للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَبْعِيضِهِ، وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا لَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمِ قُدُومِهِ، فَإِنَّ الصَّوَابَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَنَقَلَهُ عَنْ النَّصِّ وَاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا مِنْ حِينِ الْقُدُومِ، وَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ مَا مَضَى مِنْهُ لِإِمْكَانِ تَبْعِيضِهِ فَلَمْ يَجِبْ غَيْرُ بَقِيَّةِ يَوْمِ قُدُومِهِ (وَلَوْ) قَالَ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ الْيَوْمِ التَّالِي لِيَوْمِ قُدُومِهِ) مِنْ تَلَوْته وَتَلَيْتُهُ تَبِعْته وَتَرَكْته فَهُوَ ضِدٌّ وَالتِّلْوُ بِالْكَسْرِ مَا يَتْلُو الشَّيْءَ وَالْمُرَادُ بِالتَّالِي هُنَا التَّابِعُ مِنْ غَيْرِ فَاصِلٍ (وَإِنْ قَدِمَ عَمْرٌو فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ أَوَّلِ خَمِيسٍ بَعْدَهُ) أَيْ يَوْمِ قُدُومِهِ (فَقَدِمَا) مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا (فِي الْأَرْبِعَاءِ) بِتَثْلِيثِ الْبَاءِ وَالْمَدِّ (وَجَبَ صَوْمُ) يَوْمِ (الْخَمِيسِ عَنْ أَوَّلِ النَّذْرَيْنِ) لِسَبْقِهِ (وَيَقْضِي الْآخَرَ) لِتَعَذُّرِ الْإِتْيَانِ بِهِ فِي وَقْتِهِ، نَعَمْ يَصِحُّ مَعَ الْإِثْمِ صَوْمُ الْخَمِيسِ عَنْ ثَانِي النَّذْرَيْنِ وَيَقْضِي يَوْمًا آخَرَ عَنْ النَّذْرِ الْأَوَّلِ، وَلَوْ قَالَ إنْ قَدِمَ فَعَلَيَّ أَنْ أَصُومَ أَمْسِ يَوْمِ قُدُومِهِ لَمْ يَصِحَّ نَذْرُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَوَهَمَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ فِي عَزْوِهِ لَهُ الصِّحَّةَ، أَوْ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَعَلَيَّ عِتْقُ هَذَا، ثُمَّ قَالَ: إنْ قَدِمَ غَائِبِي فَعَلَيَّ عِتْقُهُ فَحَصَلَ الشِّفَاءُ وَالْقُدُومُ مَعًا فَالْأَرْجَحُ انْعِقَادُ النَّذْرِ الثَّانِي وَعِتْقُهُ عَنْ السَّابِقِ مِنْهُمَا، وَلَا يَجِبُ لِلْآخَرِ شَيْءٌ إذْ لَا يُمْكِنُ الْقَضَاءُ فِيهِ، بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَإِنْ وَقَعَا مَعًا أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا، وَيُؤْخَذُ مِنْ صِحَّةِ بَيْعِ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِدُخُولٍ مَثَلًا صِحَّةُ بَيْعِهِ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ.

(فَصْلٌ) فِي نَذْرِ النُّسُكِ وَالصَّدَقَةِ وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا إذَا (نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى) مُقَيِّدًا لَهُ بِالْحَرَامِ أَوْ نَوَاهُ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ ذَكَرَ بُقْعَةً مِنْ الْحَرَمِ كَدَارِ أَبِي جَهْلٍ أَوْ الصَّفَا كَذِكْرِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ فِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي فِيهِ (أَوْ إتْيَانَهُ) أَوْ الذَّهَابَ إلَيْهِ مَثَلًا (فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ إتْيَانِهِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ) أَوْ بِهِمَا وَإِنْ نَفَى ذَلِكَ فِي نَذْرِهِ، لِأَنَّ الْقُرْبَةَ إنَّمَا تَتِمُّ بِإِتْيَانِهِ بِنُسُكٍ، وَالنَّذْرُ مَحْمُولٌ عَلَى وَاجِبِ الشَّرْعِ.

وَالطَّرِيقُ الثَّانِي قَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ النَّذْرَ يُحْمَلُ عَلَى وَاجِبِ الشَّرْعِ أَوْ عَلَى جَائِزِهِ، أَمَّا إذَا ذَكَرَ الْبَيْتَ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِذَلِكَ وَلَا نَوَاهُ فَيَلْغُو نَذْرُهُ، لِأَنَّ الْمَسَاجِدَ كُلُّهَا بُيُوتٌ لَهُ تَعَالَى، وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ مَنْ نَذَرَ إتْيَانَ مَسْجِدِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ وَهُوَ دَاخِلُ الْحَرَمِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ بِالنِّسْبَةِ لَهُ كَبَقِيَّةِ الْمَسَاجِدِ وَلَهُ احْتِمَالٌ آخَرُ، وَالْأَقْرَبُ لُزُومُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: فَلَمْ يَجِبْ غَيْرُ بَقِيَّةِ يَوْمِ قُدُومِهِ) أَيْ وَإِنْ قَلَّ جِدًّا.

(فَصْلٌ) فِي نَذْرِ النُّسُكِ وَالصَّدَقَةِ وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ نَوَاهُ) أَوْ نَوَى مَا يَخْتَصُّ بِهِ كَالطَّوَافِ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَفَى ذَلِكَ فِي نَذْرِهِ) بِخِلَافِ مَنْ نَذَرَ التَّضْحِيَةَ بِشَاةٍ مُعَيَّنَةٍ عَلَى أَنْ لَا يُفَرَّقَ لَحْمُهَا فَإِنَّ النَّذْرَ يَلْغُو، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ النَّذْرَ وَالشَّرْطَ هُنَا تَضَادَّا فِي مُعَيَّنٍ وَاحِدٍ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِاقْتِضَاءِ الْأَوَّلِ خُرُوجَهَا عَنْ مِلْكِهِ بِمُجَرَّدِ النَّذْرِ، وَالثَّانِي بَقَاءَهَا.

عَلَى مِلْكِهِ بَعْدَ النَّذْرِ بِخِلَافِهِمَا ثَمَّ فَإِنَّهُمَا لَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِتْيَانَ غَيْرُ النُّسُكِ فَلَمْ تُضَادِدْ نِيَّتُهُ ذَاتَ الْإِتْيَانِ بَلْ لَازِمَهُ وَالنُّسُكَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: تَبِعَتْهُ وَتَرَكَتْهُ) هُوَ تَفْسِيرٌ لِمُطْلَقِ التِّلْوِ، وَإِلَّا فَالْمَأْخُوذُ مِنْهُ مَا هُنَا تَلَوْته بِمَعْنَى تَبِعْته خَاصَّةً (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ نَذْرُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) هَلَّا يُقَالُ بِالصِّحَّةِ إذَا عَلِمَ يَوْمَ قُدُومِهِ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي نَذْرِ صَوْمِ يَوْمِ قُدُومِهِ أَوَّلَ الْمَسْأَلَةِ

[فَصْلٌ فِي نَذْرِ النُّسُكِ وَالصَّدَقَةِ وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا]

(فَصْلٌ) فِي نَذْرِ النُّسُكِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ كَانَ ذِكْرُ بُقْعَةٍ إلَخْ) فِي التُّحْفَةِ قَبْلَ هَذَا مَا نَصُّهُ أَوْ نَوَى مَا يَخْتَصُّ بِهِ كَالطَّوَافِ فِيمَا يَظْهَرُ وَمِنْ ثَمَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ الذَّهَابِ إلَيْهِ مَثَلًا) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا نَذَرَ أَنْ يَمَسَّ شَيْئًا مِنْ بُقَعِ الْحَرَمِ أَوْ أَنْ يَضْرِبَهُ بِثَوْبِهِ مَثَلًا كَمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>