وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَهُوَ قَضِيَّةُ فَسَادِ الْبَيْعِ، رُدَّ بِمَا مَرَّ مِنْ تَعْلِيلِ الرُّجُوعِ وَالزَّوَائِدِ كَالْعَيْنِ لَا كَالثَّمَنِ، وَقَدْ تَقَرَّرَ أَوَّلًا أَنَّ حُكْمَهَا غَيْرُ حُكْمِ زَوَائِدِهَا، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ حَيْثُ قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ وَإِلَّا رَجَعَ بِالثَّمَنِ قَطْعًا تَنْزِيلًا لِذَلِكَ مَنْزِلَةَ هَلَاكِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ.
(وَلَوْ) (ادَّعَى مِلْكًا) لِعَيْنٍ بِيَدِ غَيْرِهِ (مُطْلَقًا) بِأَنْ لَمْ يَذْكُرْ لَهُ سَبَبًا (فَشَهِدُوا لَهُ) بِهِ (مَعَ) ذِكْرِ (سَبَبِهِ) (لَمْ يَضُرَّ) مَا زَادُوهُ فِي شَهَادَتِهِمْ لِأَنَّ سَبَبَهُ تَابِعٌ لَهُ وَهُوَ الْمَقْصُودُ وَقَدْ وَافَقَتْ الْبَيِّنَةُ فِيهِ الدَّعْوَى، نَعَمْ لَا يَكُونُ ذِكْرُهُمْ لِلسَّبَبِ مُرَجَّحًا لِذِكْرِهِمْ لَهُ قَبْلَ الدَّعْوَى بِهِ، فَإِنْ جَدَّدَ الْمُدَّعِي دَعْوَى الْمِلْكِ وَسَبَبَهُ فَشَهِدُوا لَهُ بِذَلِكَ رُجِّحَتْ حِينَئِذٍ (وَإِنْ ذَكَرَ سَبَبًا وَهُمْ سَبَبًا آخَرَ ضَرَّ) فِي شَهَادَتِهِمْ لِمُنَاقَضَتِهَا لِلدَّعْوَى، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا لَوْ قَالَ لَهُ: عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: لَا بَلْ مِنْ ثَمَنِ ثَوْبٍ حَيْثُ لَمْ يَضُرَّ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي الْإِقْرَارِ الْمُطَابَقَةُ، بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ مُطَابَقَتِهَا لِلدَّعْوَى. . .
[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ فِي نَحْوِ عَقْدٍ أَوْ إسْلَامٍ أَوْ عِتْقٍ]
(فَصْلٌ) فِي اخْتِلَافِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ فِي نَحْوِ عَقْدٍ أَوْ إسْلَامٍ أَوْ عِتْقٍ إذَا اُخْتُلِفَ فِي قَدْرِ مَا اُكْتُرِيَ مِنْ دَارٍ أَوْ أُجْرَتِهِ أَوْ هُمَا كَأَنْ (قَالَ: أَجَّرْتُك الْبَيْتَ) سَنَةَ كَذَا (بِعَشَرَةٍ) مَثَلًا (فَقَالَ: بَلْ) أَجَّرْتَنِي (جَمِيعَ الدَّارِ) الْمُشْتَمِلَةِ عَلَيْهِ (بِالْعَشَرَةِ وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا) سَوَاءٌ أُطْلِقَتَا أَمْ إحْدَاهُمَا أَمْ اتَّحَدَ تَارِيخُهُمَا أَمْ اخْتَلَفَ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَجْرِ سِوَى عَقْدٍ فَقَطْ فَتَسْقُطَانِ لِمُنَاقَضَتِهِمَا فِي كَيْفِيَّةِ الْعَقْدِ الْوَاحِدِ فَيَتَحَالَفَانِ ثُمَّ يُفْسَخُ الْعَقْدُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَيُفَارِقُ مَا لَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَلْفٍ وَأُخْرَى بِأَلْفَيْنِ حَيْثُ ثَبَتَ أَلْفَانِ بِأَنَّهُمَا لَا يَتَنَافَيَانِ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِالْأَلْفِ لَا تَنْفِي الْأَلْفَيْنِ وَهُنَا الْعَقْدُ وَاحِدٌ (وَفِي قَوْلٍ يُقَدَّمُ الْمُسْتَأْجِرُ) لِاشْتِمَالِ بَيِّنَتِهِ عَلَى زِيَادَةِ عِلْمٍ وَهِيَ اكْتِرَاءُ جَمِيعِ الدَّارِ، أَمَّا إذَا اخْتَلَفَ تَارِيخُهُمَا وَلَمْ يَتَّفِقَا عَلَى ذَلِكَ فَتُقَدَّمُ السَّابِقَةُ، ثُمَّ إنْ كَانَتْ هِيَ الشَّاهِدَةُ بِالْكُلِّ لَغَتْ الثَّانِيَةُ أَوْ بِالْمُبَعَّضِ أَفَادَتْ الثَّانِيَةُ صِحَّةَ الْإِجَارَةِ فِي الْبَاقِي، قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَك أَنْ تَقُولَ مَحَلُّ التَّعَارُضِ فِي الْمُطْلَقَتَيْنِ وَفِي الْمُطْلَقَةِ وَالْمُؤَرَّخَةِ إذَا اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا تَعَارُضَ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ تَارِيخُ الْمُطْلَقَتَيْنِ مُخْتَلِفًا وَتَارِيخُ الْمُطْلَقَةِ غَيْرُ تَارِيخِ الْمُؤَرَّخَةِ فَيَثْبُتُ الزَّائِدُ بِالْبَيِّنَةِ الزَّائِدَةِ وَيُمْكِنُ رَدُّهُ بِأَنَّ مُجَرَّدَ احْتِمَالِ الِاخْتِلَافِ لَا يُفِيدُ وَإِلَّا لَمْ يُحْكَمْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فَصْلٌ) فِي اخْتِلَافِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ فِي نَحْوِ عَقْدٍ أَوْ إسْلَامٍ.
(قَوْلُهُ: أَوْ أُجْرَتِهِ) أَيْ الْقَدْرِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يُفْسَخُ الْعَقْدُ) أَيْ وَيَرْجِعُ الْمُسْتَأْجِرُ بِالْأُجْرَةِ إنْ كَانَ دَفَعَهَا لَهُ وَتَرْجِعُ الدَّارُ لِلْمُؤَجِّرِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَّفِقَا عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَجْرِ إلَّا عَقْدٌ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: أَفَادَتْ الثَّانِيَةُ صِحَّةَ الْإِجَارَةِ فِي الْبَاقِي) وَظَاهِرُهُ أَنَّ مَالِكَ الْعَيْنِ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ سِوَى الْعَشَرَةِ، وَعَلَى هَذَا فَمَا مَعْنَى الْعَمَلِ بِسَابِقَةِ التَّارِيخِ مَعَ أَنَّهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إنَّمَا عُمِلَ بِمُتَأَخِّرَةِ التَّارِيخِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْعَمَلِ بِهَا نَفْيُ التَّعَارُضِ، ثُمَّ إنْ كَانَتْ شَاهِدَةً بِالْكُلِّ
[حاشية الرشيدي]
أَصَالَةً وَلَا جُزْءًا مِنْ الْأَصْلِ مَعَ احْتِمَالِ انْتِقَالِهَا إلَيْهِ اهـ: أَيْ فَعَدَمُ الْحُكْمِ بِهَا لِلْمُدَّعِي لِعَدَمِ ادِّعَائِهِ إيَّاهَا وَانْتِفَاءِ كَوْنِهَا جُزْءًا مِنْ مُدَّعَاهُ وَعَدَمُ الْحُكْمِ بِهَا لِلْبَائِعِ لِاحْتِمَالِ الِانْتِقَالِ. .
(فَصْلٌ) فِي اخْتِلَافِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ (قَوْلُهُ: فِي قَدْرِ مَا اُكْتُرِيَ مِنْ دَارٍ أَوْ أُجْرَتِهِ أَوْ هُمَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ هُوَ وَلَا الْمُصَنِّفُ إلَّا الْأَوَّلَ فِي التَّصْوِيرِ (قَوْلُهُ: سَنَةَ كَذَا) إنَّمَا قَيَّدَ بِكَذَا لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِدُونِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَالْمُرَادُ سَنَةٌ مُتَّصِلَةٌ بِالْعَقْدِ أَوْ بِمُدَّةٍ مَاضِيَةٍ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: أَوْ بِالْبَعْضِ) أَفَادَتْ الثَّانِيَةُ صِحَّةَ الْإِجَارَةِ فِي الْبَاقِي: أَيْ بِالْقِسْطِ مِنْ الْعَشَرَةِ الثَّانِيَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute