وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْ الْفَرْضِ بِطُرُوِّ ذَلِكَ لَهُ فِيهِ إلَّا إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ حُصُولُ ضَرَرٍ بِكَتْمِهِ يُبِيحُ التَّيَمُّمَ فَلَهُ حِينَئِذٍ الْخُرُوجُ مِنْهُ وَتَأْخِيرُهُ عَنْ الْوَقْتِ، وَالْعِبْرَةُ فِي كَرَاهَةِ ذَلِكَ بِوُجُودِهِ عِنْدَ التَّحَرُّمِ، وَيَلْحَقُ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ مَا لَوْ عَرَضَ لَهُ قَبْلَ التَّحَرُّمِ، وَعُلِمَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ يَعُودُ لَهُ فِي أَثْنَائِهَا (أَوْ بِحَضْرَةِ) بِتَثْلِيثِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ (طَعَامٍ) مَأْكُولٍ أَوْ مَشْرُوبٍ (يَتُوقُ) بِالْمُثَنَّاةِ أَيْ يَشْتَاقُ (إلَيْهِ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ " لَا صَلَاةَ " أَيْ كَامِلَةً " بِحَضْرَةِ طَعَامٍ وَلَا، وَهُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ " بِالْمُثَلَّثَةِ: أَيْ الْبَوْلُ وَالْغَائِطُ وَتَوَقَانُ النَّفْسِ فِي غَيْبَةِ الطَّعَامِ بِمَنْزِلَةِ حُضُورِهِ إنْ رَجَى حُضُورَهُ عَنْ قُرْبٍ كَمَا قَيَّدَ بِهِ فِي الْكِفَايَةِ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ ابْنِ دَقِيقٍ الْعِيدِ، وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالتَّوْقِ يُفْهِمُ أَنَّهُ يَأْكُلُ مَا يَزُولُ بِهِ ذَلِكَ، لَكِنَّ الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِي الْأَعْذَارِ الْمُرَخِّصَةِ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ أَنَّهُ يَأْكُلُ حَاجَتَهُ بِكَمَالِهَا، وَهُوَ الْأَقْرَبُ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ الْوَقْتُ مُتَّسِعًا.
(وَ) يُكْرَهُ (أَنْ) (يَبْصُقَ) فِي صَلَاتِهِ أَوْ خَارِجَهَا، وَهُوَ بِالصَّادِ وَالزَّايِ وَالسِّينِ (قِبَلَ وَجْهِهِ) لَكِنْ حَيْثُ كَانَ مَنْ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ مُسْتَقْبِلًا كَمَا بَحَثَ بَعْضُهُمْ تَقْيِيدَ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ مُتَّجِهًا لِلْقِبْلَةِ إكْرَامًا لَهَا (أَوْ عَنْ يَمِينِهِ) لِصِحَّةِ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ بَلْ يَبْصُقُ عَنْ يَسَارِهِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي غَيْرِ مَسْجِدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَمَّا فِيهِ فَبُصَاقُهُ عَنْ يَمِينِهِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ يَسَارِهِ، وَإِنَّمَا كُرِهَ الْبُصَاقُ عَنْ الْيَمِينِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ الْآتِي يُبِيحُ التَّيَمُّمَ قَدْ يَقْتَضِي خِلَافَهُ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيمَا يُؤَدِّي إلَى خُرُوجِ الْوَقْتِ بَيْنَ حُصُولِهِ فِيهَا أَوْ لَا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْ الْفَرْضِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْ الْفَرْضِ) خَرَجَ بِهِ النَّفَلُ فَلَا يَحْرُمُ الْخُرُوجُ مِنْهُ، وَإِنْ نَذَرَ إتْمَامَ كُلِّ نَفْلٍ دَخَلَ فِيهِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْإِتْمَامِ لَا يُلْحِقُهُ بِالْفَرْضِ، وَيَنْبَغِي كَرَاهَتُهُ عِنْدَ طُرُوُّ ذَلِكَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: مَا لَوْ عَرَضَ لَهُ قَبْلَ التَّحَرُّمِ) أَيْ فَرَدَّهُ وَعَلِمَ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِالْمُثَنَّاةِ) أَيْ تَحْتَ وَفَوْقَ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: وَالنَّفْسُ أُنْثَى إنْ أُرِيدَ بِهَا الرُّوحُ قَالَ تَعَالَى {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [النساء: ١] ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الشَّخْصُ فَمُذَكَّرٌ، وَجَمْعُ النَّفْسِ أَنْفُسٌ وَنُفُوسٌ مِثْلُ فَلْسٍ وَأَفْلُسٍ وَفُلُوسٍ. اهـ.
(قَوْلُهُ: أَيْ يَشْتَاقُ إلَيْهِ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَدَّ جُوعُهُ وَلَا عَطَشُهُ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرُوهُ فِي الْفَاكِهَةِ، وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعَصْرِ التَّقْيِيدُ بِالشَّدِيدَيْنِ فَاحْذَرْهُ. وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ قَوْلُهُ: تَتُوقُ شَامِلٌ لِمَنْ لَيْسَ بِهِ جُوعٌ وَعَطَشٌ، وَهُوَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْفَوَاكِهِ وَالْمَشَارِبِ اللَّذِيذَةِ قَدْ تَتُوقُ النَّفْسُ إلَيْهَا مِنْ غَيْرِ جُوعٍ وَلَا عَطَشٍ، بَلْ لَوْ لَمْ يَحْضُرْ ذَلِكَ وَحَصَلَ التَّوَقَانُ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: أَيْ كَامِلَةَ) يَجُوزُ نَصْبُهُ صِفَةً لِصَلَاةَ وَرَفْعُهُ صِفَةً لَهَا بِالنَّظَرِ لِلْمَحَلِّ، وَقَوْلُهُ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ خَبَرٌ، وَقَوْلُهُ: وَهُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ فِيهِ أَنَّ الْوَاوَ لَا تَدْخُلُ عَلَى الْخَبَرِ، وَلَا عَلَى الصِّفَةِ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ عِنْدَهُمْ إلَّا أَنْ تُجْعَلَ جُمْلَةً، وَهُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ حَالًا وَيُقَدَّرُ الْخَبَرُ كَامِلَةً: أَيْ لَا صَلَاةَ كَامِلَةَ حَالَ مُدَافَعَةِ الْأَخْبَثَيْنِ. (قَوْلُهُ: إنْ رَجَى حُضُورَهُ عَنْ قُرْبٍ) أَيْ بِحَيْثُ لَا يَفْحُشُ مَعَهُ التَّأْخِيرُ، وَإِنْ كَانَ تَهَيُّؤُهُ لِلْأَكْلِ إنَّمَا يَتَأَتَّى بَعْدَ مُدَّةٍ قَلِيلَةٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَقْرَبُ) قَالَ ع بَعْدَ مِثْلِ مَا ذُكِرَ: وَأَمَّا مَا تَأَوَّلَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ مِنْ أَنَّهُ يَأْكُلُ لُقَمًا يَكْسِرُ بِهَا سَوْرَةَ الْجُوعِ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: كَلَامُهُ هَذَا يُخَالِفُ الْأَصْحَابَ، وَجَعَلَ الْعُذْرَ قَائِمًا إلَى الشِّبَعِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ بَقَاءُ الْكَرَاهَةِ فِي مَسْأَلَتِنَا إلَى الشِّبَعِ: يَعْنِي مَسْأَلَةَ الْكِتَابِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا. وَوَجْهُ عَدَمِ اللُّزُومِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تَنْقَطِعَ الْكَرَاهَةُ بَعْدَ تَنَاوُلِ مَا يَكْسِرُ سَوْرَةَ الْجُوعِ، وَإِنْ طَلَبَ مِنْهُ اسْتِيفَاءَ الشِّبَعِ، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ طَلَبِ اسْتِيفَائِهِ اسْتِمْرَارُ الْكَرَاهَةِ بَعْدَ أَكْلِ اللُّقَمِ. انْتَهَى. (قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ الْوَقْتُ مُتَّسِعًا) أَيْ بِأَنْ يَسَعَهَا كُلَّهَا أَدَاءً بَعْدَ فَرَاغِ الْأَكْلِ.
(قَوْلُهُ: مَنْ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ) مُسْتَقْبِلًا: أَيْ خِلَافًا لحج - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: عَنْ يَمِينِهِ أَوْلَى) أَيْ فِي كُمِّهِ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ حُرْمَةِ الْبُصَاقِ فِي الْمَسْجِدِ. لَا يُقَالُ: لِمَ قَدَّمَ الْيَمِينَ عَلَى جِهَةِ الْوَجْهِ فِي هَذِهِ
[حاشية الرشيدي]
[الصَّلَاةُ حَاقِنًا بِالْبَوْلِ أَوْ حَاقِبًا بِالْغَائِطِ أَوْ حَازِقًا لِلرِّيحِ]
(قَوْلُهُ: أَيْ يَشْتَاقُ) تَفْسِيرٌ مُرَادٌ مِنْ التَّوْقِ وَإِلَّا فَهُوَ شِدَّةُ الشَّوْقِ.
[كَرَاهَة البصق فِي الصَّلَاةِ أَوْ خَارِجَهَا قِبَلَ وَجْهِهِ أَوْ عَنْ يَمِينِهِ]
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ يَسَارِهِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute