للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وُجُوبًا مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ لِمَا مَرَّ فِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ غَيْرُهُ وَنَفْسُهُ عِنْدَ دُخُولِ بَيْتٍ خَالٍ، لِأَنَّ الشَّارِعَ رَغَّبَ فِيهَا وَالْعَبْدُ يَتَقَرَّبُ بِهَا فَهِيَ كَالْعِبَادَاتِ.

وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ عَلَى أَوْضَاعِ الْعِبَادَاتِ. وَمِمَّا يَنْعَقِدُ بِهِ تَشْمِيتُ عَاطِسٍ وَزِيَارَةُ قَادِمٍ وَتَعْجِيلُ مُؤَقَّتَةٍ أَوَّلَ وَقْتِهَا وَلَمْ يُعَارِضْ ذَلِكَ مُعَارِضٌ مِمَّا مَرَّ لِأَنَّ الشَّارِعَ رَغَّبَ فِيهَا فَكَانَتْ كَالْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ وَتَصَدُّقٍ عَلَى مَيِّتٍ أَوْ قَبْرِهِ وَلَمْ يُرِدْ تَمْلِيكَهُ وَاطَّرَدَ الْعُرْفُ بِأَنَّ مَا يُحْمَلُ لَهُ يُصْرَفُ عَلَى نَحْوِ فُقَرَاءَ هُنَاكَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ بَطَلَ وَخَرَجَ بِلَا تَجِبُ ابْتِدَاءً مَا وَجَبَ جِنْسُهُ شَرْعًا كَصَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَصَدَقَةٍ وَعِتْقٍ وَحَجٍّ فَيَجِبُ بِالنَّذْرِ قَطْعًا، وَيُعْتَبَرُ زِيَادَةٌ فِي الضَّابِطِ أَيْضًا وَهُوَ أَنْ لَا يُبْطِلَ رُخْصَةَ الشَّرْعِ لِيُخْرِجَ نَذْرَ عَدَمِ الْفِطْرِ فِي السَّفَرِ مِنْ رَمَضَانَ وَنَذْرَ الْإِتْمَامِ فِيهِ إذَا كَانَ الْأَفْضَلُ الْفِطْرَ فَإِنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ، وَلَوْ قَالَ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَعَلَيَّ تَعْجِيلُ زَكَاةِ مَالِي لَمْ يَنْعَقِدْ، أَوْ نَذَرَ الِاعْتِكَافَ صَائِمًا لَزِمَاهُ جَزْمًا، أَوْ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ إذَا عَطَسَ انْعَقَدَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ عِلَّةٌ، فَإِنْ عَطَسَ فِي نَحْوِ رُكُوعٍ قَرَأَهَا بَعْدَ صَلَاتِهِ، أَوْ فِي الْقِيَامِ قَرَأَهَا حَالًا إذْ تَكْرِيرُهَا لَا يُبْطِلُهَا، أَوْ أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ عَقِبَ شُرْبِهِ انْعَقَدَ، أَوْ أَنْ يُجَدِّدَ الْوُضُوءَ عِنْدَ مُقْتَضِيهِ فَكَذَلِكَ.

كِتَابُ الْقَضَاءِ بِالْمَدِّ، وَهُوَ فِي اللُّغَةِ: إحْكَامُ الشَّيْءِ وَإِمْضَاؤُهُ، وَأَتَى لِمَعَانٍ أُخَرَ، وَفِي الشَّرْعِ: الْوِلَايَةُ الْآتِيَةُ وَالْحُكْمُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهَا، أَوْ إلْزَامُ مَنْ لَهُ الْإِلْزَامُ بِحُكْمِ الشَّرْعِ فَخَرَجَ الْإِفْتَاءُ وَالْأَصْلُ فِيهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ وَفِي الْخَبَرِ «إذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ» أَيْ أَرَادَ الْحُكْمَ «فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، إذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ» وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ بَدَلَ الْأُولَى «فَلَهُ عَشَرَةُ أُجُورٍ» وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ هَذَا فِي حَاكِمٍ عَالِمٍ مُجْتَهِدٍ.

أَمَّا غَيْرُهُ فَآثِمٌ بِجَمِيعِ أَحْكَامِهِ وَإِنْ وَافَقَ الصَّوَابَ وَأَحْكَامُهُ كُلُّهَا مَرْدُودَةٌ لِأَنَّ إصَابَتَهُ اتِّفَاقِيَّةٌ.

وَرَوَى الْأَرْبَعَةُ وَالْحَاكِمُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وُجُوبِهَا عَلَيْهِ ابْتِدَاءً وَقَدْ مَرَّ عَدَمُ صِحَّةِ نَذْرِهَا (قَوْلُهُ لِأَنَّ الشَّارِعَ رَغَّبَ فِيهَا) أَيْ الْمَذْكُورَاتِ (قَوْلُهُ وَمِمَّا يَنْعَقِدُ بِهِ) أَيْ النَّذْرُ (قَوْلُهُ: مُعَارَضٌ مِمَّا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَعْذَارِ الْجَمَاعَةِ. [تَتِمَّةٌ]

لَوْ نَذَرَ زِيَارَةَ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَزِمَهُ، وَلَوْ قَالَ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِدِينَارٍ فَشُفِيَ جَازَ دَفْعُهُ إلَيْهِ إنْ كَانَ فَقِيرًا وَلَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ اهـ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ وَهُوَ أَنْ لَا يَبْطُلَ) أَيْ النَّذْرُ (قَوْلُهُ: أَوْ فِي الْقِيَامِ قَرَأَهَا حَالًا) أَيْ ثُمَّ يَأْتِي بِالْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ، وَيَنْبَغِي جَوَازُ تَقْدِيمِ قِرَاءَةِ الصَّلَاةِ بَلْ لَعَلَّهُ أَوْلَى، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ حَالًا لِجَوَازِ حَمْلِهِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ لَا يَجِبُ تَأْخِيرُهَا إلَى مَا بَعْدَ السَّلَامِ.

وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ.

يَكُنْ مَأْمُومًا، فَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا أَخَّرَ قِرَاءَتَهَا لِمَا بَعْدَ السَّلَامِ (قَوْلُهُ: إذْ تَكْرِيرُهَا لَا يُبْطِلُهَا) لَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَبْطَلَ بِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ مَحَلَّ الْقَوْلِ بِالْبُطْلَانِ فِي غَيْرِ نَحْوِ هَذِهِ الصُّورَةِ بِأَنْ كَرَّرَ لَا لِسَبَبٍ (قَوْلُهُ: فَكَذَلِكَ) أَيْ يَنْعَقِدُ.

كِتَابُ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: وَإِمْضَاؤُهُ) عَطْفٌ مُغَايِرٌ (قَوْلُهُ: وَأَتَى) أَيْ لُغَةً، وَقَوْلُهُ لَمَعَانٍ أُخَرَ: أَيْ كَالْوَحْيِ وَالْخَلْقِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

[كِتَابُ الْقَضَاءِ]

(قَوْلُهُ: أَمَّا غَيْرُهُ) يَعْنِي الْمُجْتَهِدَ غَيْرَ الْعَالِمِ بِأَنْ يَحْكُمَ بِاجْتِهَادِهِ مِنْ غَيْرِ تَقْلِيدٍ وَهُوَ لَمْ تَتَوَفَّرْ فِيهِ شُرُوطُ الِاجْتِهَادِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لِأَنَّ إصَابَتَهُ اتِّفَاقِيَّةٌ فَخَرَجَ الْمُقَلِّدُ بِشَرْطِهِ الْآتِي (قَوْلُهُ وَأَحْكَامُهُ كُلُّهَا مَرْدُودَةٌ) مَحَلُّهُ إنْ لَمْ يُوَلِّهِ ذُو شَوْكَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِمَّا يَأْتِي، ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ الرِّفْعَةِ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>