وَتَبِعَهُمْ الشَّيْخُ فِي مَنْهَجِهِ (إذَا غَلَبَ) فِي الْعُرْفِ الْعَامِّ لَا فِي مَحَلِّ الْبَيْعِ وَحْدَهُ فِيمَا يَظْهَرُ.
وَمَحَلُّ الْكَلَامِ فِيمَا لَمْ يَنُصُّوا فِيهِ عَلَى كَوْنِهِ عَيْبًا وَإِلَّا فَلَا اعْتِبَارَ فِيهِ بِعُرْفٍ يُخَالِفُهُ مُطْلَقًا كَمَا لَا يَخْفَى (فِي جِنْسِ الْمَبِيعِ عَدَمُهُ) قَيْدٌ لَهُمَا احْتِرَازًا فِي الْأَوَّلِ عَنْ قَلْعِ الْأَسْنَانِ فِي الْكَبِيرِ وَفِي الثَّانِي عَنْ ثُيُوبَةِ الْكَبِيرَةِ وَبَوْلِ الصَّغِيرِ، فَإِنَّهُمَا وَإِنْ نَقَصَا الْقِيمَةَ لَا يَغْلِبُ عَدَمُهُمَا فِي جِنْسِ الْمَبِيعِ (سَوَاءٌ) فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ (أَقَارَنَ) الْعَيْبُ (الْعَقْدَ أَمْ حَدَثَ) بَعْدَهُ (وَقَبْلَ الْقَبْضِ) أَمْ بَعْدَهُ وَاسْتَنَدَ إلَى سَبَبٍ كَمَا سَيَأْتِي لِأَنَّ الْمَبِيعَ حِينَئِذٍ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى بِكْرًا مُزَوَّجَةً وَهُوَ جَاهِلٌ فَأَزَالَ الزَّوْجُ بَكَارَتَهَا فَلَهُ الرَّدُّ، فَإِنْ كَانَ عَالِمًا فَلَا خِيَارَ لَهُ كَمَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ، وَلَا أَرْشَ لِرِضَاهُ بِسَبَبِهِ.
(وَلَوْ) (حَدَثَ) الْعَيْبُ بَعْدَهُ أَيْ الْقَبْضِ (فَلَا خِيَارَ) لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ بِالْقَبْضِ صَارَ مِنْ ضَمَانِهِ فَكَذَا جُزْؤُهُ وَصِفَتُهُ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ بَعْدَ لُزُومِ الْعَقْدِ أَمَّا قَبْلَهُ فَالْقِيَاسُ بِنَاؤُهُ عَلَى مَا لَوْ تَلِفَ حِينَئِذٍ هَلْ يَنْفَسِخُ، وَالْأَرْجَحُ عَلَى مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ لِلْبَائِعِ انْفَسَخَ وَإِلَّا فَلَا.
فَإِنْ قُلْنَا يَنْفَسِخُ فَحُدُوثُهُ كَوُجُودِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ لِأَنَّ مَنْ ضَمِنَ الْكُلَّ ضَمِنَ الْجُزْءَ أَوْ لَا يَنْفَسِخُ فَلَا أَثَرَ لِحُدُوثِهِ، وَسَكَتُوا عَنْ بَيَانِ حُكْمِ الْمُقَارِنِ لِلْقَبْضِ مَعَ أَنَّهُ تَنَافَى فِيهِ الْقَبْلِيَّةُ وَالْبَعْدِيَّةُ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ لَهُ حُكْمَ مَا قَبْلَ الْقَبْضِ لِأَنَّ يَدَ الْبَائِعِ عَلَيْهِ حِسًّا فَلَا يَرْتَفِعُ ضَمَانُهُ إلَّا بِتَحَقُّقِ ارْتِفَاعِهَا وَهُوَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِتَمَامِ قَبْضِ الْمُشْتَرِي لَهُ سَلِيمًا (إلَّا أَنْ يَسْتَنِدَ إلَى سَبَبٍ مُتَقَدِّمٍ) عَلَى الْعَقْدِ أَوْ الْقَبْضِ وَهُوَ جَاهِلٌ بِهِ (كَقَطْعِهِ بِجِنَايَةٍ) قَوَدًا أَوْ سَرِقَةٍ (سَابِقَةٍ) وَزَوَالُ بَكَارَةٍ بِزَوَاجٍ مُتَقَدِّمٍ (فَيَثْبُتُ لَهُ الرَّدُّ فِي الْأَصَحِّ) إحَالَةٌ عَلَى السَّبَبِ، فَإِنْ كَانَ عَالِمًا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْقِيمَةِ فَقَطْ احْتِرَازًا عَنْ نَقْصٍ يَسِيرٍ لَا يُتَغَابَنُ بِهِ (قَوْلُهُ: لَا فِي مَحَلِّ الْبَيْعِ) قَدْ يُقَالُ: بَلْ الَّذِي يَظْهَرُ اعْتِبَارُ مَحَلِّ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ الَّذِي يَنْصَرِفُ إلَيْهِ الِاسْمُ عِنْدَ إطْلَاقِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، يُوَافِقُهُ مَا مَرَّ فِي الْبِغَالِ وَنَحْوِهَا عَنْ الْأَذْرَعِيِّ، وَكَذَا مَا مَرَّ فِي عَدَمِ خِتَانِ الْعَبْدِ الْكَبِيرِ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فِي جِنْسِ الْمَبِيعِ عَدَمُهُ) هَلْ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ اشْتَرَى ثَوْرًا فِي سِنٍّ يَغْلِبُ وُجُودُ الْخِصَاءِ فِي مِثْلِهِ فَوَجَدَهُ فَحْلًا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ عَيْبٌ لِأَنَّ ذَلِكَ يَمْنَعُ مِنْ الرَّغْبَةِ فِيهِ وَيُنْقِصُ الْقِيمَةَ (قَوْلُهُ: قَيْدٌ) أَيْ إذَا غَلَبَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَهُمَا) أَيْ الْعَيْنِ وَالْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: عَنْ ثُيُوبَةِ الْكَبِيرَةِ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ كَانَتْ فِي سِنٍّ لَا تَحْتَمِلُ فِيهِ الْوَطْءَ وَوَجَدَهَا ثَيِّبًا فَلَهُ الْخِيَارُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ اشْتَرَى) مِثَالٌ لِمَا حَدَثَ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ: فَلَهُ الرَّدُّ) وَمِثْلُ ذَلِكَ جَلْدُهُ الْمُؤَثِّرُ فِيهِ لِمَعْصِيَةٍ سَابِقَةٍ اهـ ع.
