بِذَلِكَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ لَا يَجُوزُ النَّوْمُ عَلَى الدَّابَّةِ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ لِأَنَّ النَّائِمَ يَثْقُلُ، وَأَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْمَحْمُولُ لَمْ يُجْبَرْ مَالِكُ الدَّابَّةِ عَلَى حَمْلِهِ عَلَى مَا يَأْتِي.
(فَصْلٌ) فِي بَقِيَّةِ شُرُوطِ الْمَنْفَعَةِ، وَمَا تُقَدَّرُ بِهِ، وَفِي شَرْطِ الدَّابَّةِ الْمُكْتَرَاةِ وَمَحْمُولِهَا (يُشْتَرَطُ كَوْنُ) الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ مَعْلُومًا بِالْعَيْنِ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ وَالصِّفَةِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ، وَكَوْنُ (الْمَنْفَعَةِ مَعْلُومَةً) بِالتَّقْدِيرِ الْآتِي كَالْمَبِيعِ فِي الْكُلِّ، لَكِنَّ مُشَاهَدَةَ مَحَلِّ الْمَنْفَعَةِ غَيْرُ مُغْنِيَةٍ عَنْ تَقْدِيرِهَا، وَإِنَّمَا أَغْنَتْ مُشَاهَدَةُ الْمُعَيَّنِ فِي الْبَيْعِ عَنْ مَعْرِفَةِ قَدْرِهِ لِأَنَّهَا تُحِيطُ بِهِ، وَلَا كَذَلِكَ الْمَنْفَعَةُ لِأَنَّهَا أَمْرٌ اعْتِبَارِيٌّ يَتَعَلَّقُ بِالِاسْتِقْبَالِ، فَعُلِمَ اعْتِبَارُ تَحْدِيدِ الْعَقَارِ حَيْثُ لَمْ يَشْتَهِرْ بِدُونِهِ، وَأَنَّهُ لَا تَصِحُّ إجَارَةُ غَائِبٍ وَأَحَدِ عَبْدَيْهِ مُدَّةً مَجْهُولَةً أَوْ عَمَلٍ كَذَلِكَ وَفِيمَا لَهُ مَنْفَعَةٌ وَاحِدَةٌ كَبِسَاطٍ يُحْمَلُ عَلَيْهَا وَغَيْرُهُ يُعْتَبَرُ بَيَانُهَا. نَعَمْ دُخُولُ الْحَمَّامِ بِأُجْرَةٍ جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ مَعَ الْجَهْلِ بِقَدْرِ الْمُكْثِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
ذَلِكَ وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ رُكُوبِ أَحَدِهِمَا يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ وَالْآخَرُ مِثْلُهُ عَلَى الِاتِّصَالِ وَبَيْنَ رُكُوبِ أَحَدِهِمَا ثَلَاثًا وَالْآخَرُ كَذَلِكَ، مَعَ أَنَّ الْغَرَضَ انْتِفَاءُ الضَّرَرِ عَنْ الدَّابَّةِ وَالْمَاشِي بِذَلِكَ، وَقَدْ يُقَالُ يُؤْخَذُ الْجَوَابُ عَنْ هَذَا مِمَّا مَرَّ عَنْ حَجّ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّهُ إنْ رَكِبَ وَهُوَ فِي تَعَبٌ خَفَّ عَلَى الْمَرْكُوبِ (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْمَحْمُولُ) اُنْظُرْ لَوْ مَرِضَ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَرَضَ مِثْلُ الْمَوْتِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تَوْجِيهِ حَجّ لِلنَّصِّ بِأَنَّهُ إذَا رَكِبَ بَعْدَ كَلَالٍ وَتَعَبٍ وَقَعَ عَلَى الْمَرْكُوبِ كَالْمَيِّتِ.
(فَصْلٌ) فِي بَقِيَّةِ شُرُوطِ الْمَنْفَعَةِ (قَوْلُهُ فِي بَقِيَّةِ شُرُوطِ الْمَنْفَعَةِ) أَيْ زِيَادَةٌ عَلَى مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَكَوْنُ الْمَنْفَعَةِ مُتَقَوِّمَةً إلَخْ (قَوْلُهُ لَكِنَّ مُشَاهَدَةَ مَحَلِّ الْمَنْفَعَةِ) أَيْ كَالدَّابَّةِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: فَعُلِمَ اعْتِبَارُ تَحْدِيدِ الْعَقَارِ) لَعَلَّ فَائِدَةَ اشْتِرَاطِ التَّحْدِيدِ مَعَ أَنَّ إجَارَةَ الْعَقَارِ لَا تَكُونُ إلَّا عَيْنِيَّةً، وَالْإِجَارَةُ الْعَيْنِيَّةُ يُشْتَرَطُ فِيهَا لِكُلٍّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ رُؤْيَةُ الْعَيْنِ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْعَقَارُ أَرْضًا مُتَّصِلَةً بِغَيْرِهَا فَيَرَاهَا كُلٌّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ، وَلَكِنْ لَا يَعْرِفُ الْمُسْتَأْجِرُ مِقْدَارَ مَا يَسْتَأْجِرُهُ مِنْ الْأَرْضِ فَيَذْكُرُ الْمُؤَجِّرُ حُدُودَهَا لِتَتَمَيَّزَ عَنْ غَيْرِهَا، وَمُجَرَّدُ الرُّؤْيَةِ لَا يُفِيدُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ عَمِلَ كَذَلِكَ) أَيْ مَجْهُولٌ (قَوْلُهُ وَفِيمَا لَهُ مَنْفَعَةٌ وَاحِدَةٌ) أَيْ عُرْفًا فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ بِغَيْرِ الْفُرُشِ كَجَعْلِهِ خَيْمَةً مَثَلًا (قَوْلُهُ: مَعَ الْجَهْلِ بِقَدْرِ الْمُكْثِ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ يُمْنَعُ مِنْ الْمُكْثِ زِيَادَةً عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ نَوْعِهِ وَمِنْ الزِّيَادَةِ فِي اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ أَيْضًا وَقَالَ سم عَلَى حَجّ: وَانْظُرْ صُورَةَ الْمُعَاقَدَةِ الصَّحِيحَةِ عَلَى دُخُولِ الْحَمَّامِ مَعَ تَعَدُّدِ الدَّاخِلِينَ، فَإِنَّهُ مَثَلًا لَوْ قَالَ اسْتَأْجَرْت مِنْك هَذَا الْحَمَّامَ بِكَذَا وَقَدَّرَ مُدَّةً اسْتَحَقَّ مَنْفَعَةَ جَمِيعِهِ فَلَا يُمْكِنُ الْمُعَاقَدَةُ مَعَ غَيْرِهِ أَيْضًا، أَوْ لَمْ يُقَدِّرْ مُدَّةً فَبَعْدَ تَسْلِيمِ الصِّحَّةِ يَسْتَحِقُّ مَنْفَعَةَ الْجَمِيعِ أَيْضًا وَلَا تُمْكِنُ الْمُعَاقَدَةُ مَعَ غَيْرِهِ، وَلَعَلَّ مِنْ صُوَرِهَا أَذِنْت لَك فِي دُخُولِ
[حاشية الرشيدي]
[فَصْلٌ فِي بَقِيَّةِ شُرُوطِ الْمَنْفَعَةِ]
ِ (قَوْلُهُ: كَالْمَبِيعِ فِي الْكُلِّ) أَيْ فِي أَنَّهُ إنْ وَرَدَ عَلَى مُعَيَّنٍ اشْتَرَطَ مَعْرِفَةَ عَيْنِهِ، وَتَقْدِيرُهُ عَلَى مَا يَأْتِي: وَإِنْ وَرَدَ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ اشْتَرَطَ وَصْفَهُ وَتَقْدِيرَهُ، لَكِنْ مُشَاهَدَةُ الْأَوَّلِ تُغْنِي عَنْ تَقْدِيرِهِ. (قَوْلُهُ: فَعُلِمَ اعْتِبَارُ تَحْدِيدِ الْعَقَارِ) أَيْ: فَلَا يَكْفِي أَنْ يَقُولَ آجَرْتُكَ قِطْعَةً مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ مَثَلًا، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إذَا آجَرَهُ دَارًا مَثَلًا كَفَتْ مُشَاهَدَتُهَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّمَهُ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَشْتَهِرْ بِدُونِهِ) أَيْ لِلْعَاقِدَيْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: إجَارَةُ غَائِبٍ) أَيْ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ، فَمُرَادُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute