للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَبَعًا لِلْبَارِزِيِّ وَالْأَصْفُونِيِّ وَالنَّاشِرِيِّ وَالْفَقِيهِ عَلِيِّ بْنِ صَالِحٍ الْحَضْرَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ، لَكِنْ لَا يَحْصُلُ لَهُ الثَّوَابُ الْكَامِلُ الْمُرَتَّبُ عَلَى الْمَطْلُوبِ لَا سِيَّمَا مَنْ فَاتَهُ رَمَضَانُ وَصَامَ عَنْهُ شَوَّالًا لِأَنَّهُ لَمْ يَصْدُقْ عَلَيْهِ الْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمُ، وَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَيْضًا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ فَاتَهُ رَمَضَانُ وَصَامَ عَنْهُ شَوَّالًا أَنْ يَصُومَ سِتًّا مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ لِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ قَضَاءُ الصَّوْمِ الرَّاتِبِ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ قَصَدَ فِعْلَهَا بَعْدَ صَوْمِ شَوَّالٍ فَيَكُونُ صَارِفًا عَنْ حُصُولِهَا عَنْ السُّنَّةِ، فَسَقَطَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى إلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ صَوْمَهَا لَا يَحْصُلُ بِغَيْرِهَا، أَمَّا إذَا قُلْنَا بِحُصُولِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ فَلَا يُسْتَحَبُّ قَضَاؤُهَا، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ سِتَّةٌ بِإِثْبَاتِ التَّاءِ مَعَ حَذَفَ الْمَعْدُودِ لُغَةً، وَالْأَفْصَحُ حَذْفُهَا كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ، وَيُسَنُّ صَوْمُ آخِرِ كُلِّ شَهْرٍ كَمَا مَرَّ فِي صَوْمِ أَيَّامِ السُّودِ، فَإِنْ صَامَهَا أَتَى بِالسَّنَتَيْنِ، وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ صَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ فَإِنَّهُ آخِرُ شَهْرٍ لِتَقَدُّمِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ

(وَيُكْرَهُ) (إفْرَادُ) يَوْمِ (الْجُمُعَةِ) بِالصَّوْمِ لِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَصُمْ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إلَّا أَنْ يَصُومَ يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ يَوْمًا بَعْدَهُ» وَلِكَوْنِهِ يَوْمَ عِيدٍ، وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي كَرَاهَةِ إفْرَادِهِ بَيْنَ مَنْ يُرِيدُ اعْتِكَافَهُ وَغَيْرَهُ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَا يُرَاعَى خِلَافُ مَنْ مَنَعَ الِاعْتِكَافَ مَعَ الْفِطْرِ لِأَنَّ شَرْطَ رِعَايَةِ الْخِلَافِ أَنْ لَا يَقَعَ فِي مُخَالَفَةِ سُنَّةٍ صَحِيحَةٍ، وَلِيَتَقَوَّى بِفِطْرِهِ عَلَى الْوَظَائِفِ الْمَطْلُوبَةِ فِيهِ، وَمِنْ هُنَا خَصَّصَهُ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ نَقْلًا عَنْ الْمَذْهَبِ بِمَنْ يَضْعُفُ بِهِ عَنْ الْوَظَائِفِ، لَكِنْ يَرُدُّهُ مَا مَرَّ مِنْ نَدْبِ فِطْرِ عَرَفَةَ وَلَوْ لِمَنْ لَمْ يَضْعُفْ بِهِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الصَّوْمِ الضَّعْفَ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّ كَرَاهَةَ صَوْمِهِ لَيْسَتْ ذَاتِيَّةً بَلْ لِأَمْرٍ عَارِضٍ، وَيُؤَيِّدُهُ انْعِقَادُ نَذْرِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي النُّذُورِ وَيُقَاسُ بِهِ الْيَوْمَانِ الْآخَرَانِ إذْ لَا تَخْتَصُّ كَرَاهَةُ الْإِفْرَادِ بِالْجُمُعَةِ (وَإِفْرَادُ السَّبْتِ) أَوْ الْأَحَدِ بِالصَّوْمِ كَذَلِكَ بِجَامِعِ أَنَّ الْيَهُودَ تُعَظِّمُ الْأَوَّلَ وَالنَّصَارَى تُعَظِّمُ الثَّانِي فَقَصَدَ الشَّارِعُ بِذَلِكَ مُخَالَفَتَهُمْ، وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ إذَا لَمْ يُوَافِقْ إفْرَادُ كُلِّ يَوْمٍ مِنْ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ عَادَةً لَهُ وَإِلَّا كَأَنْ كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا أَوْ يَصُومُ عَاشُورَاءَ أَوْ عَرَفَةَ فَوَافَقَ يَوْمَ صَوْمِهِ فَلَا كَرَاهَةَ كَمَا فِي صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ. ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ أَفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِخِلَافِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّشْبِيهِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ إفْرَادُهَا بِنَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ وَقَضَاءٍ وَخَرَجَ بِإِفْرَادِ مَا لَوْ صَامَ أَحَدُهُمَا مَعَ يَوْمٍ قَبْلَهُ أَوْ يَوْمٍ بَعْدَهُ فَلَا كَرَاهَةَ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ إذْ لَمْ يَذْهَبْ أَحَدٌ مِنْهُمْ لِتَعْظِيمِ الْمَجْمُوعِ، وَقَضِيَّةُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: فَلَا يُسْتَحَبُّ قَضَاؤُهَا) وَبِتَقْدِيرِ الْقَضَاءِ فَهَلْ يُثَابُ ثَوَابَ الْفَرْضِ عَلَى الْجَمِيعِ كَمَا لَوْ صَامَ رَمَضَانَ وَأَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ قَالَ سم فِيهِ نَظَرٌ. أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ حُصُولُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْقَضَاءَ يَحْكِي الْأَدَاءَ. وَنُقِلَ عَنْ الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ بِالدَّرْسِ أَنَّهُ يُثَابُ عَلَى السِّتَّةِ ثَوَابَ النَّفْلِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ ثَوَابَ الْفَرْضِ فِي الْخَبَرِ مُقَيَّدٌ بِكَوْنِهَا مِنْ شَوَّالٍ وَهَذِهِ لَيْسَتْ مِنْهُ

(قَوْلُهُ: وَيُقَاسُ بِهِ الْيَوْمَانِ) وَهُمَا السَّبْتُ وَالْأَحَدُ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّشْبِيهِ) هُوَ قَوْلُهُ كَمَا فِي صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ إفْرَادُهَا) أَيْ الْجُمُعَةِ وَالسَّبْتِ وَالْأَحَدِ (قَوْلُهُ: فَلَا كَرَاهَةَ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ) بَقِيَ مَا لَوْ عَزَمَ عَلَى صَوْمِ الْجُمُعَةِ وَالسَّبْتِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ قَصَدَ فِعْلَهَا بَعْدَ صَوْمِ شَوَّالَ) قَدْ يُقَالُ: هَلَّا أَبْقَى كَلَامَ وَالِدِهِ عَلَى إطْلَاقِهِ مَعَ أَنَّ وَجْهَهُ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ يَبْعُدُ وُقُوعُ الصَّوْمِ عَنْ الْمَتْبُوعِ وَهُوَ رَمَضَانُ وَالتَّابِعُ وَهِيَ سِتُّ شَوَّالٍ مَعًا وَتَفُوتُ التَّبَعِيَّةُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهَا فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَأَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ» فَتَأَمَّلْ.

[إفْرَادُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِالصَّوْمِ]

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ شُرُوطَ رِعَايَةِ الْخِلَافِ) كَذَا فِي النُّسَخِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ وَلَعَلَّ الْوَاوَ زَائِدَةٌ مِنْ الْكَتَبَةِ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَإِفْرَادُ السَّبْتِ) إنَّمَا أَعَادَ لَفْظَ إفْرَادِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ إرَادَةُ إفْرَادِ مَجْمُوعِ الْجُمُعَةِ وَالسَّبْتِ (قَوْلُهُ: بِجَامِعِ أَنَّ الْيَهُودَ إلَخْ) هَذَا جَامِعٌ لِقِيَاسِ الْأَحَدِ عَلَى السَّبْتِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَصُومُ عَاشُورَاءَ أَوْ عَرَفَةَ فَوَافَقَ يَوْمَ صَوْمِهِ) فِي هَذَا الْعَطْفِ تَسَاهُلٌ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ مَدْخُولِ الْعَادَةِ وَلَيْسَ مُرَادًا (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالْإِفْرَادِ مَا لَوْ صَامَ أَحَدُهُمَا) أَيْ السَّبْتَ وَالْأَحَدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>