صَوْمَهُ بَطَلَ وَإِنْ نَزَعَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ هَتْكَ الْحُرْمَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ، (أَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِطُلُوعِهِ حَتَّى طَلَعَ بِأَنْ عَلِمَ بَعْدَ الِاسْتِدَامَةِ فَمَكَثَ أَوْ نَزَعَ حَالًا) فَإِنَّهُ وَإِنْ أَفْطَرَ لِأَنَّ بَعْضَ النَّهَارِ مَضَى وَهُوَ مَجَامِعُ فَأَشْبَهَ الْغَالِطَ بِالْأَكْلِ لَكِنْ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَقَدْ أَجَابَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَمَّا قِيلَ: كَيْفَ يَعْلَمُ الْفَجْرَ بِمُجَرَّدِ طُلُوعِهِ وَطُلُوعُهُ الْحَقِيقِيُّ يَتَقَدَّمُ عَلَى عِلْمِنَا بِهِ بِجَوَابَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهَا مَسْأَلَةٌ وُضِعَتْ عَلَى التَّقْدِيرِ وَلَا يَلْزَمُ وُقُوعُهَا، وَالثَّانِي أَنَّا إنَّمَا تَعَبَّدْنَا بِمَا تَطْلُعُ عَلَيْهِ وَلَا مَعْنَى لِلصُّبْحِ إلَّا ظُهُورُ الضَّوْءِ لِلنَّاظِرِ وَمَا قَبْلَهُ لَا حُكْمَ لَهُ، فَالْعَارِفُ بِالْأَوْقَاتِ وَمَنَازِلِ الْقَمَرِ يُدْرِكُ أَوَّلَ الصُّبْحِ الْمُعْتَبَرِ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ.
قُلْت: هَذَا الثَّانِي هُوَ الصَّحِيحُ.
فَصْلٌ شَرْطُ صِحَّةِ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلِ وَالْوَقْتِ
(الْإِسْلَامُ) فَلَا يَصِحُّ صَوْمُ الْكَافِرِ أَصْلِيًّا كَانَ أَوْ مُرْتَدًّا وَلَوْ نَاسِيًا لِلصَّوْمِ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: تَضَمَّنَتْ عِبَارَةُ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّهُ لَوْ ارْتَدَّ بِقَلْبِهِ نَاسِيًا لِلصَّوْمِ ثُمَّ أَسْلَمَ فِي يَوْمِهِ أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ، وَلَا أَحْسِبُ الْأَصْحَابَ يَسْمَحُونَ بِهِ وَلَا أَنَّهُ أَرَادَهُ وَإِنْ شَمِلَهُ لَفْظُهُ اهـ.
وَقَدْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْإِسْلَامُ جَمِيعَ النَّهَارِ أَنَّهُ يُفْطِرُ هُنَا (وَالْعَقْلُ) أَيْ التَّمْيِيزُ فَلَا يَصِحُّ صَوْمُ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ كَمَنْ زَالَ عَقْلُهُ وَلَوْ بِشُرْبِ دَوَاءٍ لَيْلًا كَالصَّلَاةِ (وَالنَّقَاءُ عَنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ) إجْمَاعًا فَلَا يَصِحُّ صَوْمُ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا الْإِمْسَاكُ كَمَا قَالَهُ فِي الْأَنْوَارِ (جَمِيعَ النَّهَارِ) هُوَ قَيْدٌ فِي الْأَرْبَعَةِ فَلَوْ طَرَأَ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ رِدَّةٌ أَوْ جُنُونٌ أَوْ حَيْضٌ أَوْ نِفَاسٌ بَطَلَ صَوْمُهُ كَمَا لَوْ جُنَّ فِي خِلَالِ صَلَاتِهِ، (وَلَوْ وَلَدَتْ وَلَمْ تَرَ مَا بَطَلَ صَوْمُهَا أَيْضًا) كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّحْقِيقِ (وَلَا يَضُرُّ النَّوْمُ الْمُسْتَغْرِقُ) لِلنَّهَارِ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِبَقَاءِ أَهْلِيَّةِ الْخِطَابِ مَعَهُ إذْ النَّائِمُ يَتَنَبَّهُ إذَا نُبِّهَ، وَلِهَذَا يَجِبُ قَضَاءُ الصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ بِالنَّوْمِ دُونَ الْفَائِتَةِ بِالْإِغْمَاءِ.
وَالثَّانِي يَضُرُّ كَالْإِغْمَاءِ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْإِغْمَاءَ لَا يَضُرُّ إذَا أَفَاقَ لَحْظَةً مِنْ نَهَارِهِ) أَيْ لَحْظَةً كَانَتْ اكْتِفَاءً بِالنِّيَّةِ مَعَ الْإِفَاقَةِ فِي جُزْءٍ لِأَنَّهُ فِي الِاسْتِيلَاءِ عَلَى الْعَقْلِ فَوْقَ النَّوْمِ وَدُونَ الْجُنُونِ، فَلَوْ قُلْنَا إنَّ الْمُسْتَغْرِقَ مِنْهُ لَا يَضُرُّ كَالنَّوْمِ لَأَلْحَقْنَا الْأَقْوَى
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَإِنْ نَزَعَ) غَايَةً (قَوْلُهُ: فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ) أَيْ وَإِنْ بَطَلَ صَوْمُهُ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ: حَاصِلُهُ أَنَّ مَدَارَ الْبُطْلَانِ عَلَى الْمُكْثِ بَعْدَ الطُّلُوعِ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ بِهِ وَمَدَارُ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْمُكْثِ بَعْدَهُ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ.
(فَصْلُ شَرْطِ الصَّوْمِ) (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يُفْطِرُ هُنَا) أَيْ فِيمَا لَوْ ارْتَدَّ بِقَلْبِهِ نَاسِيًا (قَوْلُهُ أَيْ التَّمْيِيزُ) الْأَوْلَى أَنْ يُفَسَّرَ هُنَا بِالْغَرِيزَةِ وَإِنْ فُسِّرَ بِالتَّمْيِيزِ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ وَإِنْ طَرَأَ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ رِدَّةٌ) أَيْ وَلَوْ نَاسِيًا كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: لِبَقَاءِ أَهْلِيَّةِ الْخِطَابِ مَعَهُ) أَيْ وَيُثَابُ عَلَى صِيَامِهِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ إذَا أَفَاقَ لَحْظَةً) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْإِغْمَاءُ بِفِعْلِهِ وَفِي حَجّ تَقْيِيدُ عَدَمِ الضَّرَرِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ بِفِعْلِهِ فَإِنْ كَانَ بِفِعْلِهِ بَطَلَ صَوْمُهُ (قَوْلُهُ فَلَوْ قُلْنَا إنَّ الْمُسْتَغْرِقَ) أَيْ الْإِنْمَاءَ الْمُسْتَغْرِقَ إلَخْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
[فَصْلٌ شَرْطُ صِحَّةِ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلِ وَالْوَقْتِ]
(فَصْلٌ شَرْطُ الصَّوْمِ الْإِسْلَامُ) (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلُ وَالْوَقْتُ) ذِكْرُ الْوَقْتِ هُنَا لَا يُنَاسِبُ كَوْنَ الْإِسْلَامِ وَمَا بَعْدَهُ مِمَّا يَرْجِعُ لِلْفَاعِلِ فَقَطْ هُوَ الْخَبَرَ مَعَ عَدَمِ عَطْفِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْوَقْتِ عَلَيْهِ وَمِنْ ثَمَّ اقْتَصَرَ الْمُحَقِّقُ الْمَحَلِّيُّ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلُ، وَأَمَّا الشِّهَابُ حَجّ فَلَمَّا أَرَادَ إفَادَةَ أَنَّ الْفَصْلَ مَعْقُودٌ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِالْوَقْتِ أَيْضًا حَلَّ الْمَتْنَ عَلَى وَجْهٍ يَصِحُّ مَعَهُ ذَلِكَ، وَعِبَارَتُهُ مَعَ الْمَتْنِ: فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلُ وَالْوَقْتُ، وَكَثِيرٌ مِنْ سُنَنِهِ وَمَكْرُوهَاتِهِ شَرْطُ صِحَّةِ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الزَّمَنُ قَابِلِيَّةُ الْوَقْتِ وَمِنْ حَيْثُ الْفَاعِلُ الْإِسْلَامُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَاسِيًا لِلصَّوْمِ) أَيْ وَلَا يُقَالُ إنَّهُ كَالْأَكْلِ أَوْ