للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهِ، وَصَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْزَلَهُمْ مَسْجِدَهُ سَنَةَ عَشْرٍ بَعْدَ نُزُولِ بَرَاءَةٍ سَنَةَ تِسْعٍ، وَنَاظَرَ فِيهِ أَهْلَ نَجْرَانَ مِنْهُمْ فِي أَمْرِ الْمَسِيحِ وَغَيْرِهِ (وَإِنْ) (مَرِضَ فِي غَيْرِهِ) أَيْ الْحَرَمِ (مِنْ الْحِجَازِ وَعَظُمَتْ الْمَشَقَّةُ فِي نَقْلِهِ) أَوْ خِيفَ نَحْوَ زِيَادَةِ مَرَضِهِ (تُرِكَ) تَقْدِيمًا لِأَعْظَمِ الضَّرَرَيْنِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَعْظُمْ (نُقِلَ) حَتْمًا لِحُرْمَةِ الْمَحَلِّ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ ذُكِرَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ يُنْقَلُ مُطْلَقًا، وَعَنْ الْجُمْهُورِ عَدَمُ ذَلِكَ مُطْلَقًا (فَإِنْ) (مَاتَ) فِيهِ (وَتَعَذَّرَ نَقْلُهُ) مِنْهُ لِنَحْوِ خَوْفِ تَغَيُّرٍ (دُفِنَ هُنَاكَ) لِلضَّرُورَةِ فَإِنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ نُقِلَ.

أَمَّا الْحَرْبِيُّ أَوْ الْمُرْتَدُّ فَلَا يَجْرِي ذَلِكَ فِيهِ لِجَوَازِ إغْرَاءِ الْكِلَابِ عَلَى جِيفَتِهِ، فَإِنْ آذَى رِيحُهُ غُيِّبَتْ جِيفَتُهُ.

(فَصْلٌ) (أَقَلُّ الْجِزْيَةِ) مِنْ غَنِيٍّ أَوْ فَقِيرٍ عِنْدَ قُوَّتِنَا (دِينَارٌ) خَالِصٌ مَضْرُوبٌ فَلَا يَجُوزُ الْعَقْدُ إلَّا بِهِ، وَإِنْ أَخَذَ قِيمَتَهُ وَقْتَ الْأَخْذِ (لِكُلِّ سَنَةٍ) لِخَبَرِ «خُذْ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ» أَيْ مُحْتَلِمٍ «دِينَارًا أَوْ عِدْلَهُ» : أَيْ مُسَاوِيَ قِيمَتِهِ، وَهُوَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا، وَتَقْوِيمُ عُمَرَ لِلدِّينَارِ بِاثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ قِيمَتَهُ إذْ ذَاكَ وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهَا.

أَمَّا عِنْدَ ضَعْفِنَا فَتَجُوزُ بِأَقَلَّ مِنْهُ إنْ اقْتَضَتْهُ مَصْلَحَةٌ ظَاهِرَةٌ، وَإِلَّا فَلَا، وَتَجِبُ بِالْعَقْدِ وَتَسْتَقِرُّ بِانْقِضَاءِ الزَّمَنِ بِشَرْطِ ذَبِّنَا عَنْهُمْ فِي جَمِيعِهِ حَيْثُ وَجَبَ، فَلَوْ مَاتَ أَوْ لَمْ يَذُبَّ عَنْهُمْ إلَّا أَثْنَاءَ السَّنَةِ وَجَبَ بِالْقِسْطِ كَمَا يَأْتِي. أَمَّا الْحَيُّ فَلَا نُطَالِبُهُ بِالْقِسْطِ أَثْنَاءَ السَّنَةِ، وَكَانَ قِيَاسُ الْقَوْلِ بِأَنَّهَا أُجْرَةُ مُطَالَبَتِهِ بِهِ لَوْلَا مَا طُلِبَ هُنَا مِنْ مَزِيدِ الرِّفْقِ بِهِمْ تَأَلُّفًا لَهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ

(وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ) عِنْدَ قُوَّتِنَا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ (مُمَاكَسَةٌ) أَيْ طَلَبُ زِيَادَةٍ عَلَى دِينَارٍ (حَتَّى) يَعْقِدَ بِأَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ كَدِينَارَيْنِ لِمُتَوَسِّطٍ وَأَرْبَعَةٍ لِغَنِيٍّ لِيَخْرُجَ مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ لَا يُجِيزُهَا إلَّا بِذَلِكَ بَلْ حَيْثُ أَمْكَنَتْهُ الزِّيَادَةُ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

(فَصْلٌ) أَقَلُّ الْجِزْيَةِ دِينَارٌ (قَوْلُهُ دِينَارٌ خَالِصٌ) وَالْمُرَادُ بِهِ الْمِثْقَالُ الشَّرْعِيُّ، وَيُسَاوِي الْآنَ نَحْوَ تِسْعِينَ نِصْفًا فِضَّةً وَأَكْثَرَ، وَالدِّينَارُ الْمُتَعَامَلُ بِهِ الْآنَ تَنْقُصُ زِنَتُهُ عَنْ الْمِثْقَالِ الشَّرْعِيِّ الرُّبْعَ، وَالْعِبْرَةُ بِالْمِثْقَالِ الشَّرْعِيِّ زَادَتْ قِيمَتُهُ أَوْ نَقَصَتْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَخَذَ قِيمَتَهُ) أَيْ جَازَ أَخْذُ قِيمَتِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ جَوَازِ الْوَجْهَيْنِ فِيهِ نَقْلٌ عَنْ بَعْضِ الْعَرَبِ، وَصَوَّبَ بَعْضُهُمْ فِي مِثْلِهِ الْفَتْحَ، وَفِي الْمُخْتَارِ بَعْدَ كَلَامٍ ذَكَرَهُ فِيهِ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ الْعَدْلُ بِالْفَتْحِ: مَا عَادَلَ الشَّيْءَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، وَالْعِدْلُ بِالْكَسْرِ: الْمِثْلُ، تَقُولُ عِنْدِي عِدْلُ غُلَامِكَ وَعِدْلُ شَاتِكَ إذَا كَانَ غُلَامًا يَعْدِلُ غُلَامًا أَوْ شَاةً تَعْدِلُ شَاةً، فَإِذَا أَرَدْتَ قِيمَتَهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ فَتَحْتَ الْعَيْنَ، وَرُبَّمَا كَسَرَهَا بَعْضُ الْعَرَبِ فَكَأَنَّهُ غَلَطٌ مِنْهُمْ اهـ وَعَلَيْهِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا مَبْنِيٌّ عَلَى هَذِهِ اللُّغَةِ.

(قَوْلُهُ: حَيْثُ وَجَبَ) أَيْ بِأَنْ كَانُوا بِبِلَادِنَا (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَذُبَّ) مِنْ بَابِ قَتَلَ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْحَيُّ فَلَا نُطَالِبُهُ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ لَنَا ذَلِكَ (قَوْلُهُ: تَأَلُّفًا لَهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ) أَيْ وَلِأَنَّهَا مُنَزَّلَةٌ مَنْزِلَةَ الْأُجْرَةِ الْمُعْتَبَرَةِ بِآخِرِ السَّنَةِ

(قَوْلُهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهَا أَمَّا عِنْدَ ضَعْفِنَا إلَخْ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي الْأَخْذِ بِأَنَّ مَحِلَّ الْجَوَازِ بِالْأَقَلِّ حَيْثُ لَمْ يَرْضَوْا بِأَكْثَرَ، وَهَذَا لَا يُنَافِي اسْتِحْبَابَ الْمُمَاكَسَةِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُجِيبُوا لِلْعَقْدِ بِأَكْثَرَ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يُجِيزُهَا إلَّا بِذَلِكَ) أَيْ بِالْأَرْبَعَةِ فِي الْغَنِيِّ وَبِدِينَارَيْنِ فِي الْمُتَوَسِّطِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

[فَصْلٌ فِي أَقَلُّ الْجِزْيَةِ]

فَصْلٌ) أَقَلُّ الْجِزْيَةِ دِينَارٌ (قَوْلُهُ: فَلَوْ مَاتَ) أَيْ أَثْنَاءَ السَّنَةِ (قَوْلُهُ: وَكَانَ قِيَاسُ الْقَوْلِ إلَخْ) وَلَا يُقَالُ: إنَّ قِيَاسَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالْعَقْدِ لِأَنَّ ذَاكَ فِي الْأُجْرَةِ الْحَالَّةِ وَالْجِزْيَةُ لَا تَكُونُ إلَّا مُقَسَّطَةً

(قَوْلُهُ: لِيَخْرُجَ مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ) هَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>