وَفِي سم عَلَى مَنْهَجِ ع: اُنْظُرْ لَوْ شَابَ الْعَبْدُ عِنْدَ الْبَائِعِ فِي غَيْرِ أَوَانِهِ وَاسْتَمَرَّ عِنْدَهُ حَتَّى دَخَلَ أَوَانُهُ ثُمَّ بَاعَهُ هَلْ يَكُونُ دُخُولُ الْأَوَانِ فِي مَعْنَى الزَّوَالِ فَلَا خِيَارَ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ اهـ.
أَقُولُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُفْصَلَ بَيْنَ أَنْ يَكْثُرَ الشَّيْبُ بَعْدَ دُخُولِ الْأَوَانِ بِوَاسِطَةِ مَا تَقَدَّمَ مِنْهُ عَلَى الْأَوَانِ أَوَّلًا بِأَنْ يَكُونَ الْمَوْجُودُ بَعْدَ دُخُولِ الْأَوَانِ قَدْرَ مَا يُعْتَادُ فِي الْأَوَانِ اهـ.
وَأَقُولُ: قَدْ يُقَالُ بَلْ لَهُ الرَّدُّ مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ يَزِدْ الشَّيْبُ لِأَنَّهُ يَتَبَيَّنُ بِهِ أَنَّ بِهِ ضَعْفًا فِي بَدَنِهِ فَيُرَدُّ بِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ) لَا حَاجَةَ إلَى عَزْوِهِ لِلسُّبْكِيِّ لِعِلْمِهِ مِمَّا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَسْتَنِدَ إلَخْ، ثُمَّ رَأَيْت حَجّ قَالَ مَا مَعْنَاهُ: أَنَّ عِلْمَهَا مِمَّا يَأْتِي مَمْنُوعٌ لِأَنَّ مَا سَيَأْتِي فِيمَا بَعْدَ الْقَبْضِ وَهَذَا فِيمَا قَبْلَهُ قَالَ: وَقَدْ يُنَازَعُ فِي عَدَمِ ثُبُوتِ الْخِيَارِ بِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِالرِّضَا بِالسَّبَبِ مَعَ كَوْنِ الضَّمَانِ عَلَى الْبَائِعِ فَالْأَخْذُ بِإِطْلَاقِهِمْ غَيْرُ بَعِيدٍ.
(قَوْلُهُ: فَالْقِيَاسُ بِنَاؤُهُ) أَيْ بِأَنْ قُلْنَا لِلْمُشْتَرِي أَوْ مَوْقُوفٌ (قَوْلُهُ: انْفَسَخَ) وَيَضْمَنُهُ الْمُشْتَرِي بِالْبَدَلِ الشَّرْعِيِّ وَهُوَ الْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ وَالْقِيمَةُ فِي الْمُتَقَوِّمِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قُلْنَا يَنْفَسِخُ) بِأَنْ قُلْنَا الْمِلْكُ فِيهِ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا يَنْفَسِخُ) بِأَنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَوْ مَوْقُوفًا (قَوْلُهُ: فَلَا أَثَرَ لِحُدُوثِهِ) فَيَمْتَنِعُ الرَّدُّ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّ لَهُ حُكْمَ مَا قَبْلَ الْقَبْضِ) فَيَثْبُتُ، بِهِ الْخِيَارُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
فِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا اعْتِبَارَ فِيهِ بِعُرْفٍ يُخَالِفُهُ) يُعَكِّرُ مَا مَرَّ لَهُ فِي تَرْكِ الصَّلَاةِ حَيْثُ نَصُّوا عَلَى أَنَّهُ عَيْبٌ، وَنَازَعَهُمْ تَبَعًا لِغَيْرِهِ بِقَضِيَّةِ الضَّابِطِ الْمَذْكُورِ
[حَدَثَ الْعَيْبُ بَعْدَ الْقَبْضِ]
(قَوْلُهُ: عَلَى مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ هَذَا التَّبَرِّي