للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

«مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» حَدِيثٌ شَرِيفٌ " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ بَابُ قَاطِعِ الطَّرِيقِ أَيْ أَحْكَامِهِمْ، وَقَطْعُهُ هُوَ الْبُرُوزُ لِأَخْذِ مَالٍ أَوْ لِقَتْلٍ أَوْ إرْهَابٍ مُكَابَرَةً اعْتِمَادًا عَلَى الشَّوْكَةِ مَعَ الْبُعْدِ عَنْ الْغَوْثِ كَمَا سَيَأْتِي.

وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة: ٣٣] الْآيَةَ، قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ: إنَّمَا نَزَلَتْ فِي قُطَّاعِ الطَّرِيقِ لَا فِي الْكُفَّارِ، وَاحْتَجُّوا لَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} [المائدة: ٣٤] الْآيَةَ، إذْ الْمُرَادُ التَّوْبَةُ عَنْ قَطْعِ الطَّرِيقِ وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ الْكُفَّارَ لَكَانَتْ تَوْبَتُهُمْ بِإِسْلَامِهِمْ، وَهُوَ دَافِعٌ لِلْعُقُوبَةِ قَبْلَ الْقُدْرَةِ وَبَعْدَهَا (هُوَ مُسْلِمٌ) لَا حَرْبِيٌّ لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ أَحْكَامَنَا وَلَا مُعَاهِدٌ وَمُؤْمِنٌ، أَمَّا الذِّمِّيُّ فَيَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ قَطْعِ الطَّرِيقِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي الْإِشْرَافِ وَصَرَّحَ بِهِ الشَّافِعِيُّ.

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَشْتَرِطُوا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

[بَابُ قَاطِعِ الطَّرِيقِ]

ِ لَعَلَّ الْحِكْمَةَ فِي تَعْقِيبِهِ لِمَا قَبْلَهُ مُشَارَكَتُهُ لِلسَّرِقَةِ فِي أَخْذِ مَالِ الْغَيْرِ وَوُجُوبِ الْقَطْعِ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ أَحْكَامِهِمْ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْإِضَافَةَ فِي الْقَاطِعِ لِلْجِنْسِ، فَتَصْدُقُ بِالتَّعَدُّدِ هُوَ الْمُرَادُ (قَوْلُهُ: وَقَطْعُهُ) أَيْ الطَّرِيقِ، وَقَوْلُهُ هُوَ: أَيْ شَرْعًا (قَوْلُهُ: أَوْ إرْهَابٍ) أَيْ خَوْفٍ (قَوْلُهُ: مَعَ الْبُعْدِ عَنْ الْغَوْثِ) أَيْ وَلَوْ حُكْمًا كَمَا لَوْ دَخَلُوا دَارًا وَمَنَعُوا أَهْلَهَا الِاسْتِغَاثَةَ (قَوْلُهُ: وَلَا مُعَاهِدٌ) عَطَفَهُ عَلَى الْحَرْبِيِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَنْ لَا عَهْدَ لَهُ وَلَا أَمَانَ، وَعَلَيْهِ فَالذِّمِّيُّ قَسِيمُ الْحَرْبِيِّ، وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ، وَمَنْ أَدْخَلَ الْمُعَاهِدَ وَالْمُؤَمَّنَ فِي الْحَرْبِيِّ أَرَادَ بِهِ مَا عَدَا الذِّمِّيَّ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُعَاهِدِ وَالْمُؤَمَّنِ لَمَّا كَانَ إنَّمَا يَبْقَى مُدَّةً مُعَيَّنَةً كَانَ عَهْدُهُ كَلَا عَهْدٍ (قَوْلُهُ: أَمَّا الذِّمِّيُّ) قَسِيمُ قَوْلِهِ لَا حَرْبِيٌّ إلَخْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

كِتَابِ قَاطِعِ الطَّرِيقِ (قَوْلُهُ: أَيْ أَحْكَامُهُ) قَدْ يُقَالُ: الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِأَنَّ الْكِتَابَ لَيْسَ مَقْصُورًا عَلَى ذِكْرِ الْأَحْكَامِ بَلْ فِيهِ بَيَانُ حَقِيقَتِهِ وَمُحْتَرِزَاتِهِ بَلْ هُوَ الَّذِي صَدَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ، وَلَيْسَ هَذَا التَّفْسِيرُ فِي التُّحْفَةِ، وَفِي نُسْخَةٍ: أَيْ أَحْكَامُهُمْ بِضَمِيرِ الْجَمْعِ، وَوَجْهُهَا أَنَّ قَاطِعَ اسْمُ جِنْسٍ مُضَافٍ كَعَبْدِ الْبَلَدِ (قَوْلُهُ: مَعَ الْبُعْدِ عَنْ الْغَوْثِ) اُنْظُرْ هَلْ يَشْمَلُ هَذَا مَا يَأْتِي فِيمَنْ دَخَلَ دَارَ أَحَدٍ وَمَنَعَهُ الِاسْتِغَاثَةَ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ أَحْكَامَنَا) كَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُهُ عَنْ الْمُعَاهَدِ وَالْمُؤَمَّنِ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إلَخْ) عِبَارَةُ وَالِدِ الشَّارِحِ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي الْإِشْرَافِ: قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>