للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ) فِي صِيغَتَيْ الضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ وَهِيَ الرُّكْنُ الْخَامِسُ لِلضَّمَانِ، وَفِي مُطَالَبَةِ الضَّامِنِ وَأَدَائِهِ وَرُجُوعِهِ وَتَوَابِعَ لِذَلِكَ، وَعَبَّرَ عَنْ الرُّكْنِ بِالشَّرْطِ فَقَالَ (يُشْتَرَطُ فِي الضَّمَانِ) لِلْمَالِ (وَالْكَفَالَةِ) لِلْبَدَنِ أَوْ الْعَيْنِ (لَفْظٌ) غَالِبًا إذْ مِثْلُهُ الْكِتَابَةُ مَعَ النِّيَّةِ وَإِشَارَةُ أَخْرَسَ مُفْهِمَةٌ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ فِي مَوَاضِعَ (يُشْعِرُ بِالِالْتِزَامِ) كَغَيْرِهِ وَمِنْ الْعُقُودِ وَدَخَلَ فِي يُشْعِرُ الْكِنَايَةَ فَهُوَ أَوْضَحُ مِنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ كَغَيْرِهَا تَدُلُّ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ دَالَّةً: أَيْ دَلَالَةً ظَاهِرَةً ثُمَّ الصَّرِيحُ (كَ ضَمِنْت) وَإِنْ لَمْ يَضُمَّ لَهُ لَك كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ عَدَمُ ذِكْرِ الْمُصَنِّفِ لَهَا وَإِنْ ذَكَرَهَا كَالرَّافِعِيِّ فِي كُتُبٍ فَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ (دَيْنَكَ عَلَيْهِ) أَيْ فُلَانٍ (أَوْ تَحَمَّلْته أَوْ تَقَلَّدْته) أَوْ الْتَزَمْته (أَوْ تَكَفَّلْت بِبَدَنِهِ أَوْ أَنَا بِالْمَالِ) الَّذِي عَلَى عَمْرٍو مَثَلًا (أَوْ بِإِحْضَارِ الشَّخْصِ) الَّذِي هُوَ فُلَانٌ (ضَامِنٌ أَوْ كَفِيلٌ أَوْ زَعِيمٌ أَوْ حَمِيلٌ) أَوْ قَبِيلٌ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

[فَصْلٌ فِي صِيغَتَيْ الضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ]

(قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ الصِّيغَةُ

(قَوْلُهُ: لِلضَّمَانِ) أَيْ وَلِلْكَفَالَةِ أَيْضًا وَأَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُهَا (قَوْلُهُ: وَتَوَابِعِ ذَلِكَ) كَمِقْدَارِ مَا يَرْجِعُ بِهِ أَوْ جِنْسِهِ وَحُكْمِ مَا لَوْ أَدَّى دَيْنَ غَيْرِهِ بِلَا ضَمَانٍ

(قَوْلُهُ: وَعَبَّرَ عَنْ الرُّكْنِ بِالشَّرْطِ) أَيْ لِأَنَّهُ أَرَادَ بِالشَّرْطِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فَيَصْدُقُ بِالرُّكْنِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: عَبَّرَ بِالشَّرْطِ لِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الْكَلَامُ مِنْ الْقَيْدِ وَهُوَ قَوْلُهُ يُشْعِرُ بِالِالْتِزَامِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: يُشْتَرَطُ إشْعَارُ اللَّفْظِ بِالِالْتِزَامِ

(قَوْلُهُ: إذْ مِثْلُهُ الْكِتَابَةُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهَا مِنْ الْأَخْرَسِ أَوْ غَيْرِهِ، وَنَقَلَ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الشَّارِحِ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَعِبَارَةُ حَجّ فِي أَوَّلِ الْبَابِ عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ شَرْطُ الضَّامِنِ الرُّشْدُ نَصُّهَا: تَنْبِيهٌ: وَقَعَ لَهُمَا هُنَا مَا يَقْتَضِي أَنَّ كِتَابَةَ الْأَخْرَسِ الْمُنْضَمِّ إلَيْهَا قَرَائِنُ تُشْعِرُ بِالضَّمَانِ صَرِيحَةٌ وَإِنْ كَانَ لَهُ إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ، وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِإِطْلَاقِهِمْ أَنَّ كِتَابَتَهُ كِنَايَةٌ، وَلِقَوْلِهِمْ: الْكِنَايَةُ لَا تَنْقَلِبُ إلَى الصَّرِيحِ بِالْقَرَائِنِ وَإِنْ كَثُرَتْ كَأَنْتِ بَائِنٌ مُحَرَّمَةٌ أَبَدًا لَا تَحِلِّينَ لِي، وَعَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا فَهَلْ يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالضَّمَانِ أَوْ يَعُمُّ كُلَّ عَقْدٍ وَحِلٍّ وَيُقَيَّدُ بِهَذَا مَا أَطْلَقُوهُ ثَمَّ لِلنَّظَرِ فِيهِ مَجَالٌ، وَالْأَوَّلُ بَعِيدُ الْمَعْنَى لِأَنَّ الضَّمَانَ عَقْدُ غَرَرٍ، وَغَيْرُ مُحْتَاجٍ فَلَا يُنَاسِبُ جَعْلَ تِلْكَ الْكِتَابَةِ صَرِيحَةً فِيهِ دُونَ غَيْرِهِ.

وَالثَّانِي بَعِيدٌ مِنْ كَلَامِهِمْ اهـ: أَيْ فَالْكِتَابَةُ كِنَايَةٌ سَوَاءٌ انْضَمَّ إلَيْهَا قَرَائِنُ أَمْ لَا وُجِدَتْ مِنْ الْأَخْرَسِ أَوْ النَّاطِقِ فَيُوَافِقُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ م ر وَسَوَاءٌ فِي الْأَخْرَسِ أَكَانَ لَهُ إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ أَمْ لَا

(قَوْلُهُ: وَدَخَلَ فِي يُشْعِرُ الْكِنَايَةَ) بِالنُّونِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْإِشْعَارَ أَمْرٌ خَفِيٌّ، وَقَدْ يُخَالِفُهُ قَوْلُ الْبَيْضَاوِيِّ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى {وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} [البقرة: ٩] لَا يُحِسُّونَ بِذَلِكَ لِتَمَادِي غَفْلَتِهِمْ جَعَلَ لُحُوقَ وَبَالِ الْخِدَاعِ وَرُجُوعَ ضَرَرِهِ إلَيْهِمْ فِي الظُّهُورِ كَالْمَحْسُوسِ الَّذِي لَا يَخْفَى إلَّا عَلَى مُؤَفِّ الْحَوَاسِّ: أَيْ الَّذِي أُصِيبَتْ حَوَاسُّهُ بِالْآفَةِ حَتَّى فَسَدَتْ وَالشُّعُورُ الْإِحْسَاسُ وَمَشَاعِرُ الْإِنْسَانِ حَوَاسُّهُ اهـ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا) أَيْ الْكِنَايَةَ بِالنُّونِ

(قَوْلُهُ: دَيْنُك عَلَيْهِ) هُوَ ظَاهِرٌ إنْ اتَّحَدَ الدَّيْنُ وَتَوَافَقَا عَلَيْهِ، فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنُ قَرْضٍ، وَثَمَنُ مَبِيعٍ مَثَلًا وَطَالَبَهُ رَبُّ الدَّيْنِ فَقَالَ الْكَفِيلُ ضَمِنْت دَيْنَك عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: أَنَا ضَمِنْت شَيْئًا خَاصًّا كَدَيْنِ الْقَرْضِ مَثَلًا فَهَلْ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَنْبَغِي تَصْدِيقُ الْكَفِيلِ إنْ دَلَّتْ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ كَمَا لَوْ طَالَبَهُ بِدَيْنِ الْقَرْضِ فَقَالَ ذَلِكَ، فَلَوْ لَمْ تَقُمْ عَلَى ذَلِكَ قَرِينَةٌ حُمِلَ عَلَى جَمِيعِ الدُّيُونِ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُفْرَدٌ مُضَافٌ إلَى مَعْرِفَةٍ فَيَعُمُّ

(قَوْلُهُ: أَوْ أَنَا بِالْمَالِ أَوْ بِإِحْضَارِ الشَّخْصِ الَّذِي هُوَ فُلَانٌ) قَالَ حَجّ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذُكِرَ: وَإِنَّمَا قَيَّدْت الْمَالَ وَالشَّخْصَ بِمَا ذَكَرْته لِمَا هُوَ وَاضِحٌ أَنَّهُ لَا يَكْفِي ذِكْرُ مَا فِي

ــ

[حاشية الرشيدي]

فَصْلٌ) فِي صِيغَتَيْ الضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>