مَضَى مِنْ وَقْتِ الْعُلُوقِ فَتَأْخُذُهُ وَلِمَا بَقِيَ (يَوْمًا بِيَوْمٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٦] (وَقِيلَ) إنَّمَا يَجِبُ دَفْعُ ذَلِكَ (حَتَّى تَضَعَ) لِلشَّكِّ فِيهِ.
وَرُدَّ بِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمُ وَلَوْ قَبْلَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ (وَلَا تَسْقُطُ) مُؤَنُ الْعِدَّةِ (بِمُضِيِّ الزَّمَانِ) (عَلَى الْمَذْهَبِ) وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا لِلْحَمْلِ إذْ هِيَ الْمُنْتَفِعَةُ بِهَا، وَقِيلَ إنْ قُلْنَا إنَّهَا لَهَا لَمْ تَسْقُطْ أَوْ لِلْحَمْلِ سَقَطَتْ لِأَنَّهَا نَفَقَةُ قَرِيبٍ.
(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ الْإِعْسَارِ بِمُؤَنِ الزَّوْجَةِ إذَا (أَعْسَرَ) الزَّوْجُ (بِهَا) أَيْ النَّفَقَةِ (فَإِنْ صَبَرَتْ) زَوْجَتُهُ وَلَمْ تَمْنَعْهُ تَمَتُّعًا مُبَاحًا (صَارَتْ) كَسَائِرِ الْمُؤَنِ مَا سِوَى الْمَسْكَنِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ إمْتَاعٌ (دَيْنًا عَلَيْهِ) وَإِنْ لَمْ يَفْرِضْهَا حَاكِمٌ لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ التَّمْكِينِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَصْبِرْ ابْتِدَاءً أَوْ انْتِهَاءً بِأَنْ صَبَرَتْ ثُمَّ عَنَّ لَهَا الْفَسْخُ كَمَا سَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ (فَلَهَا الْفَسْخُ) بِالطَّرِيقِ الْآتِي (عَلَى الْأَظْهَرِ) لِخَبَرِ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيِّ فِي الرَّجُلِ لَا يَجِدُ شَيْئًا يُنْفِقُ عَلَى امْرَأَتِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، وَقَضَى بِهِ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ.
وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ: إنَّهُ مِنْ السُّنَّةِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْفَسْخِ بِنَحْوِ الْعُنَّةِ، وَلَا فَسْخَ لَهَا بِعَجْزِهِ عَنْ نَفَقَةٍ مَاضِيَةٍ أَوْ عَنْ نَفَقَةِ خَادِمٍ، نَعَمْ تَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ، وَذَكَرَ الْأَذْرَعِيُّ بَحْثًا مَنْ تُخْدَمُ لِنَحْوِ مَرَضٍ فَإِنَّهَا فِي ذَلِكَ كَالْقَرِيبِ.
وَالثَّانِي لَا فَسْخَ لَهَا لِعُمُومِ {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: ٢٨٠] وَقِيَاسًا عَلَى الْإِعْسَارِ بِالصَّدَاقِ بَعْدَ الدُّخُولِ (وَالْأَصَحُّ أَنْ لَا فَسْخَ بِمَنْعِ مُوسِرٍ) أَوْ مُتَوَسِّطٍ كَمَا يُفْهِمُهُ قَوْلُهُ الْآتِي وَإِنَّمَا إلَى آخِرِهِ (حَضَرَ أَوْ غَابَ) لِانْتِفَاءِ الْإِعْسَارِ الْمُثْبِتِ لِلْفَسْخِ وَهِيَ مُتَمَكِّنَةٌ مِنْ خَلَاصِ حَقِّهَا فِي الْحَاضِرِ بِالْحَاكِمِ بِأَنْ يَلْزَمَهُ بِالْحَبْسِ وَغَيْرِهِ، وَفِي الْغَائِبِ يَبْعَثُ الْحَاكِمُ إلَى بَلَدِهِ.
وَالثَّانِي نَعَمْ لِحُصُولِ الضَّرَرِ بِالْإِعْسَارِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَنْ تَعَذَّرَ تَحْصِيلُهَا مِنْهُ لِغَيْبَتِهِ وَإِنْ طَالَتْ وَانْقَطَعَ خَبَرُهُ، فَقَدْ صَرَّحَ فِي الْأُمِّ بِأَنَّهُ لَا فَسْخَ مَا دَامَ مُوسِرًا وَإِنْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ وَتَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ النَّفَقَةِ مِنْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ إذَا تَبَيَّنَ عَدَمُهُ اسْتَرَدَّ لِأَنَّهُ أَدَّى عَلَى ظَنٍّ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ، وَبَقِيَ مَا لَوْ ادَّعَتْ سُقُوطَ الْحَمْلِ هَلْ تَصْدُقُ هِيَ أَوْ الزَّوْجُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ عُمِلَ بِهَا، وَإِلَّا صَدَقَ الزَّوْجُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: فَتَأْخُذُهُ) أَيْ دَفْعَةً.
[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْإِعْسَارِ بِمُؤَنِ الزَّوْجَةِ]
(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ الْإِعْسَارِ بِمُؤَنِ الزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ: بِمُؤَنِ الزَّوْجَةِ) أَرَادَ بِهَا مَا يَشْمَلُ الْمَهْرَ وَكَتَبَ أَيْضًا حَفِظَهُ اللَّهُ: قَوْلُهُ بِمُؤَنِ الزَّوْجَةِ: أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَالْخُرُوجِ لِتَحْصِيلِ النَّفَقَةِ مُدَّةَ الْإِمْهَالِ (قَوْلُهُ: مَا سِوَى الْمَسْكَنِ) أَيْ وَالْخَادِمِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فَلَهَا الْفَسْخُ) وَبَحَثَ مَرَّ الْفَسْخَ بِالْعَجْزِ عَمَلًا لَا بُدَّ مِنْهُ مِنْ الْفُرُشِ بِأَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَى عَدَمِهِ الْجُلُوسُ وَالنَّوْمُ عَلَى الْبَلَاطِ وَالرُّخَامِ الْمُضِرِّ، وَمِنْ الْأَوَانِي كَاَلَّذِي يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ نَحْوُ الشُّرْبِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: إنَّهُ مِنْ السُّنَّةِ) أَيْ مِنْ الطَّرِيقَةِ الْمَأْخُوذَةِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا أَنَّ ذَلِكَ مَنْدُوبٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ جَلِيٌّ (قَوْلُهُ نَعَمْ تَثْبُتُ) أَيْ نَفَقَةُ الْخَادِمِ وَمَحَلُّهُ حَيْثُ كَانَ ثَمَّ خَادِمٌ وَصَبَرَ بِهَا أَوْ اقْتَرَضَتْ لَهُ، أَمَّا لَوْ مَضَتْ مُدَّةٌ مِنْ غَيْرِ اسْتِخْدَامٍ فَلَا شَيْءَ لَهَا لِمَا مَرَّ أَنَّ الْخَادِمَ إمْتَاعٌ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا فِي ذَلِكَ كَالْقَرِيبِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ مُطْلَقًا مَا لَمْ يَفْرِضْهَا الْقَاضِي وَيَأْذَنُ لَهَا فِي اقْتِرَاضِهَا وَتَقْتَرِضُهَا وَأَنَّ نَفَقَةَ خَادِمَةِ مَنْ تُخْدَمُ فِي بَيْتِ أَبِيهَا لَا تَسْقُطُ مُطْلَقًا، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ إنَّهَا إمْتَاعٌ أَنَّ نَفَقَةَ الْخَادِمِ مُطْلَقًا إنْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ الْإِعْسَارِ بِمُؤَنِ الزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ: مَا سِوَى الْمَسْكَنِ) أَيْ وَالْخَادِمِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ الْأَذْرَعِيُّ بَحْثًا إلَخْ.) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