الْقِبْلَةَ وَوَحَّدَ اللَّهَ وَكَبَّرَهُ وَقَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ أَنْجَزَ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ، ثُمَّ دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ، قَالَ هَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ نَزَلَ إلَى الْمَرْوَةِ حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ فَفَعَلَ عَلَى الْمَرْوَةِ مَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا» وَفِيهِ زِيَادَةٌ وَنُقْصَانٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ (ثُمَّ يَدْعُو بِمَا شَاءَ دِينًا وَدُنْيَا) ؛ لِأَنَّهَا أَمْكِنَةٌ يُسْتَجَابُ فِيهَا الدُّعَاءُ وَكَانَ عُمَرُ يُطِيلُ الدُّعَاءَ هُنَالِكَ وَاسْتَحَبُّوا مِنْ دُعَائِهِ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ إنَّك قُلْت اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ وَأَنْتَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ وَإِنِّي أَسْأَلُك كَمَا هَدَيْتنِي بِالْإِسْلَامِ أَنْ لَا تَنْزِعَهُ عَنِّي حَتَّى تَتَوَفَّانِي وَأَنَا مُسْلِمٌ (قُلْت: وَيُعِيدُ الذِّكْرَ وَالدُّعَاءَ ثَانِيًا وَثَالِثًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِلِاتِّبَاعِ.
(وَ) يُسَنُّ (أَنْ يَمْشِيَ) عَلَى هَيِّنَتِهِ وَسَجِيَّتِهِ (أَوَّلَ السَّعْيِ وَآخِرَهُ) (وَ) أَنْ (يَعْدُوَ الذَّكَرُ) أَيْ يَسْعَى سَعْيًا شَدِيدًا فَوْقَ الرَّمَلِ (فِي الْوَسَطِ) الَّذِي بَيْنَهُمَا لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ أَمَّا الْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى فَلَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَقْصِدَ بِذَلِكَ السُّنَّةَ لَا اللَّعِبَ وَمُسَابِقَةَ أَصْحَابِهِ فَيَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ سَعْيًا بِقَصْدِ الْمُسَابَقَةِ، وَالرَّاكِبُ يُحَرِّكُ دَابَّتَهُ بِحَيْثُ لَا يُؤْذِي الْمُشَاةَ (وَمَوْضِعُ النَّوْعَيْنِ) أَيْ الْمَشْيِ وَالْعَدْوِ (مَعْرُوفٌ) هُنَاكَ فَيَمْشِي حَتَّى يَبْقَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمِيلِ الْأَخْضَرِ الْمُعَلَّقِ بِرُكْنِ الْمَسْجِدِ عَلَى يَسَارِهِ قَدْرَ سِتَّةِ أَذْرُعٍ فَيَعْدُو حَتَّى يَتَوَسَّطَ بَيْنَ الْمِيلَيْنِ الْأَخْضَرَيْنِ اللَّذَيْنِ أَحَدُهُمَا فِي رُكْنِ الْمَسْجِدِ وَالْآخَرُ مُتَّصِلٌ بِجِدَارِ الْعَبَّاسِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَيَمْشِي حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى الْمَرْوَةِ، فَإِذَا عَادَ مِنْهَا إلَى الصَّفَا مَشَى فِي مَحَلِّ مَشْيِهِ وَسَعَى فِي مَحَلِّ سَعْيِهِ وَيُسَنُّ أَنْ يَقُولَ فِي السَّعْيِ وَلَوْ أُنْثَى: رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَتَجَاوَزْ عَمَّا تَعْلَمْ إنَّك أَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ.
فَصْلٌ فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ (يُسْتَحَبُّ) (لِلْإِمَامِ) الْأَعْظَمِ إنْ خَرَجَ مَعَ الْحَجِيجِ (أَوْ مَنْصُوبُهُ) لَهُمْ إنْ لَمْ يَخْرُجْ الْإِمَامُ (أَنْ يَخْطُبَ بِمَكَّةَ فِي سَابِعِ ذِي الْحِجَّةِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا الْمُسَمَّى بِيَوْمِ الزِّينَةِ لِتَزْيِينِهِمْ فِيهِ هَوَادِجَهُمْ وَتَكُونُ عِنْدَ الْكَعْبَةِ وَإِنَّمَا يَخْطُبُ (بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ) أَوْ الْجُمُعَةِ إنْ كَانَ يَوْمَهَا (خُطْبَةً فَرْدَةً) وَلَا تَكْفِي عَنْهَا خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ فِيهِ التَّأْخِيرُ عَنْ الصَّلَاةِ كَمَا تَقَرَّرَ؛ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ بِهَا التَّعْلِيمُ لَا الْوَعْظُ وَالتَّخْوِيفُ فَلَمْ يُشَارِكْ خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ بِخِلَافِ خُطْبَةِ الْكُسُوفِ. وَيُسَنُّ أَنْ يَكُونَ مُحْرِمًا كَمَا مَرَّ وَيَفْتَتِحُهَا بِالتَّلْبِيَةِ وَالْحَلَالُ بِالتَّكْبِيرِ (يَأْمُرُهُمْ فِيهَا بِالْغُدُوِّ) فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ الْمُسَمَّى يَوْمَ التَّرْوِيَةِ؛ لِأَنَّهُمْ يَتَرَوَّوْنَ فِيهِ الْمَاءَ (إلَى مِنًى) بِكَسْرِ الْمِيمِ بِالصَّرْفِ وَعَدَمِهِ، وَتُذَكَّرُ وَهُوَ الْأَغْلَبُ، وَقَدْ تُؤَنَّثُ، وَتَخْفِيفُ نُونِهَا أَشْهَرُ مِنْ تَشْدِيدِهَا. سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ مَا يُمْنَى: أَيْ يُرَاقُ فِيهَا مِنْ الدِّمَاءِ (وَيُعَلِّمُهُمْ)
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: ثُمَّ دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ) أَيْ بَيْنَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّوْحِيدِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ نَزَلَ إلَى الْمَرْوَةِ) أَيْ وَسَارَ حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ
(قَوْلُهُ: فَيَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ سَعْيًا) هُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّهُ يَقْبَلُ الصَّرْفَ، أَمَّا عَلَى مَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ فَلَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ أُنْثَى) لَمْ يَظْهَرْ لِأَخْذِهَا غَايَةُ هُنَا مَعْنًى، إذْ الصِّيغَةُ بِالنِّسْبَةِ لَهَا سَوَاءٌ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ التَّعْمِيمُ.
[فَصْلٌ فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ]
(فَصْلٌ) فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ
(قَوْلُهُ: فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ) قَدَّمَهُ مَعَ أَنَّهُ مُؤَخَّرٌ لَفْظًا؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ (قَوْلُهُ كَانَ يَوْمَهَا) أَيْ يَوْمَ السَّابِعِ (قَوْلُهُ:؛ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ بِهَا التَّعَلُّمُ) أَخَذَ بَعْضُهُمْ مِنْ هَذَا أَنَّهُ تُكَرَّرُ الْخُطْبَةُ أَوْ تَعَدَّدَ الْخُطَبَاءُ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيمَ لَا يَحْصُلْ إلَّا بِذَلِكَ لِلْكَثْرَةِ أَقُولُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ يَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِخُطْبَةٍ وَاحِدَةٍ أَخْذًا بِإِطْلَاقِهِمْ (قَوْلُهُ أَشْهَرُ مِنْ تَشْدِيدِهَا) أَيْ مَعَ
[حاشية الرشيدي]
فَصْلٌ فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute