للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَيِّتَ لَا يُخْتَنُ وَإِنْ كَانَ بَالِغًا لِأَنَّهُ جُزْءٌ فَلَا يَنْقَطِعُ كَيَدِهِ الْمُسْتَحَقَّةِ فِي قَطْعِ سَرِقَةٍ، أَوْ قَوَدٍ وَجَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ وَالْعُبَابِ بِحُرْمَةِ ذَلِكَ أَيْ وَإِنْ عَصَى بِتَأْخِيرِهِ ثُمَّ مَحَلُّ كَرَاهَةِ إزَالَةِ شَعْرِهِ مَا لَمْ تَدْعُ حَاجَةٌ إلَيْهِ وَإِلَّا كَأَنْ لَبَّدَ شَعْرُ رَأْسِهِ، أَوْ لِحْيَتِهِ بِصِبْغٍ، أَوْ نَحْوِهِ، أَوْ كَانَ بِهِ قُرُوحٌ مَثَلًا وَجَمُدَ دَمُهَا بِحَيْثُ لَا يَصِلُ الْمَاءُ إلَى أُصُولِهِ إلَّا بِإِزَالَتِهِ وَجَبَتْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ فِي قُوتِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ

فَصْلٌ فِي تَكْفِينِ الْمَيِّتِ وَحَمْلِهِ وَتَوَابِعِهِمَا

(يُكَفَّنُ) الْمَيِّتُ بَعْدَ طُهْرِهِ (بِمَا) أَيْ بِشَيْءٍ مِنْ جِنْسِ مَا يَجُوزُ (لَهُ لُبْسُهُ حَيًّا) فَيَجُوزُ تَكْفِينُ الْمَرْأَةِ وَغَيْرِ الْمُكَلَّفِ مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ فِي الْحَرِيرِ وَالْمُزَعْفَرِ وَالْمُعَصْفَرِ مَعَ الْكَرَاهَةِ، بِخِلَافِ الْخُنْثَى وَالْبَالِغِ فَيَمْتَنِعُ تَكْفِينُهُمَا فِي الْمُزَعْفَرِ وَالْحَرِيرِ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِمَا لَا الْمُعَصْفَرِ، وَلَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ تَكْفِينُ قَرِيبِهِ الذِّمِّيِّ فِيمَا يَمْتَنِعُ تَكْفِينُ الْمُسْلِمِ فِيهِ، وَلَوْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

يَكُنْ فِي عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا لَمْ يُوَافِقْ قَوَاعِدَ الشَّرْعِ (قَوْلُهُ: وَجَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ وَالْعُبَابِ بِحُرْمَةِ ذَلِكَ) هَلْ وَلَوْ لَمْ يُمْكِنْ غَسْلُ مَا تَحْتَ الْقُلْفَةِ إلَّا بِقَطْعِهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي مِنْ وُجُوبِ حَلْقِ الشَّعْرِ الْمُتَلَبِّدِ وُجُوبُهُ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ هَذَا جَزٌّ وَالِانْتِهَاكُ فِي قَطْعِهِ أَكْثَرُ مِنْ إزَالَةِ الشَّعْرِ فَلْيُرَاجَعْ وَعِبَارَةُ حَجّ: وَمِنْ ثَمَّ حَرُمَ خَتْنُهُ وَإِنْ عَصَى بِتَأْخِيرِهِ أَوْ تَعَذَّرَ غَسْلُ مَا تَحْتَ قُلْفَتِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، وَعَلَيْهِ فَيُمِّمَ عَمَّا تَحْتَهَا اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ أَوْ تَعَذَّرَ إلَخْ: أَيْ وَإِنْ وَجَبَ إزَالَةُ شَيْءٍ يُمْنَعُ الْغُسْلُ، وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ م ر اهـ.

ثُمَّ مَا ذُكِرَ ظَاهِرٌ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ تَحْتَ قُلْفَتِهِ نَجَاسَةٌ. أَمَّا إذَا كَانَ تَحْتَهَا ذَلِكَ فَلَا يُيَمَّمُ عَلَى مُعْتَمَدِ الشَّارِحِ بَلْ يُدْفَنُ حَالًا مِنْ غَيْرِ تَيَمُّمٍ وَلَا صَلَاةٍ وَعَلَى مَا قَالَهُ حَجّ مِنْ أَنَّهُ يَصِحُّ التَّيَمُّمُ عَنْ النَّجَاسَةِ إذَا تَعَذَّرَتْ إزَالَتُهَا يُمِّمَ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ، وَبَقِيَ عَلَيْهِ مَا لَوْ وُجِدَ تُرَابٌ لَا يَكْفِي الْمَيِّتَ وَالْحَيَّ فَهَلْ يُقَدَّمُ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ بَلْ الْمُتَعَيِّنُ تَقْدِيمُ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ إذَا يُمِّمَ بِهِ الْمَيِّتُ يُصَلِّي عَلَيْهِ الْحَيُّ صَلَاةَ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ، وَإِذَا يُمِّمَ بِهِ الْحَيُّ لَا يُصَلِّي بِهِ عَلَى الْمَيِّتِ لِعَدَمِ طَهَارَتِهِ، فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي تَيَمُّمِ الْحَيِّ بِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا بِإِزَالَتِهِ وَجَبَتْ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ انْشَقَّ جَوْفُهُ وَكَثُرَ خُرُوجُ النَّجَاسَةِ مِنْهُ وَلَمْ يُمْكِنْ قَطْعُ ذَلِكَ إلَّا بِخِيَاطَةِ الْفَتْقِ، فَيَجِبُ وَيَنْبَغِي جَوَازُ ذَلِكَ إذَا تَرَتَّبَ عَلَى عَدَمِ الْخِيَاطَةِ مُجَرَّدُ خُرُوجِ أَمْعَائِهِ وَإِنْ أَمْكَنَ غُسْلُهُ؛ لِأَنَّ فِي خُرُوجِهَا هَتْكًا لِحُرْمَتِهِ وَالْخِيَاطَةُ تَمْنَعُهُ. وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَ بِبَدَنِ الْمَيِّتِ طُبُوعٌ يَمْنَعُ مِنْ وُصُولِ الْمَاءِ فَهَلْ تَجِبُ إزَالَةُ الشَّعْرِ حِينَئِذٍ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي قِيَاسًا عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ فِي بَابِ الْوُضُوءِ مِنْ أَنَّهُ يُعْفَى عَنْ الطُّبُوعِ فِي الْحَيِّ وَيُكْتَفَى بِغَسْلِ الشَّعْرِ، وَإِنْ مَنَعَ الطُّبُوعُ وُصُولَ الْمَاءِ إلَى الْبَشَرَةِ، وَلَا يَجِبُ التَّيَمُّمُ عَنْهُ خِلَافًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ، وَلَكِنَّ الشَّارِحَ خَصَّ ذَلِكَ ثُمَّ بِالشَّعْرِ الَّذِي فِي إزَالَتِهِ مُثْلَةٌ كَاللِّحْيَةِ، أَمَّا غَيْرُهُ كَشَعْرِ الْإِبْطِ وَالْعَانَةِ فَتَجِبُ إزَالَتُهُ، وَاَلَّذِي يَنْبَغِي هُنَا الْعَفْوُ بِالنِّسْبَةِ لِجَمِيعِ الشُّعُورِ؛ لِأَنَّ فِي إزَالَةِ الشَّعْرِ مِنْ الْمَيِّتِ هَتْكًا لِحُرْمَتِهِ فِي جَمِيعِ الْبَدَنِ.

(فَصْلٌ) فِي تَكْفِينِ الْمَيِّتِ

(قَوْلُهُ: بَعْدَ طُهْرِهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ كُفِّنَ قَبْلَ طُهْرِهِ ثُمَّ صُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ لِغُسْلِهِ لَمْ يَجُزْ وَلَكِنَّهُ يُعْتَدُّ بِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ كَوْنَهُ بَعْدَ طُهْرِهِ أَوْلَى فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فِي الْحَرِيرِ وَالْمُزَعْفَرِ) أَيْ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ فِي اللِّبَاسِ وَهُوَ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الْمُزَعْفَرُ عُرْفًا (قَوْلُهُ: مَعَ الْكَرَاهَةِ) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْحَرِيرِ وَالْمُزَعْفَرِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا الْمُعَصْفَرِ) أَيْ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ

ــ

[حاشية الرشيدي]

[فَصْلٌ فِي تَكْفِينِ الْمَيِّتِ وَحَمْلِهِ وَتَوَابِعِهِمَا]

فَصْلٌ) فِي تَكْفِينِ الْمَيِّتِ إِلَخْ

<<  <  ج: ص:  >  >>