للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ انْفَصَلَ الْحَمْلُ مَيِّتًا فَلَا شَيْءَ لَهُ لِلشَّكِّ فِي حَيَاتِهِ، فَيَسْأَلُ الْقَاضِي الْمُقِرَّ حِسْبَةً عَنْ جِهَةِ إقْرَارِهِ مِنْ إرْثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ لِيَصِلَ الْحَقُّ لِمُسْتَحِقِّهِ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ بَطَلَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ، وَغَيْرُهُ وَلَوْ أَلْقَتْ حَيًّا وَمَيِّتًا جُعِلَ الْمَالَ لِلْحَيِّ إذْ الْمَيِّتُ كَالْمَعْدُومِ، وَلَوْ قَالَ: لِهَذَا الْمَيِّتِ عَلَيَّ كَذَا فَفِي الْبَحْرِ عَنْ وَالِدِهِ أَنَّ ظَاهِرَ لَفْظِ الْمُخْتَصَرِ يَقْتَضِي صِحَّةَ الْإِقْرَارِ وَأَنَّهُ يُمْكِنُ الْقَطْعُ بِالْبُطْلَانِ لِأَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ لَا يُتَصَوَّرُ ثُبُوتُ الْمِلْكِ لَهُ حِينَ الْإِقْرَارِ اهـ. وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ.

وَالْإِقْرَارُ لِرِبَاطٍ أَوْ قَنْطَرَةٍ أَوْ مَسْجِدٍ كَالْإِقْرَارِ لِلْحَمْلِ، أَمَّا إذَا أَسْنَدَهُ لِمُمْكِنٍ بَعْدَ الْإِقْرَارِ فَيَصِحُّ جَزْمًا كَمَا لَوْ أَقَرَّ لِطِفْلٍ وَأَطْلَقَ.

وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ عَدَمُ تَكْذِيبِ الْمُقَرِّ لَهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ (وَإِذَا) (كَذَّبَ الْمُقَرُّ لَهُ الْمُقِرَّ) بِمَالٍ (تُرِكَ الْمَالُ) الْمُقَرُّ بِهِ (فِي يَدِهِ) فِي صُورَةِ الْعَيْنِ وَلَمْ يُطَالَبْ بِالدَّيْنِ فِي صُورَتِهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ يَدَهُ مُشْعِرَةٌ بِالْمِلْكِ ظَاهِرًا، وَالْإِقْرَارُ بِالطَّارِئِ عَارَضَهُ التَّكْذِيبُ فَسَقَطَ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ يَدَهُ تَبْقَى عَلَيْهِ يَدَ مِلْكٍ لَا مُجَرَّدَ اسْتِحْفَاظٍ، وَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ حُرْمَةِ وَطْئِهِ لِإِقْرَارِهِ بِتَحْرِيمِهِ عَلَيْهِ بَلْ قَالَ: يَنْبَغِي تَحْرِيمُ جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ حَتَّى يَرْجِعَ يُرَدُّ بِأَنَّ التَّعَارُضَ الْمَذْكُورَ أَوْجَبَ لَهُ الْعَمَلَ بِدَوَامِ الْمِلْكِ ظَاهِرًا فَقَطْ، وَأَمَّا بَاطِنًا فَالْمَدَارُ فِيهِ عَلَى صِدْقِهِ وَعَدَمِهِ وَلَوْ ظَنًّا، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ مَا ذَكَرَهُ بِإِطْلَاقِهِ، وَالثَّانِي يَنْزِعُهُ الْحَاكِمُ وَيَحْفَظُهُ إلَى ظُهُورِ مَالِكِهِ (فَإِنْ رَجَعَ الْمُقِرُّ فِي حَالِ تَكْذِيبِهِ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ (وَقَالَ غَلِطْت) فِي الْإِقْرَارِ أَوْ تَعَمَّدْت الْكَذِبَ (قُبِلَ قَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ) لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ يَدَهُ عَلَيْهِ يَدُ مِلْكٍ.

وَالثَّانِي لَا بِنَاءَ عَلَى أَنَّ الْحَاكِمَ يَنْزِعُهُ مِنْهُ إلَى ظُهُورِ مَالِكِهِ، أَمَّا رُجُوعُ الْمُقَرِّ لَهُ وَإِقَامَةُ بَيِّنَةٍ بِهِ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ حَتَّى يُصَدِّقَهُ ثَانِيًا لِأَنَّ نَفْيَهُ عَنْ نَفْسِهِ بِطَرِيقِ الْمُطَالَبَةِ وَنَفْيَ الْمُقِرِّ بِطَرِيقِ الِالْتِزَامِ فَكَانَ أَضْعَفَ، وَلَوْ أَقَرَّتْ لَهُ امْرَأَةٌ بِالنِّكَاحِ وَأَنْكَرَ سَقَطَ حَقُّهُ، قَالَ الْمُتَوَلِّي: حَتَّى لَوْ رَجَعَ بَعْدُ وَادَّعَى نِكَاحَهَا لَمْ تُسْمَعْ مَا لَمْ يَدَّعِ نِكَاحًا مُجَدَّدًا.

وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ لِهَذَا الِاسْتِثْنَاءِ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي صِحَّةِ إقْرَارِ الْمَرْأَةِ بِالنِّكَاحِ تَصْدِيقُ الزَّوْجِ لَهَا فَاحْتِيطَ لَهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَلَوْ أَقَرَّ لِآخَرَ بِقِصَاصِ أَوْ حَدِّ قَذْفٍ وَكَذَّبَهُ سَقَطَ وَكَذَا حَدُّ سَرِقَةٍ وَفِي الْمَالِ مَا مَرَّ مِنْ كَوْنِهِ يُتْرَكُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: فَيُسْأَلُ الْقَاضِي) أَيْ وُجُوبًا فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: لِيَصِلَ الْحَقُّ لِمُسْتَحِقِّهِ) وَهُوَ وَرَثَةُ أَبِي الْحَمْلِ إنْ قَالَ: أَسْتَحِقُّهُ بِإِرْثٍ، وَوَرَثَةُ الْمُوصِي إنْ قَالَ بِوَصِيَّةٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ مَاتَ) أَيْ الْمُقِرُّ (قَوْلُهُ: فَفِي الْبَحْرِ) أَيْ لِلرُّويَانِيِّ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ) أَيْ فَيُدْفَعُ الْمُقَرُّ بِهِ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ، وَالْأَوَّلُ هُوَ قَوْلُهُ يَقْتَضِي صِحَّةَ الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ: كَالْإِقْرَارِ لِلْحَمْلِ) أَيْ فَيَأْتِي فِيهِ تَفْصِيلُهُ الْمُتَقَدِّمُ.

(قَوْلُهُ: وَإِذَا كَذَّبَ الْمُقَرُّ لَهُ) زَادَ حَجّ أَوْ وَارِثُهُ (قَوْلُهُ: بِمَالٍ) وَمِثْلُ الْمَالِ الِاخْتِصَاصُ، وَلَوْ أَقَرَّ لَهُ بِمُوجِبِ عُقُوبَةٍ وَرَدَّ لَا يَسْتَوْفِي مِنْهُ فَالتَّقْيِيدُ بِالْمَالِ إنَّمَا هُوَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ تَرَكَ الْمَالَ إلَخْ، وَإِلَّا فَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ عَدَمُ التَّكْذِيبِ مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ بَيَّنَ لِتَكْذِيبِهِ وَجْهًا مُحْتَمَلًا، وَقِيَاسُ نَظَائِرِهِ أَنْ تُسْمَعَ دَعْوَاهُ وَبَيِّنَتُهُ إنْ بَيَّنَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: حَتَّى يُصَدِّقَهُ) أَيْ الْمُقِرُّ، وَقَوْلُهُ وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ لِهَذَا الِاسْتِثْنَاءِ هُوَ قَوْلُهُ مَا لَمْ يَدَّعِ نِكَاحًا، وَقَوْلُهُ وَكَذَّبَهُ: أَيْ الْمُقَرُّ لَهُ، وَقَوْلُهُ لَمْ يُقْبَلْ فِيمَا عَيَّنَهُ: أَيْ الْمُقَرُّ لَهُ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَبِهَذَا يُعْلَمُ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ مَا سَيَأْتِي فِي دَارِي الَّتِي وَرَثْتُهَا مِنْ أَبِي لِفُلَانٍ، وَإِنْ تَوَقَّفَ الشِّهَابُ سم فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا

(قَوْلُهُ: بَعْدَ الْإِقْرَارِ) مُتَعَلِّقٌ بِ أَسْنَدَهُ، وَعِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ: وَالْقَوْلَانِ إذَا أَطْلَقَ وَلَمْ يُبَيِّنْ بَعْدُ أَمَّا إذَا بَيَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ وَجْهًا صَحِيحًا عُمِلَ بِهِ بِلَا خِلَافٍ اهـ. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ أَقَرَّ لِطِفْلٍ وَأَطْلَقَ) أَيْ: فَيَصِحُّ جَزْمًا

(قَوْلُهُ: وَنَفْيُ الْمُقِرِّ) أَيْ عَنْ نَفْسِهِ: يَعْنِي الَّذِي تَضَمَّنَهُ إقْرَارُهُ لِلْغَيْرِ إذْ يَلْزَمُ مِنْ إقْرَارِهِ بِهِ لِلْغَيْرِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ (قَوْلُهُ: فَكَانَ أَضْعَفَ) أَيْ فَلِهَذَا قَبِلْنَا رُجُوعَهُ (قَوْلُهُ: لِهَذَا الِاسْتِثْنَاءِ) يَعْنِي الْمُشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ مَا لَمْ يَدَّعِ نِكَاحًا مُجَدَّدًا، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ إلَخْ، وَالتَّعْبِيرُ بِالِاسْتِثْنَاءِ عَلَيْهَا ظَاهِرٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>