وَالْوَزْنِ وَالشَّكْلِ وَالصَّفَاءِ وَاجْتِمَاعُ هَذِهِ الْأُمُورِ نَادِرٌ، وَخَرَجَ بِالْكِبَارِ وَهِيَ مَا تُطْلَبُ لِلزِّينَةِ الصِّغَارُ وَهِيَ مَا تُطْلَبُ لِلتَّدَاوِي: أَيْ غَالِبًا وَضَبَطَهُ الْجُوَيْنِيُّ بِسُدُسِ دِينَارٍ، وَلَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ مِنْ كَثْرَةِ وُجُودِ كِبَارِهِ فِي زَمَنِهِمْ، أَمَّا الْآنَ فَهَذَا لَا يُطْلَبُ إلَّا لِلزِّينَةِ لَا غَيْرُ، فَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ لِعِزَّتِهِ (وَجَارِيَةٍ) وَلَوْ قَلَّتْ صِفَاتُهَا كَزِنْجِيَّةٍ (وَأُخْتِهَا) أَوْ عَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا (أَوْ وَلَدِهَا) أَوْ شَاةٍ وَسَخْلَتِهَا لِنُدْرَةِ اجْتِمَاعِهِمَا مَعَ الصِّفَاتِ الْمُشْتَرَطَةِ وَبِذَلِكَ عُلِمَ عَدَمُ الصِّحَّةِ فِي إوَزَّةٍ وَأَفْرَاخِهَا أَوْ دَجَاجَةٍ كَذَلِكَ وَلَوْ مَعَ ذِكْرِ الْعَدَدِ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ إذْ يَعِزُّ وُجُودُ الْأُمِّ وَأَوْلَادِهَا مَعَ مَا مَرَّ، عَلَى أَنَّ ذَلِكَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِمْ: حُكْمُ الْبَهِيمَةِ وَوَلَدِهَا حُكْمُ الْجَارِيَةِ وَوَلَدِهَا، وَإِنَّمَا صَحَّ شَرْطُ نَحْوَ الْكِتَابَةِ مَعَ نُدْرَةِ اجْتِمَاعِهَا مَعَ تِلْكَ الصِّفَاتِ لِسُهُولَةِ تَحْصِيلِهَا بِالتَّعَلُّمِ، وَيَصِحُّ فِي الْبَلُّورِ لَا الْعَقِيقِ لِاخْتِلَافِ أَحْجَارِهِ.
[فَرْعٌ يَصِحُّ] السَّلَمُ (فِي الْحَيَوَانِ) لِثُبُوتِهِ فِي الذِّمَّةِ قَرْضًا فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اقْتَرَضَ بَكْرًا» وَقِيسَ عَلَى الْقَرْضِ السَّلَمُ وَعَلَى الْبَكْرِ غَيْرُهُ مِنْ بَقِيَّةِ الْحَيَوَانِ، وَرَوَى أَبُو دَاوُد «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنْ يَأْخُذَ بَعِيرًا بِبَعِيرَيْنِ إلَى أَجَلٍ» وَهَذَا سَلَمٌ لَا قَرْضٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الْأَجَلِ وَالْفَضْلِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قِيلَ كُبَارٌ بِالضَّمِّ مُخَفَّفًا، وَمِثْلُهُ طُوَالٌ بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: وَضَبَطَهُ) أَيْ الصِّغَرَ، وَقَوْلُهُ: بِسُدُسِ دِينَارٍ: أَيْ وَقَدْرُ ذَلِكَ اثْنَتَا عَشْرَةَ شَعِيرَةً (قَوْلُهُ: كَزِنْجِيَّةٍ) بِفَتْحِ الزَّايِ وَكَسْرِهَا اهـ مُخْتَارٌ: وَهِيَ مِثَالٌ لِمَا قَلَّتْ صِفَاتُهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ لَوْنَ الزِّنْجِ لَا يَخْتَلِفُ، فَالصِّفَاتُ الْمُعْتَبَرَةُ فِيهَا هِيَ الطُّولُ وَنَحْوُهُ دُونَ اللَّوْنِ.
(قَوْلُهُ: وَأُخْتُهَا) أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي مَحَلٍّ يَكْثُرُ وُجُودُهُمَا فِيهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ لِنُدْرَةِ اجْتِمَاعِهِمَا إلَخْ، وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الشَّوْبَرِيِّ عَلَى الْمَنْهَجِ نَصُّهَا: قَالَ فِي الْإِيعَابِ بَعْدَ كَلَامٍ قَرَّرَهُ: وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا بَيْنَ بَلَدٍ يَكْثُر فِيهِ الْجَوَارِي وَأَوْلَادُهُمْ بِالصِّفَةِ الْمَشْرُوطَةِ كَبِلَادِ السُّودَانِ وَأَنَّ لَا، خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ حَمْلًا لِلنَّصِّ بِالْمَنْعِ عَلَى بَلَدٍ لَا يَكْثُرُ فِيهِ ذَلِكَ اهـ.
وَكُتِبَ عَلَيْهِ أَيْضًا: اُنْظُرْهُ مَعَ مَا تَقَدَّمَ فِي الرُّطَبِ فِي الشِّتَاءِ عِنْدَ قَوْلِهِ لِانْتِفَاءِ الْوُثُوقِ إنْ كَانَ انْتِفَاءُ الْوُثُوقِ لِلنُّدْرَةِ فَلِمَ غَايَرَ فِي تَعْلِيلِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ، فَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ فَمَا هُوَ، وَهَلَّا عَلَّلَ فِيهَا بِالنُّدْرَةِ أَيْضًا تَأَمَّلْ، وَقَدْ يَخْتَارُ الْأَوَّلَ وَإِنَّمَا غَايَرَ لِأَنَّ النُّدْرَةَ فِي الْأُولَى ذَاتِيَّةٌ وَفِي الثَّانِيَةِ عَدَمِيَّةٌ بِاعْتِبَارِ مَا عَرَضَ مَعَهُ تَأَمَّلْ اهـ بِحُرُوفِهِ.
هَذَا وَقَدْ يُقَالُ كَثْرَةُ وُجُودِ الْإِمَاءِ فِي بِلَادِ السُّودَانِ مَعَ أَوْلَادِهِنَّ لَا تَسْتَلْزِمُ وُجُودَ الصِّفَةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الْأَوْلَادِ مَعَ الصِّفَةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الْأُمِّ، مَثَلًا إذَا وَصَفَ الْأُمَّ بِأَنَّهَا بِنْتُ عِشْرِينَ سَنَةً مَعَ كَوْنِ طُولِهَا كَذَا وَقَدِّهَا كَذَا وَوَصَفَ الْبِنْتَ بِأَنَّهَا بِنْتُ خَمْسِ سِنِينَ مَثَلًا وَأَنَّهَا بِصِفَةِ كَذَا عَزَّ اجْتِمَاعُ الصِّفَتَيْنِ فِيهِمَا فَلَا يُتَصَوَّرُ وُجُودُ ذَلِكَ إلَّا فِي الْفَرْدِ النَّادِرِ، وَهُوَ غَيْرُ كَافٍ فِي صِحَّةِ السَّلَمِ (قَوْلُهُ: لَا الْعَقِيقِ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ.
[السَّلَمُ فِي الْحَيَوَانِ]
(قَوْلُهُ: فَرْعٌ يَصِحُّ السَّلَمُ) الْغَرَضُ مِنْ هَذَا الْفَرْعِ تَفْصِيلُ الصِّفَاتِ فَقَطْ لَا بَيَانُ الصِّحَّةِ لِأَنَّهَا عُلِمَتْ مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ: فِي الْحَيَوَانِ) أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا، قَالَ حَجّ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْحَيَوَانِ: أَيْ غَيْرِ الْحَامِلِ اهـ.
وَلَعَلَّهُ لِعِزَّةِ الْوُجُودِ بِالصِّفَةِ الَّتِي يَذْكُرُهَا كَمَا مَرَّ فِي تَعْلِيلِ الْمَنْعِ فِي جَارِيَةٍ وَبِنْتِهَا، أَوْ أَنَّهُ بِالتَّنْصِيصِ عَلَى الْحَمْلِ صَيَّرَهُ مَقْصُودًا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ بَاعَهَا وَحَمَلَهَا وَهُوَ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ: أَمَرَ عَبْدَ اللَّهِ) عِبَارَةُ حَجّ: أَمَرَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ اهـ: فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ سَقَطَ مِنْ الْقَلَمِ لَفْظَةُ ابْنَ فَلْيُرَاجَعْ، وَلَفْظُ أَبِي دَاوُد: «عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَهُ أَنْ يُجَهِّزَ جَيْشًا، فَنَفِدَتْ الْإِبِلُ فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ فِي قِلَاصِ الصَّدَقَةِ، فَكَانَ يَأْخُذُ الْبَعِيرَ بِالْبَعِيرَيْنِ» : أَيْ مِنْ إبِلِ الصَّدَقَةِ اهـ. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ أَنَّ فِي إسْنَادِهِ مَقَالًا اهـ. قَالَ ابْنُ رَسْلَانَ: لَكِنْ لَهُ شَاهِدٌ صَحِيحٌ ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَقَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: الْقِلَاصُ جَمْعُ قَلُوصٍ وَهِيَ النَّاقَةُ الشَّابَّةُ وَيُجْمَعُ عَلَى قُلُوصٍ وَقَلَائِصُ.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا سَلَمٌ) إنَّمَا يَظْهَرُ كَوْنُهُ سَلَمًا عَلَى مُعْتَمَدِهِ إذَا عَقَدَ بِلَفْظِ السَّلَمِ، أَمَّا لَوْ عَقَدَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ فَهُوَ بَيْعٌ لَا سَلَمٌ.
وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .