَخْ، وَيَزُولُ ضَمَانُهُ عَمَّا تَعَدَّى فِيهِ بِبَيْعِهِ وَتَسْلِيمِهِ وَلَا يَضْمَنُ ثَمَنَهُ لِانْتِفَاءِ تَعَدِّيهِ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّى بِسَفَرِهِ بِمَا وُكِّلَ فِيهِ وَبَاعَهُ فِيهِ ضَمِنَ ثَمَنَهُ وَإِنْ تَسَلَّمَهُ وَعَادَ مِنْ سَفَرِهِ فَيُسْتَثْنَى مِمَّا مَرَّ: أَيْ فِي قَوْلِهِ وَيَزُولُ ضَمَانُهُ عَمَّا تَعَدَّى إلَخْ (قَوْلُهُ نَقْدًا كَانَ أَوْ عَرَضًا) تَقَدَّمَ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الشَّرِكَةِ عِنْدَ الشَّارِحِ أَنَّ الْأَوْجَهَ امْتِنَاعُ الْبَيْعِ بِالْعَرَضِ مُطْلَقًا فَلْيُنْظَرْ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِنَاءً عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَا تَخَالُفَ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالنَّقْدِ فِي بَابِ الشَّرِكَةِ مَا ذَكَرَهُ هُنَا وَهُوَ مَا يَغْلِبُ التَّعَامُلُ بِهِ وَلَوْ عَرَضًا، وَعَلَيْهِ فَالْعَرَضُ الَّذِي يَمْتَنِعُ الْبَيْعُ بِهِ ثُمَّ مَا لَا يُتَعَامَلُ بِهِ مَثَلًا إذَا كَانَ أَهْلُ الْبَلَدِ يَتَعَامَلُونَ بِالْفُلُوسِ فَهِيَ نَقْدُهَا فَيَبِيعُ الشَّرِيكُ بِهَا دُونَ نَحْوِ الْقُمَاشِ.
نَعَمْ يُشْكِلُ عَلَى مَا فِي الشَّرِكَةِ جَوَازُ الْبَيْعِ هُنَا بِالْعَرَضِ حَيْثُ كَانَ الْمَقْصُودُ بِهِ التِّجَارَةَ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ مُتَعَلِّقَ الْوَكَالَةِ هُنَا مُعَيَّنٌ كَمَا لَوْ قَالَ: وَكَّلْتُك فِي بَيْعِ هَذَا الْعَبْدِ فَحَيْثُ كَانَ غَرَضُ الْبَائِعِ التِّجَارَةَ فِيهِ كَفَى مَا يَحْصُلُ الرِّبْحُ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ وَالشَّرِكَةُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مُتَعَلِّقُهَا خَاصًّا، بَلْ إمَّا نَوْعٌ مَخْصُوصٌ كَالْقُمَاشِ أَوْ مُطْلَقٌ مَا يُتَّجَرُ فِيهِ كَانَ الْغَرَرُ فِيهَا أَكْثَرَ فَاحْتِيطَ لَهَا (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ بِالْأَغْلَبِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ غَيْرُهُ أَنْفَعَ لِلْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ: فَبِالْأَنْفَعِ) هَذَا ظَاهِرٌ إنْ تَيَسَّرَ مَنْ يَشْتَرِي بِكُلٍّ مِنْهُمَا، فَلَوْ لَمْ يَجِدْ إلَّا مَنْ يَشْتَرِي بِغَيْرِ الْأَنْفَعِ فَهَلْ لَهُ الْبَيْعُ مِنْهُ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ. وَظَاهِرُ
[حاشية الرشيدي]
[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ بَعْدَ صِحَّتِهَا]
(فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ) (قَوْلُهُ: أَوْ عَرَضًا) لَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ فِي الشَّرِكَةِ مِنْ امْتِنَاعِ الْبَيْعِ بِالْعَرَضِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مُعَامَلَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute