للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جُنُونٌ فَوَلِيُّهُ وَلِيُّهُ فِي الصِّغَرِ) وَهُوَ الْأَبُ ثُمَّ الْجَدُّ (وَقِيلَ) وَلِيُّهُ (الْقَاضِي) وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّصْحِيحَيْنِ أَنَّ السَّفَهَ مُجْتَهَدٌ فِيهِ فَاحْتَاجَ إلَى نَظَرِ الْحَاكِمِ بِخِلَافِ الْجُنُونِ

(وَلَا يَصِحُّ مِنْ) (الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ) حِسًّا أَوْ شَرْعًا (بَيْعٌ) وَلَوْ بِغِبْطَةٍ أَوْ فِي الذِّمَّةِ (وَلَا شِرَاءٌ) وَإِنْ أَذِنَ الْوَلِيُّ وَقَدَّرَ الْعِوَضَ؛ لِأَنَّ تَصْحِيحَ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ مَعْنَى الْحَجْرِ، وَلِأَنَّهُمَا إتْلَافٌ أَوْ مَظِنَّةُ الْإِتْلَافِ.

نَعَمْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَهُ إيجَارُ نَفْسِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَمَلُهُ مَقْصُودًا فِي نَفْسِهِ لِاسْتِغْنَائِهِ بِمَالِهِ؛ لِأَنَّ لَهُ التَّطَوُّعَ بِمَنْفَعَتِهِ حِينَئِذٍ فَالْإِجَارَةُ أَوْلَى، بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ عَمَلَهُ؛ إذْ لِوَلِيِّهِ إجْبَارُهُ عَلَى الْكَسْبِ حِينَئِذٍ لِيَرْتَفِقَ بِهِ فِي النَّفَقَةِ فَلَا يَتَعَاطَى إيجَارَ غَيْرِهِ (وَلَا إعْتَاقٌ) حَالَ حَيَاتِهِ وَلَوْ بِعِوَضٍ كَالْكِتَابَةِ لِمَا مَرَّ، فَلَوْ كَانَ بَعْدَ الْمَوْتِ كَتَدْبِيرٍ وَوَصِيَّةٍ صَحَّ، وَيُكَفِّرُ فِي غَيْرِ الْقَتْلِ كَالْيَمِينِ بِالصَّوْمِ كَالْمُعْسِرِ لِئَلَّا يَضِيعَ مَالُهُ، بِخِلَافِ الْقَتْلِ فَإِنَّ الْوَلِيَّ يُعْتِقُ عَنْهُ فِيهِ؛ لِأَنَّ سَبَبَهُ حَصَلَ بِهِ قَتْلُ آدَمِيٍّ مَعْصُومٍ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، بِدَلِيلِ مَا حَكَاهُ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ الْجُورِيُّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُمَا لَوْ لَمْ يُفَسِّرَا لَمْ يُقْبَلْ، وَهُوَ ظَاهِرٌ

(وَقَوْلُهُ حِسًّا) بِأَنْ بَلَغَ رَشِيدًا ثُمَّ بَذَّرَ وَقَوْلُهُ أَوْ شَرْعًا: أَيْ بِأَنْ بَلَغَ سَفِيهًا وَحُجِرَ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَذِنَ الْوَلِيُّ) سَيَأْتِي حُكْمُ ذَلِكَ مَعَ الْإِذْنِ فِي الْمَتْنِ فَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَ مَا هُنَا إلَيْهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ ذَكَرَهُ هُنَا تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ إطْلَاقَ الْمَتْنِ شَامِلٌ لَهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ تَصْحِيحَ ذَلِكَ) فِي هَذَا التَّعْلِيلِ وَمَا بَعْدَهُ نَظَرٌ بِالنِّسْبَةِ لِإِذْنِ الْوَلِيِّ فَإِنَّهُ لَا يَأْذَنُ لَهُ إلَّا إذَا قَضَتْ الْمَصْلَحَةُ ذَلِكَ فَلَيْسَ فِعْلُهُ إتْلَافًا وَلَا فِي مَعْنَاهُ، وَيَكْفِي فِي فَائِدَةِ الْحَجْرِ تَوَقُّفُ الصِّحَّةِ إذْنَ الْوَلِيِّ لَوْ قِيلَ بِالصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُمَا) أَيْ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ (قَوْلُهُ: نَعَمْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) لَمْ يَتَقَدَّمْ ذِكْرُ الْإِجَارَةِ فِي كَلَامِهِ حَتَّى يَسْتَثْنِيَ مِنْهَا مَا ذُكِرَ، وَكَأَنَّ وَجْهَ الِاسْتِثْنَاءِ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ ذِكْرَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ مِثَالٌ وَأَنَّ الْمَقْصُودَ بُطْلَانُ جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ (قَوْلُهُ لِاسْتِغْنَائِهِ بِمَالِهِ) يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَقْصُودِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِلنَّفَقَةِ بِأَنْ كَانَ فَقِيرًا، وَبِغَيْرِ الْمَقْصُودِ مَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِكَوْنِهِ غَنِيًّا: لَكِنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ الْمَقْصُودِ أَنَّهُ مَا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ لَهَا وَقَعَ عَادَةً وَبِغَيْرِ التَّافِهِ (قَوْلُهُ: حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ قَصَدَ عَمَلَهُ بِأَنْ احْتَاجَ إلَيْهِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إجْبَارُهُ عَلَى الْكَسْبِ إذَا كَانَ غَنِيًّا بِمَالِهِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ رَاحَةَ الْبَدَنِ قَدْ تَكُونُ مَقْصُودَةً وَالْكَسْبُ غَيْرُ لَازِمٍ، لَكِنْ فِي ع مَا نَصُّهُ: وَلِلْوَلِيِّ إجْبَارُ الصَّبِيِّ وَالسَّفِيهِ عَلَى الْكَسْبِ اهـ.

وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْغَنِيِّ وَغَيْرِهِ وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ فِي الْفَصْلِ الْآتِي (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ تَصْحِيحَ إلَخْ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ أَوْ مَظِنَّةُ الْإِتْلَافِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَوَصِيَّةٍ) فِي خُرُوجِهَا بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ قَوْلِهِ حَالَ حَيَاتِهِ إلَخْ نُظِرَ؛ لِأَنَّهُ مُعْتَبَرٌ فِي الْإِعْتَاقِ دُونَ غَيْرِهِ وَالْوَصِيَّةُ بِمَالٍ لِزَيْدٍ لَيْسَتْ إعْتَاقًا، وَقَدْ يُقَالُ هِيَ تُخَرَّجُ بِالْقَيْدِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْمُقَيَّدِ أَوْ يُجْعَلُ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ فَلَوْ كَانَ رَاجِعًا لِلتَّصَرُّفِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ إعْتَاقًا (قَوْلُهُ: كَالْيَمِينِ) أَيْ وَالظِّهَارِ وَالْوِقَاعِ، وَفِي حَجّ مَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ، وَأَطَالَ فِي بَيَانِهِ فَرَاجِعْهُ، وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ وَيُكَفِّرُ فِي مُخَيَّرَةٍ بِالصَّوْمِ فَقَطْ اهـ.

وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ يُكَفِّرُ فِي الْمَرْتَبَةِ لِقَتْلٍ أَوْ غَيْرِهِ بِالْإِعْتَاقِ

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْقَتْلِ) عَمْدًا أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ لِحَقِّ اللَّهِ) صِلَةُ يُعْتِقُ

(قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ مَا حَكَاهُ) تَوْجِيهٌ لِلتَّعْلِيلِ تَخْصِيصُ الْإِعْتَاقِ بِالْقَتْلِ بِأَنَّ سَبَبَهُ قَتْلُ آدَمِيٍّ إلَخْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

كَأَنَّهُ إنَّمَا صَرَّحَ بِهَذَا جَرْيًا عَلَى ظَاهِرِ تَعْبِيرِ الْمَتْنِ بِقَوْلِهِ وَمَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ إذْ هُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ حُجِرَ عَلَيْهِ بِحَجْرٍ، وَإِلَّا فَمَوْضِعُ الْوَجْهَيْنِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ إذَا قُلْنَا يَعُودُ الْحَجْرُ بِنَفْسِهِ. قَالَ: أَمَّا إذَا قُلْنَا الْقَاضِي هُوَ الَّذِي يُعِيدُهُ فَهُوَ الَّذِي يَلِي أَمْرَهُ بِلَا خِلَافٍ اهـ. فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ فِيهِ طَرِيقَيْنِ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ وَيُرَاجَعُ كَلَامُ غَيْرِهِ

[مَا لَا يَصِحُّ مِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ]

. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُمَا إتْلَافٌ) فِيهِ مَنْعٌ ظَاهِرٌ، وَهُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا التَّعْلِيلِ لِشَرْحِ الرَّوْضِ، لَكِنَّ ذَاكَ إنَّمَا عَلَّلَ بِهِ لِقَوْلِ الرَّوْضِ وَلَا يَصِحُّ مِنْ السَّفِيهِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ عَقْدٌ مَالِيٌّ فَهُوَ لَيْسَ تَعْلِيلًا لِخُصُوصِ عَدَمِ صِحَّةِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بَلْ لِعُمُومِ الْعَقْدِ الْمَالِيِّ الشَّامِلِ لِجَمِيعِ مَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: نَعَمْ إلَخْ) وَجْهُ الِاسْتِدْرَاكِ أَنَّ الْإِجَارَةَ بَيْعٌ لِلْمَنَافِعِ وَهُوَ أَوْلَى مِمَّا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ. (قَوْلُهُ: وَوَصِيَّةٍ) أَيْ: بِالْعِتْقِ كَمَا هُوَ حَقُّ الْمَفْهُومِ؛ إذْ الْكَلَامُ فِي خُصُوصِ الْإِعْتَاقِ فَانْدَفَعَ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِمَّا هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مُطْلَقُ الْوَصِيَّةِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْكَافَ فِي قَوْلِهِ كَتَدْبِيرٍ وَوَصِيَّةٍ اسْتِقْصَائِيَّةٌ. (قَوْلُهُ: حَصَلَ بِهِ قَتْلُ آدَمِيٍّ) الْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ حَصَلَ بِهِ (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ مَا حَكَاهُ فِي الْمَطْلَبِ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ الدَّلَالَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>