(يَتَصَدَّقُ بِقِيمَتِهِ) أَيْ بِقَدْرِهَا (طَعَامًا) عَلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ وَفُقَرَائِهِ فَلَا يَتَصَدَّقُ بِالدَّرَاهِمِ.
وَثَانِيهِمَا مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ يَصُومَ) عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا وَيُكْمِلَ الْمُنْكَسِرَ كَمَا مَرَّ وَالْعِبْرَةُ فِي قِيمَةِ غَيْرِ الْمِثْلِيِّ بِمَحِلِّ الْإِتْلَافِ وَزَمَانِهِ قِيَاسًا عَلَى كُلِّ مُتْلَفٍ مُتَقَوِّمٍ، وَفِي قِيمَةِ مِثْلِ الْمِثْلِيِّ بِمَكَّةَ وَقْتَ إرَادَةِ تَقْوِيمِهِ؛ لِأَنَّهَا مَحَلُّ ذَبْحِهِ لَوْ أُرِيدَ، وَالْمُعْتَبَرُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْفُورَانِيُّ فِي الْعُدُولِ إلَى الطَّعَامِ سِعْرُهُ بِمَكَّةَ.
(وَيُتَخَيَّرُ فِي فِدْيَةِ الْحَلْقِ) لِثَلَاثِ شَعَرَاتٍ مُتَوَالِيَةٍ فَأَكْثَرَ وَفِي قَلْمِ أَظْفَارٍ كَذَلِكَ وَفِي التَّطَيُّبِ وَاللُّبْسِ وَالِادِّهَانِ وَمُقَدَّمَاتِ الْجِمَاعِ بِشَهْوَةٍ وَشَاةُ الْجِمَاعِ بَعْدَ الْجِمَاعِ الْأَوَّلِ وَالْجِمَاعُ بَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ (بَيْنَ) ثَلَاثَةِ أُمُورٍ (ذَبْحُ شَاةٍ) مُجْزِئَةٍ فِي الْأُضْحِيَّةِ وَيَقُومُ مَقَامَهَا بَدَنَةٌ أَوْ بَقَرَةٌ أَوْ سُبُعٌ مِنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا (وَ) بَيْنَ التَّصَدُّقِ: بِ (ثَلَاثَةِ آصُعٍ) بِالْمَدِّ جَمْعُ صَاعٍ وَآصُعٌ أَصْلُهُ أَصُوعُ أُبْدِلَ مِنْ وَاوِهِ هَمْزَةٌ مَضْمُومَةٌ قُدِّمَتْ عَلَى الصَّادِ وَنُقِلَتْ ضَمَّتُهَا إلَيْهَا وَقُلِبَتْ هِيَ أَلْفًا (لِسِتَّةِ مَسَاكِينَ) لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ (وَ) بَيْنَ (صَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ} [البقرة: ١٩٦] أَيْ فَحَلَقَ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ، وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ: أَيُؤْذِيك هَوَامُّ رَأْسِك؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: اُنْسُكْ شَاةً أَوْ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ فَرَقًا مِنْ الطَّعَامِ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ» وَالْفَرَقُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالرَّاءِ ثَلَاثَةُ آصُعٍ، وَقِيسَ بِالْحَلْقِ وَبِالْمَعْذُورِ غَيْرُهُمَا وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْكَفَّارَاتِ مَا يُزَادُ الْمِسْكِينُ فِيهَا عَلَى مُدٍّ سِوَى هَذِهِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ الدَّمَ فِي تَرْكِ الْمَأْمُورِ) الَّذِي لَا يَفُوتُ بِهِ الْحَجُّ (كَالْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ) أَوْ مِمَّا يَلْزَمُ مِنْهُ الْإِحْرَامُ لَوْ أَحْرَمَ مِنْ غَيْرِهِ وَالرَّمْيُ وَالْمَبِيتُ بِمُزْدَلِفَةَ أَوْ بِمِنًى لِيَالِي التَّشْرِيقِ وَطَوَافُ الْوَدَاعِ (دَمُ تَرْتِيبٍ) إلْحَاقًا لَهُ بِدَمِ التَّمَتُّعِ لِمَا فِي التَّمَتُّعِ مِنْ تَرْكِ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ وَقِيسَ بِهِ تَرْكُ بَاقِي الْمَأْمُورَاتِ (فَإِذَا عَجَزَ) عَنْ الدَّمِ (اشْتَرَى بِقِيمَةِ الشَّاةِ طَعَامًا) أَوْ أَخْرَجَهُ مِنْ طَعَامِهِ كَمَا مَرَّ وَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ وَفُقَرَائِهِ (فَإِنْ عَجَزَ صَامَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ) مِنْ الطَّعَامِ (يَوْمًا) وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْغَزَالِيُّ كَالْإِمَامِ وَالْأَصَحُّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ إذَا عَجَزَ عَنْ الدَّمِ يَصُومُ كَالْمُتَمَتِّعِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إذَا رَجَعَ، فَهُوَ مُرَتَّبٌ مُقَدَّرٌ.
(وَ) دَمُ (الْفَوَاتِ) لِلْحَجِّ بِفَوَاتِ الْوُقُوفِ (كَدَمِ التَّمَتُّعِ) فِي صِفَتِهِ وَسَائِرِ أَحْكَامِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ، إذْ دَمُ التَّمَتُّعِ لِتَرْكِ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ، وَالْوُقُوفُ الْمَتْرُوكُ فِي الْفَوَاتِ أَعْظَمُ مِنْهُ (وَيَذْبَحُهُ فِي حَجَّةِ الْقَضَاءِ فِي الْأَصَحِّ) حَتْمًا لَا فِي سَنَةِ الْفَوَاتِ لِفَتْوَى عُمَرَ بِذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي.
وَالثَّانِي يَجُوزُ ذَبْحُهُ فِي سَنَةِ الْفَوَاتِ قِيَاسًا عَلَى دَمِ الْإِفْسَادِ، وَوَقْتُ الْوُجُوبِ عَلَى الْأَوَّلِ مَنُوطٌ بِالتَّحَرُّمِ بِالْقَضَاءِ، كَمَا أَنَّ دَمَ التَّمَتُّعِ مَنُوطٌ بِالتَّحَرُّمِ بِالْحَجِّ، وَعَلَيْهِ لَوْ كَفَّرَ بِالصَّوْمِ لَا يُقَدِّمُ صَوْمَ الثَّلَاثَةِ فِي الْقَضَاءِ وَيَصُومُ السَّبْعَةَ إذَا رَجَعَ مِنْهُ، وَلَوْ أَخْرَجَ دَمَ الْفَوَاتِ بَيْنَ تَحَلُّلِهِ وَالْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْإِحْرَامِ بِالْقَضَاءِ أَجْزَأَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَكَلَامُ الْعِرَاقِيِّينَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَأَمْوَالُ بَيْتِ الْمَالِ لَا تَخْتَصُّ بِأَهْلِ الْفَيْءِ بَلْ يَصْرِفُهَا الْإِمَامُ فِيمَا يَرَاهُ مِنْ الْمَصَالِحِ.
[أَنْوَاعِ الدِّمَاءِ فِي الْحَجّ]
(قَوْلُهُ: بِمَحَلِّ الْإِتْلَافِ) هُوَ ظَاهِرٌ إنْ أَتْلَفَ حَالًا، فَلَوْ أَمْسَكَهُ مُدَّةً ثُمَّ أَتْلَفَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَضْمَنُهُ ضَمَانَ الْمَغْصُوبِ (قَوْلُهُ: سِعْرَهُ بِمَكَّةَ) لَمْ يُبَيِّنْ الْوَقْتَ الَّذِي يُعْتَبَرُ سِعْرُهَا فِيهِ هَلْ هُوَ وَقْتُ التَّقْوِيمِ أَوْ الْوُجُوبِ أَوْ غَيْرِهِمَا، وَقَدْ مَرَّ لَهُ فِي تَقْوِيمِ بَدَنَةِ الْجِمَاعِ اعْتِبَارُ سِعْرِ مَكَّةَ فِي غَالِبِ الْأَحْوَالِ، وَعَنْ السُّبْكِيّ اعْتِبَارُ وَقْتِ الْوُجُوبِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُجْرَى مِثْلُهُ هُنَا.
(قَوْلُهُ: أَيْ فَحَلَقَ) قَدْرَهُ أَخْذًا مِنْ صَدْرِ الْآيَةِ، وَلِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ الْمَرَضَ بِمُجَرَّدِهِ يُوجِبُ الْفِدْيَةَ وَلَيْسَ مُرَادًا (قَوْلُهُ: سِوَى هَذِهِ) أَيْ الْكَفَّارَةِ الَّتِي هِيَ دَمُ تَخْيِيرٍ وَتَعْدِيلٍ فَيَدْخُلَ فِيهِ جَمِيعُ الِاسْتِمْتَاعَاتِ الْآتِيَةِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا عَجَزَ عَنْ الدَّمِ) ضَعِيفٌ، وَكَذَا قَوْلُهُ وَإِنْ عَجَزَ صَامَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا.
(قَوْلُهُ: مَنُوطٌ بِالتَّحَرُّمِ) أَيْ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ لَا يُقَدَّمُ صَوْمُ الثَّلَاثَةِ) أَيْ عَلَى الْإِحْرَامِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ إذَا عَجَزَ عَنْ الدَّمِ يَصُومُ) أَيْ بِلَا إطْعَامٍ