بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ
هُوَ لُغَةٌ: طَلَبُ السُّقْيَا، وَشَرْعًا: طَلَبُ سُقْيَا الْعِبَادِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا، يُقَالُ سَقَاهُ وَأَسْقَاهُ بِمَعْنًى غَالِبًا. وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ الِاتِّبَاعُ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا وَاسْتَأْنَسُوا لَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ} [البقرة: ٦٠] الْآيَةُ (هِيَ سُنَّةٌ) مُؤَكَّدَةٌ لِمُقِيمٍ وَلَوْ بِقَرْيَةٍ، أَوْ بَادِيَةٍ وَمُسَافِرٍ وَلَوْ سَفَرَ قَصْرٍ لِاسْتِوَاءِ الْجَمِيعِ فِي الْحَاجَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ لِمَا مَرَّ فِي الْعِيدِ وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ ثَابِتَةٌ بِالْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ أَدْنَاهَا يَكُونُ بِالدُّعَاءِ مُطْلَقًا فُرَادَى، أَوْ مُجْتَمِعِينَ، وَأَوْسَطُهَا يَكُونُ بِالدُّعَاءِ خَلْفَ الصَّلَوَاتِ وَلَوْ نَافِلَةً كَمَا فِي الْبَيَانِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَفِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَإِنْ وَقَعَ لِلْمُصَنِّفِ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ تَقْيِيدُهُ بِالْفَرَائِضِ، وَأَفْضَلُهَا أَنْ يَكُونَ بِالصَّلَاةِ وَالْخُطْبَةِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُمَا وَإِنَّمَا تُطْلَبُ، (عِنْدَ الْحَاجَةِ) كَانْقِطَاعِ الْمَاءِ أَوْ مُلُوحَتِهِ، أَوْ قِلَّتِهِ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ كَافِيًا، وَعُلِمَ مِنْهُ عَدَمُ سَنِّهَا عِنْدَ انْقِطَاعِ الْمَاءِ وَنَحْوِهِ، وَالْحَاجَةُ غَيْرُ دَاعِيَةٍ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَبِهِ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ وَشَمَلَ إطْلَاقُهُ الْحَاجَةَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
(قَوْلُهُ: صَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَكَرَاهَةِ سَبِّ الرِّيحِ (قَوْلُهُ: هُوَ لُغَةً طَلَبُ السُّقْيَا) وَهِيَ اسْمٌ مِنْ سَقَاهُ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: سَقَيْت الزَّرْعَ سَقْيًا وَأَسْقَى بِالْأَلِفِ لُغَةٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ سَقَيْته وَأَسْقَيْته: دَعَوْت لَهُ فَقُلْت سُقْيًا لَك، وَفِي الدُّعَاءِ " سُقْيَا رَحْمَةٍ وَلَا سُقْيَا عَذَابٍ " عَلَى فُعْلَى بِالضَّمِّ: أَيْ اسْقِنَا غَيْثًا فِيهِ نَفْعٌ بِلَا ضَرَرٍ وَلَا تَخْرِيبٍ اهـ (قَوْلُهُ: وَشَرْعًا طَلَبُ سُقْيَا الْعِبَادِ) أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى غَالِبًا) أَيْ فِي أَكْثَرِ اللُّغَاتِ، وَقِيلَ يُقَالُ سَقَاهُ لِشَفَتِهِ وَأَسْقَاهُ لِمَاشِيَتِهِ وَأَرْضِهِ اهـ مُخْتَارٌ. وَقِيلَ سَقَاهُ لِشَفَتِهِ وَأَسْقَاهُ إذَا دَلَّهُ عَلَى الْمَاءِ. وَقِيلَ سَقَاهُ إذَا نَاوَلَهُ الْمَاءَ لِيَشْرَبَ وَأَسْقَاهُ إذَا جَعَلَ لَهُ سَقْيًا اهـ شَرْحُ رَوْضِ بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ بَعْضَ أَنْوَاعِهِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَاسْتَأْنَسُوا لَهُ إلَخْ) إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا لَيْسَ شَرْعًا لَنَا وَإِنْ وَرَدَ فِي شَرْعِنَا مَا يُقَرِّرُهُ (قَوْلُهُ: لِمُقِيمٍ) أَيْ وَلَوْ عَاصِيًا بِإِقَامَتِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ سَفَرَ قَصْرٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ عَاصِيًا بِسَفَرِهِ، وَلَا مَانِعَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الدُّعَاءُ وَهُوَ كَمَا يَكُونُ مِنْ الْمُطِيعِ يَكُونُ مِنْ الْعَاصِي (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَالصَّارِفُ عَنْ الْوُجُوبِ خَبَرُ هَلْ عَلَى غَيْرِهَا. . إلَخْ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ خَلْقُ الصَّلَوَاتِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَافِلَةً) أَيْ وَصَلَاةُ جِنَازَةٍ لَا سَجْدَةُ تِلَاوَةٍ وَشُكْرٍ (قَوْلُهُ بِالصَّلَاةِ وَالْخُطْبَةِ) اُنْظُرْ لَوْ نَذَرَ الِاسْتِسْقَاءَ فَهَلْ يَخْرُجُ عَنْ عُهْدَةِ النَّذْرِ بِإِحْدَى الْكَيْفِيَّاتِ الْمَذْكُورَةِ أَوْ يُحْمَلُ نَذْرُهُ عَلَى الْكَيْفِيَّةِ الْكَامِلَةِ؛ لِأَنَّ إطْلَاقَ الِاسْتِسْقَاءِ عَلَى الدُّعَاءِ بِنَوْعَيْهِ صَارَ كَالِاسْتِعْمَالِ الْمَهْجُورِ فَحُمِلَ اللَّفْظُ مِنْهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْهَا وَهُوَ الْأَكْمَلُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي فَلَا يُبَرَّرُ بِمُطْلَقِ الدُّعَاءِ وَلَا بِهِ خَلْفَ الصَّلَوَاتِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْحَاجَةِ) أَيْ نَاجِزَةٌ أَوْ غَيْرُهَا، كَأَنْ طَلَبَ عِنْدَ عُدْمِ الْمَاءِ عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ حَالًا حُصُولَهُ بَعْدَ مُدَّةٍ يَحْتَاجُونَ فِيهَا إلَيْهِ كَأَنْ طَلَبَ فِي زَمَنِ الصَّيْفِ حُصُولَهُ فِي زَمَنِ الشِّتَاءِ (قَوْلُهُ: أَوْ مُلُوحَتِهِ) أَلْحَقَ بِهِ بَعْضُهُمْ بَحْثًا عَدَمَ طُلُوعِ الشَّمْسِ الْمُعْتَادِ؛ لِأَنَّ عَدَمَهَا يُؤَدِّي إلَى عَدَمِ نُمُوِّ الزَّرْعِ،
[حاشية الرشيدي]
[بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ]
ِ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ فِي الْعِيدِ) وَمَرَّ مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ) الصَّوَابُ وَهُوَ أَيْ الِاسْتِسْقَاءُ إذْ الصَّلَاةُ لَا تَنْقَسِمُ إلَى صَلَاةٍ وَغَيْرِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute