للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي يَدِهِ، وَلَوْ أَقَرَّ لَهُ بِعَبْدٍ فَأَنْكَرَهُ لَمْ يُحْكَمْ بِعِتْقِهِ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِرِقِّهِ فَلَا يُرْفَعُ إلَّا بِيَقِينٍ، بِخِلَافِ اللَّقِيطِ فَإِنَّهُ مَحْكُومٌ بِحُرِّيَّتِهِ بِالدَّارِ، فَإِذَا أَقَرَّ وَنَفَاهُ الْمُقَرُّ لَهُ بَقِيَ عَلَى أَصْلِ الْحُرِّيَّةِ، وَلَوْ أَقَرَّ لَهُ بِأَحَدِ عَبْدَيْنِ وَعَيَّنَهُ فَرَدَّهُ وَعَيَّنَ الْآخَرَ لَمْ يُقْبَلْ فِيمَا عَيَّنَهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَصَارَ مُكَذِّبًا لِلْمُقِرِّ فِيمَا عَيَّنَهُ لَهُ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي الرُّكْنِ الثَّالِثِ مُتَرْجِمًا لَهُ بِفَصْلٍ فَقَالَ: فَصْلٌ فِي الصِّيغَةِ وَشَرْطُهَا لَفْظٌ أَوْ كِتَابَةٌ وَلَوْ مِنْ نَاطِقٍ أَوْ إشَارَةُ أَخْرَسَ تُشْعِرُ بِالِالْتِزَامِ بِحَقٍّ فَحِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: لِزَيْدٍ) عَلَيَّ أَلْفٌ فِيمَا أَحْسِبُ أَوْ أَظُنُّ لَغْوٌ، أَوْ فِيمَا أَعْلَمُ أَوْ أَشْهَدُ صَحِيحٌ، وَقَوْلُهُ لَيْسَ لَك عَلَيَّ أَلْفَانِ وَلَكِنْ لَك أَلْفُ دِرْهَمٍ لَمْ يَجِبْ مَا بَعْدُ لَكِنْ لِمُنَاقَضَةِ مَا قَبْلَهَا لَهَا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ نَفْيِ خَاصٍّ وَقَوْلُهُ لِزَيْدٍ (كَذَا صِيغَةُ إقْرَارٍ) إذْ اللَّامُ لِلْمِلْكِ، ثُمَّ إنْ كَانَ ذَلِكَ مُعَيَّنًا كَلِزَيْدٍ هَذَا الثَّوْبُ فَإِنْ كَانَ بِيَدِهِ حَالَ الْإِقْرَارِ أَوْ انْتَقَلَ إلَيْهِ لَزِمَهُ تَسْلِيمُهُ لِزَيْدٍ أَوْ غَيْرِهِ كَلَهُ ثَوْبٌ أَوْ أَلْفٌ اشْتَرَطَ أَنْ يَنْضَمَّ إلَيْهِ شَيْءٌ مِمَّا يَأْتِي كَعِنْدِي أَوْ عَلَيَّ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ خَبَرٍ لَا يَقْتَضِي لُزُومَ شَيْءٍ لِلْمُخْبِرِ، وَلِهَذَا التَّفْصِيلِ ذَكَرَ كَوْنَهُ صِيغَةً وَلَمْ يَذْكُرْ اللُّزُومَ.

نَعَمْ إنْ وَصَلَ بِهِ مَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْإِقْرَارِ كَلَهُ عَلَيَّ كَذَا بَعْدَ مَوْتِي أَوْ إنْ فَعَلَ كَذَا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَالثَّانِيَةُ مَأْخُوذَةٌ مِمَّا يَأْتِي فِي نَحْوِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ تَعْقِيبِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَصْلٌ) فِي الصِّيغَةِ

(قَوْلُهُ: فِي الصِّيغَةِ) لَعَلَّ وَجْهَ تَأْخِيرِهَا إلَى هُنَا تَقَدُّمُ كُلٍّ مِنْ الْمُقِرِّ وَالْمَقَرِّ لَهُ عَلَيْهَا وَابْتَدَأَ بِهَا فِي الْمَنْهَجِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْبَيْعِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ كَوْنُ الْعَاقِدِ عَاقِدًا إلَّا بِالصِّيغَةِ فَهِيَ مُتَأَخِّرَةٌ بِالْوُجُودِ مُتَقَدِّمَةٌ فِي الِاعْتِبَارِ (قَوْلُهُ: وَشَرْطُهَا لَفْظٌ) أَيْ كَوْنُهَا لَفْظًا وَإِلَّا فَاللَّفْظُ هُوَ ذَاتُ الصِّيغَةِ، وَالْمُرَادُ بِاللَّفْظِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ صَرِيحًا أَوْ كِنَايَةً (قَوْلُهُ: تُشْعِرُ) أَيْ الْمَذْكُورَاتُ مِنْ اللَّفْظِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِيمَا أَحْسِبُ أَوْ أَظُنُّ لَغْوٌ) أَيْ لِعَدَمِ إشْعَارِهِمَا بِالْإِلْزَامِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ لَك إلَخْ) عِبَارَةُ حَجّ: وَلَوْ قَالَ لَيْسَ لَك عَلَيَّ شَيْءٌ بَدَلَ أَلْفَانِ وَالتَّنَاقُضُ عَلَيْهَا قَرِيبٌ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ مَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ: لِمُنَاقَضَةِ مَا قَبْلَهَا لَهَا) قَدْ يَدْفَعُ مَا ذَكَرَ بِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِكَلَامٍ فِي جُمْلَتَيْنِ عَمِلَ بِمَا يَضُرُّهُ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَاتَانِ الْجُمْلَتَانِ بِمَنْزِلَةِ جُمْلَةٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّ لَكِنْ بِمَنْزِلَةِ إلَّا الِاسْتِثْنَائِيَّة وَمَعَ ذَلِكَ فِيهِ شَيْءٌ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُعَلِّلَ بِمِثْلِ مَا عَلَّلَ بِهِ سم وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ: لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفَانِ لَكِنْ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ بِمَنْزِلَةِ لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةٌ وَاللَّازِمُ فِيهَا خَمْسَةٌ فَقَطْ؛ لِأَنَّ عَشَرَةً إلَّا خَمْسَةً هِيَ خَمْسَةٌ فَكَانَ قَوْلُهُ: لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَخْ كَقَوْلِهِ لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ خَمْسَةٌ وَقَوْلُهُ: لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفَانِ إلَخْ بِمَنْزِلَةِ لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ، وَمَعَ هَذَا قَالَ سم: قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةٌ، وَقَوْلُهُ لَيْسَ لَهُ أَلْفَانِ لَكِنْ لَهُ أَلْفٌ انْتَهَى. قَالَ: وَهُوَ الْأَقْرَبُ.

أَقُولُ: وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ آحَادَ الْعَشَرَةِ تُسْتَثْنَى مِنْهَا عُرْفًا فِي الِاسْتِعْمَالِ، وَيُقَالُ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا وَاحِدًا مَثَلًا، وَالْأَلْفُ لَا تُسْتَثْنَى مِنْ الْأَلْفَيْنِ فَمَا فَوْقَهَا بَلْ يُقَالُ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ أَوْ لَهُ عَلَيَّ أَلْفَانِ بِدُونِ اسْتِثْنَاءٍ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَقَوْلُهُ هِيَ بِمَعْنَى أَوْ أَيْ الْوَاوُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

[فَصْلٌ فِي صِيغَةِ الْإِقْرَارُ]

فَصْلٌ) فِي الصِّيغَةِ.

(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَك عَلَيَّ شَيْءٌ وَلَكِنْ لَك أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَخْ) كَذَا فِي هَذِهِ النُّسْخَةِ وَفِي النُّسْخَةِ الَّتِي كَتَبَ عَلَيْهَا الشَّيْخُ مَا نَصُّهُ وَلَوْ قَالَ لَك عَلَيَّ أَلْفَيْنٍ وَلَكِنْ لَك عَلَيَّ أَلْفٌ إلَخْ، وَكَأَنَّ الشَّارِحَ أَصْلَحَ عَلَيْهِ النُّسْخَةَ بَعْدَ أَنْ كَانَ تَبِعَ التُّحْفَةَ لِقَوْلِ الشِّهَابِ سم لَا يَخْفَى إشْكَالُهُ وَمُخَالَفَتُهُ لِقَوْلِهِمْ الْآتِي فِي فَصْلِ الِاسْتِثْنَاءِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ إلَّا خَمْسَةٌ لَزِمَهُ خَمْسَةٌ إلَى أَنْ قَالَ نَعَمْ لَوْ قَالَ لَيْسَ لَك عَلَيَّ أَلْفَيْنٍ وَلَكِنْ لَك عَلَيَّ أَلْفٌ كَانَ عَدَمُ الْوُجُوبِ مُمْكِنًا؛ لِأَنَّهُ مِثْلُ لَيْسَ لَك عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةٌ وَسَيَأْتِي فِيهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ لَيْسَ لَك عَلَيَّ خَمْسَةٌ.

قَالَ: وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ وَلَعَلَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>