للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّوْعِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ مِنْ الْأَنْوَاعِ بِمَحَلِّهِ حَيْثُ أَتَى بِهِ جَوَابًا عَنْ اعْتِرَاضٍ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ هَذِهِ الْكَيْفِيَّاتِ لَيْسَتْ هِيَ الصَّلَاةُ وَإِنَّمَا تُفْعَلُ عَلَى هَذِهِ الْكَيْفِيَّاتِ عِنْدَ وُجُودِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، وَقَوْلُهُ بِمَحِلِّهِ الْبَاءُ فِيهِ بِمَعْنَى مَعَ، أَوْ بِمَعْنَى فِي وَهُوَ (أَنْ يَلْتَحِمَ الْقِتَالُ) بَيْنَ الْقَوْمِ وَلَمْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ تَرْكِهِ، وَهَذَا كِنَايَةٌ عَنْ شِدَّةِ اخْتِلَاطِهِمْ بِحَيْثُ يَلْتَصِقُ لَحْمُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ، أَوْ يُقَارِبُ الْتِصَاقَهُ أَوْ عَنْ اخْتِلَاطِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ كَاشْتِبَاكِ لُحْمَةِ الثَّوْبِ بِالسَّدَى (أَوْ يَشْتَدُّ الْخَوْفُ) وَإِنْ لَمْ يَلْتَحِمْ الْقِتَالُ بِأَنْ لَمْ يَأْمَنُوا أَنْ يَحْمِلَ الْعَدُوُّ عَلَيْهِمْ لَوْ وَلَّوْا وَانْقَسَمُوا (فَيُصَلِّي) كُلٌّ مِنْهُمْ (كَيْفَ أَمْكَنَ رَاكِبًا وَمَاشِيًا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: ٢٣٩] وَلَا يَجُوزُ لَهُمْ إخْرَاجُ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا (وَيُعْذَرُ) كُلٌّ مِنْهُمْ (فِي تَرْكِ) اسْتِقْبَالِ (الْقِبْلَةِ) عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ بِسَبَبِ الْعُذْرِ لِلضَّرُورَةِ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ عُمَرَ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ: مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةَ وَغَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا. قَالَ نَافِعٌ: لَا أَرَاهُ إلَّا مَرْفُوعًا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، بَلْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: إنَّ ابْنَ عُمَرَ رَوَاهُ عَنْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

السَّهْمِ مَثَلًا لَيْسَتْ مُحَقَّقَةً، وَأَيْضًا فَمَا هُنَا نَادِرٌ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ مِنْ الْأَنْوَاعِ بِمَحَلِّهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ عَمِيرَةُ.

يَعْنِي أَنَّهُ ذَكَرَ النَّوْعَ وَمَحَلَّهُ، وَقَالَ هُنَا بِمَحَلِّهِ، وَقَالَ فِيمَا سَلَفَ مَا يُذْكَرُ كَأَنَّهُ مُجَرَّدُ تَفَنُّنٍ اهـ.

وَهُوَ أَوْلَى مِنْ جَوَابِ الشَّارِحِ

(قَوْلُهُ: بِأَنَّ هَذِهِ الْكَيْفِيَّاتِ) قَضِيَّةُ الِاعْتِرَاضِ بِمَا ذُكِرَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ ذَكَرَ الْكَيْفِيَّةَ، وَلَيْسَ مُرَادٌ، فَإِنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَ سَبَبَ الصَّلَاةِ بِالْكَيْفِيَّةِ الْآتِيَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَعْنَى فِي) وَهُوَ الْأَوْضَحُ وَالْأَوْفَقُ بِمَا قَدَّمَهُ مِنْ قَوْلِهِ فِي مَحَلِّ هَذَا النَّوْعِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَهُوَ أَنْ يَلْتَحِمَ) أَيْ مَحَلُّ النَّوْعِ (قَوْلُهُ بِالسَّدَى) بِالْفَتْحِ وَالْقَصْرِ فِي الْمِصْبَاحِ، وَقَوْلُهُ لَحْمَةٌ بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّهَا لُغَةٌ، وَهَذَا عَكْسُ اللُّحْمَةِ بِمَعْنَى الْقَرَابَةِ، وَأَمَّا اللَّحْمُ مِنْ الْحَيَوَانِ فَجَمْعُهُ لُحُومٌ وَلُحْمَانٌ بِالضَّمِّ وَلِحَامٌ بِالْكَسْرِ اهـ مِصْبَاحٌ.

أَيْضًا بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: رَاكِبًا وَمَاشِيًا) أَيْ وَلَوْ مُومِيًا بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ عَجَزَ عَنْهُمَا كَمَا سَيَأْتِي: أَيْ وَيَكُونُ السُّجُودُ أَخْفَضَ مِنْ الرُّكُوعِ وَظَاهِرُهُ الِاكْتِفَاءُ بِأَقَلِّ إيمَاءٍ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى أَزْيَدَ مِنْهُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ فِي تَكْلِيفِ زِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ مَشَقَّةً، وَرُبَّمَا يُفَوِّتُ الِاشْتِغَالُ بِهَا تَدْبِيرَ أَمْرِ الْحَرْبِ فَيَكْفِي فِيهِ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ إيمَاءٌ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ هُنَا سَنُّ إعَادَتِهَا وَلَوْ عَلَى الْهَيْئَةِ الَّتِي فَعَلَهَا أَوَّلًا، وَانْظُرْ هَلْ هُوَ كَذَلِكَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ.

وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّهَا صَلَاةُ ضَرُورَةٍ فَلَا تُجَوِّزْهَا ثَانِيًا لِمُجَرَّدِ حُصُولِ سُنَّةِ الْإِعَادَةِ.

نَعَمْ يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ التَّرَدُّدِ حَيْثُ فَعَلَهَا مَعَ الْأَفْعَالِ الْكَثِيرَةِ، أَمَّا لَوْ خَلَتْ عَنْ ذَلِكَ فَلَا يَبْعُدُ سَنُّ الْإِعَادَةِ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَكَذَا الْأَعْمَالُ الْكَثِيرَةُ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ) وَالْمُرَادُ بِهِ مَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ مِنْ خَوْفِ هُجُومِ الْعَدُوِّ لَوْ اسْتَقْبَلُوا (قَوْلُهُ: وَقَدْ قَالَ بْنُ عُمَرَ) أَيْ فِي مَقَامِ تَفْسِيرِ الْآيَةِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ جَعَلَهُ مَعْنَى الْآيَةِ (قَوْلُهُ: لَا أَرَاهُ) أَيْ لَا أَظُنُّ قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ إلَّا مَرْفُوعًا.

ــ

[حاشية الرشيدي]

الَّذِي يَجُوزُ الِاسْتِسْلَامُ فِيهِ لِلْمُسْلِمِ إيثَارًا لِلشَّهَادَةِ فَلْيُرَاجَعْ.

[النَّوْعُ الرَّابِعِ أَنْ يَلْتَحِمَ الْقِتَالُ بَيْنَ الْقَوْمِ وَلَمْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ تَرْكِهِ]

(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ مِنْ الْأَنْوَاعِ بِمَحَلِّهِ) قَدْ يُقَالُ: لَوْ كَانَ هَذَا غَرَضُهُ لَأَتَى بِهِ فِي أَوَّلِ الْأَنْوَاعِ، وَيُجَابُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الشِّهَابِ الْبُرُلُّسِيِّ بِأَنَّهُ أَتَى بِنَظِيرِ هَذَا الْجَوَابِ فِيمَا مَرَّ مِنْ الْأَنْوَاعِ، لَكِنْ بِغَيْرِ هَذَا التَّعْبِيرِ تَفَنُّنًا فِي الْعِبَارَةِ، عَلَى أَنَّ الَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّ الشَّارِحَ الْجَلَالَ إنَّمَا أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى دَفْعِ مَا قَدْ يُقَالُ إنَّ الْمُصَنِّفَ لِمَ لَمْ يُعَنْوِنْ عَنْ النَّوْعِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا بِلَفْظِ الثَّالِثِ فَكَيْفَ يَتَأَتَّى لَهُ التَّعْبِيرُ هُنَا بِالرَّابِعِ، وَوَجْهُ الدَّفْعِ أَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَابِعًا بِاللَّفْظِ فَهُوَ رَابِعٌ بِالْمَحَلِّ، فَالظَّرْفُ مُتَعَلِّقٌ بِالرَّابِعِ وَالْبَاءُ فِيهِ عَلَى حَدِّ الْبَاءِ فِي قَوْلِهِمْ: الْأَوَّلُ بِالذَّاتِ وَالثَّانِي بِالْعَرَضِ، وَالشِّهَابُ حَجّ أَشَارَ إلَى هَذَا إلَّا أَنَّهُ قَدَّرَ لِلظَّرْفِ مُتَعَلِّقًا خَارِجِيًّا وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ أَقْعَدُ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ هَذِهِ الْكَيْفِيَّاتِ) كَانَ الْأَصْوَبُ أَنْ يَقُولَ بِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ، أَوْ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْكَيْفِيَّاتِ هُنَا الْأَشْيَاءُ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ، بِخِلَافِ لَفْظِ الْكَيْفِيَّاتِ الْآتِي، وَعَلَيْهِ فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ، وَإِنَّمَا تُفْعَلُ رَاجِعٌ لِلصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى مَعَ) لَا يُنَاسِبُ مَا أَسْلَفَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>