للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ لَهُ: وَكِّلْ مَنْ شِئْت وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ، وَفَارَقَ مَا لَوْ قَالَتْ لِوَلِيِّهَا: زَوِّجْنِي مِمَّنْ شِئْت حَيْثُ جَازَ لَهُ تَزْوِيجُهَا مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا حِفْظُ الْمَالِ وَحُسْنُ التَّصَرُّفِ فِيهِ وَغَيْرُ الْأَمِينِ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ ذَلِكَ، وَثَمَّ مُجَرَّدُ صِفَةِ كَمَالٍ هِيَ الْكَفَاءَةُ، وَقَدْ يُتَسَامَحُ بِتَرْكِهَا بَلْ قَدْ يَكُونُ غَيْرُ الْكُفْءِ أَصْلَحَ (وَلَوْ وَكَّلَ) الْوَكِيلُ (أَمِينًا) فِي شَيْءٍ مِنْ الصُّورَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ (فَفَسَقَ لَمْ يَمْلِكْ الْوَكِيلُ عَزْلَهُ فِي الْأَصَحِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّهُ أُذِنَ فِي التَّوْكِيلِ دُونَ الْعَزْلِ.

وَالثَّانِي نَعَمْ لِأَنَّ الْإِذْنَ فِي التَّوْكِيلِ يَقْتَضِي تَوْكِيلَ الْأُمَنَاءِ فَإِذَا فَسَقَ لَمْ يَجُزْ اسْتِعْمَالُهُ فَيَجُوزُ عَزْلُهُ.

فَصْلٌ فِي بَقِيَّةٍ مِنْ أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ أَيْضًا وَهِيَ مَا يَجِبُ عَلَى الْوَكِيلِ عِنْدَ التَّقْيِيدِ لَهُ بِغَيْرِ الْأَجَلِ وَمُخَالَفَتُهُ لِمَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ وَكَوْنُ يَدِهِ يَدَ أَمَانَةٍ وَتَعَلُّقُ أَحْكَامِ الْعَقْدِ بِهِ (قَالَ: بِعْ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ أَوْ فِي زَمَنٍ) مُعَيَّنٍ (أَوْ مَكَانٌ مُعَيَّنٍ) (تَعَيَّنَ) يَعْنِي بِتَعْيِينِهِ فِي الْجَمِيعِ نَحْوُ لِزَيْدٍ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ فِي سُوقِ كَذَا، كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ مُرِيدًا بِهِ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ " مُعَيَّنٍ " وَمَا بَعْدَهُ حِكَايَةٌ لِلَّفْظِ الْمُوَكِّلِ بِالْمَعْنَى،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الْمُوَكِّلَ.

(فَصْلٌ) فِي بَقِيَّةٍ مِنْ أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ (قَوْلُهُ: وَمُخَالَفَتُهُ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ مَا يَجِبُ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ، وَالْأَصْلُ وَحُكْمُ مُخَالَفَتِهِ فَحُذِفَ الْمُضَافُ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَقَامَهُ لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ لَيْسَتْ مِنْ الْأَحْكَامِ (قَوْلُهُ: قَالَ بِعْ) وَمِثْلُ الْبَيْعِ غَيْرُهُ مِنْ سَائِرِ الْعُقُودِ كَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: لِشَخْصٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَبِيعُ مِنْهُ وَيَمْتَنِعُ الْبَيْعُ مِنْ غَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ هُوَ إلَّا ثَمَنَ الْمِثْلِ وَإِنْ رَغِبَ غَيْرُهُ بِزِيَادَةٍ عَنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ لِامْتِنَاعِ الْبَيْعِ مِنْ الرَّاغِبِ بِهَا فَهِيَ كَالْعَدَمِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحِلَّ التَّعَيُّنِ إذَا لَمْ تَدُلَّ الْقَرِينَةُ عَلَى عَدَمِ إرَادَةِ التَّقْيِيدِ بِهِ وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَوْ لَمْ يَبِعْ مِنْ غَيْرِهِ نُهِبَ الْمَبِيعُ وَفَاتَ عَلَى الْمَالِكِ جَازَ الْبَيْعُ مِنْ غَيْرِهِ لِلْقَطْعِ بِرِضَا الْمَالِكِ بِذَلِكَ، وَأَنَّ الْمُرَادَ التَّقْيِيدُ بِهِ فِي غَيْرِ مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ.

فَإِنْ قُلْت: قِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّ الشَّخْصَ لَوْ لَمْ يَأْذَنْ فِي بَيْعِ مَالِهِ لِأَحَدٍ فَرَأَى شَخْصٌ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَبِعْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ نُهِبَ وَفَاتَ عَلَى مَالِكِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ. قُلْت: فِيهِ نَظَرٌ، وَالْفَرْقُ وَاضِحٌ لِأَنَّهُ هُنَا إذْنٌ فِي الْبَيْعِ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِهِ هُنَاكَ فَإِنَّهُ لَا إذْنَ مُطْلَقًا اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحِلَّ الْمَنْعِ إذَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ رِضَا مَالِكِهِ بِأَنَّهُ يَبِيعُهُ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِلْمَنْعِ، وَقَدْ قِيلَ بِمِثْلِهِ فِي عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ وَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ هَذَا مِنْهُ وَفَرْضُهُ فِي الشَّخْصِ الْمُعَيَّنِ لَيْسَ قَيْدًا بَلْ مِثْلُهُ الْمَكَانُ الْمُعَيَّنُ إذَا خَرَجَ عَنْ الْأَهْلِيَّةِ فَفِيهِ التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ فَيَجُوزُ لَهُ الْبَيْعُ فِي غَيْرِهِ حَيْثُ خِيفَ عَلَيْهِ النَّهْبُ أَوْ التَّلَفُ لَوْ لَمْ يَبِعْهُ فِي غَيْرِهِ، أَمَّا لَوْ خَرَجَ السُّوقُ الْمُعَيَّنُ عَنْ الصَّلَاحِيَّةِ مَعَ بَقَاءِ الْأَمْنِ فِي الْبَلَدِ وَعَدَمِ الْخَوْفِ عَلَى الْمُوَكَّلِ فِيهِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ فِي غَيْرِ الْمَكَانِ الْمُعَيَّنِ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

[فَصْلٌ فِي بَقِيَّةٍ مِنْ أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ]

(فَصْلٌ فِي بَقِيَّةٍ مِنْ أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ) (قَوْلُهُ: يَعْنِي بِتَعْيِينِهِ فِي الْجَمِيعِ إلَخْ) هَذَا إنَّمَا قَالَهُ الشَّارِحُ الْجَلَالُ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مُعَيَّنٍ، فَمُرَادُهُ بِهِ تَفْسِيرُ الْمُرَادِ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مُعَيَّنٍ: أَيْ إنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ مِنْ تَعْيِينِ الْمُوَكِّلِ الَّذِي عَبَّرَ بِهِ عَنْهُ بِمُعَيَّنٍ أَنْ يَقُولَ الْمُوَكِّلُ لِزَيْدٍ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ فِي سُوقِ كَذَا فَنَحْوُ فِي كَلَامِهِ مَفْعُولٌ لِيَعْنِيَ (قَوْلُهُ: مُرِيدًا بِهِ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ مُعَيَّنٌ وَمَا بَعْدَهُ) الصَّوَابُ إسْقَاطُ لَفْظِ وَمَا بَعْدَهُ، وَعُذْرُهُ أَنَّهُ شَرَحَ كَلَامَ الْجَلَالِ بِكَلَامِ الشِّهَابِ حَجّ، وَالشِّهَابُ الْمَذْكُورُ إنَّمَا قَالَ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ وَأَحَالَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ صَنِيعِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>