اللَّمْسَ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ زَوَالُهُ بِزَوَالِهِ، فَإِنْ فُرِضَ زَوَالُهُ مَعَ بَقَاءِ الْبَطْشِ لَمْ يَجِبْ فِيهِ سِوَى حُكُومَةٍ، وَلَا قَوَدَ (وَالذَّوْقُ وَالشَّمُّ) وَالْكَلَامُ يَجِبُ الْقِصَاصُ فِيهَا بِالسِّرَايَةِ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ لَهَا مَحَالَّ مَضْبُوطَةً وَلِأَهْلِ الْخِبْرَةِ طُرُقٌ فِي إبْطَالِهَا، وَالثَّانِي يَقُولُ لَا يُمْكِنُ الْقِصَاصُ فِيهَا
(وَلَوْ) (قَطَعَ أُصْبُعًا فَتَأَكَّلَ غَيْرُهَا) مِنْ بَقِيَّةِ الْأَصَابِعِ (فَلَا قِصَاصَ فِي الْمُتَأَكِّلِ) بِالسِّرَايَةِ وَفَارَقَ إذْهَابُ الْمَعَانِي مِنْ بَصَرٍ وَنَحْوِهِ بِأَنَّ ذَاكَ لَا يُبَاشَرُ بِالْجِنَايَةِ، بِخِلَافِ الْأُصْبُعِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْأَجْسَامِ فَيُقْصَدُ بِمَحَلِّ الْبَصَرِ مَثَلًا نَفْسُهُ وَلَا يُقْصَدُ بِالْأُصْبُعِ مَثَلًا غَيْرُهَا، فَلَوْ اقْتَصَّ بِالْأُصْبُعِ فَسَرَى لِغَيْرِهَا لَمْ تَقَعْ السِّرَايَةُ قِصَاصًا بَلْ تَجِبُ عَلَى الْجَانِي لِلْأَصَابِعِ الْأَرْبَعَةِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ الدِّيَةِ، وَفَارَقَ مَا هُنَا وُجُوبَ الْقَوَدِ فِيمَا لَوْ ضَرَبَ يَدَهُ فَتَوَرَّمَتْ ثُمَّ سَقَطَتْ بَعْدَ أَيَّامٍ بِأَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى جَمِيعِ الْيَدِ قَصْدًا فَانْتَفَتْ السِّرَايَةُ.
بَابُ كَيْفِيَّةِ الْقِصَاصِ
مِنْ قَصَّ قَطَعَ أَوْ اقْتَصَّ تَبِعَ لِاتِّبَاعِ الْمُسْتَحِقِّ الْجَانِيَ إلَى الِاسْتِيفَاءِ مِنْهُ (وَمُسْتَوْفِيهِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهِ) وَالْعَفْوِ عَنْهُ، وَلَا مَحْذُورَ فِي الزِّيَادَةِ عَمَّا فِي التَّرْجَمَةِ كَمَا وَقَعَ لِلْبُخَارِيِّ كَثِيرًا، بِخِلَافِ عَكْسِهِ وَتَقْدِيمِهِ الْمُسْتَوْفَى فِي التَّرْجَمَةِ عَلَى مَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ الْأَنْسَبُ بِالْكَيْفِيَّةِ وَتَأْخِيرِهِ عَنْهُ فِي الْكَلَامِ عَلَيْهِ لِطُولِهِ، وَقَدْ جَرَتْ عَادَتُهُمْ بِتَقْدِيمِ مَا يَقِلُّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ لِيُحْفَظَ (لَا تُقْطَعُ) أَيْ لَا تُؤْخَذُ لِيَشْمَلَ الْمَعَانِيَ أَيْضًا فَكَلَامُهُ عَلَى الْغَالِبِ (يَسَارٌ بِيَمِينٍ) سَوَاءٌ الْأَعْضَاءُ وَالْمَعَانِي لِاخْتِلَافِهِمَا مَحَلًّا وَمَنْفَعَةً فَلَمْ تُوجَدْ الْمُسَاوَاةُ الْمَقْصُودَةُ مِنْ الْقِصَاصِ (وَلَا شَفَةٌ سُفْلَى بِعُلْيَا) وَلَا جَفْنٌ أَسْفَلُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَالذَّوْقُ بِهَا عَلَى الْفَمِ وَالشَّمُّ بِهَا عَلَى الرَّأْسِ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْغَالِبَ زَوَالُهُ) أَيْ اللَّمْسِ بِزَوَالِهِ أَيْ الْبَطْشِ
(قَوْلُهُ: فِي إبْطَالِهَا) أَيْ فَإِنْ لَمْ يُوجَدُوا فَالْخِبْرَةُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بَيْنَ الِانْتِظَارِ وَالْعَفْوِ عَلَى الدِّيَةِ
(قَوْلُهُ: فَلَا قِصَاصَ فِي الْمُتَأَكِّلِ) ع: وَلَكِنْ تَجِبُ دِيَتُهُ عَلَى الْجَانِي حَالَّةً فِي مَالِهِ لِأَنَّهَا سِرَايَةُ جِنَايَةِ عَمْدٍ وَإِنْ جُعِلَتْ خَطَأً فِي سُقُوطِ الْقِصَاصِ، وَقِيلَ عَلَى الْعَاقِلَةِ؛ لِأَنَّا قَدَّرْنَاهَا فِي حُكْمِ الْخَطَأِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
(بَابُ كَيْفِيَّةِ الْقِصَاصِ)
(قَوْلُهُ: مِنْ قَصَّ) وَالْأَخْذُ مِنْ الْأَوَّلِ أَنْسَبُ لِكَوْنِهِ مَعَ اشْتِمَالِهِ عَلَى جَمِيعِ الْحُرُوف مُجَرَّدًا، وَالثَّانِي مَزِيدٌ فِيهِ، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ الْمُجَرَّدِ (قَوْلُهُ: وَلَا مَحْذُورَ فِي الزِّيَادَةِ) أَيْ بَلْ قَالَ السَّيِّدُ عِيسَى الصَّفَوِيُّ فِيمَا كَتَبَهُ عَلَى حَاشِيَةِ السَّيِّدِ الْجُرْجَانِيِّ: مَا كَانَ مِنْ التَّوَابِعِ لَا يُعَدُّ زِيَادَةً، وَعِبَارَتُهُ: وَلَيْسَ مُرَادُهُمْ بِكَوْنِ الْبَابِ فِي كَذَا الْحَصْرَ بَلْ إنَّهُ الْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ أَوْ الْمُعْظَمِ، فَلَوْ ذَكَرَ غَيْرَهُ نَادِرًا وَاسْتِطْرَادًا لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَرَكَ ذِكْرَهُ فِي التَّرْجَمَةِ اعْتِمَادًا عَلَى تَوَجُّهِ الذِّهْنِ إلَيْهِ إمَّا بِطَرِيقِ الْمُقَايَسَةِ أَوْ اللُّزُومِ
(قَوْلُهُ: لَا تُؤْخَذُ) أَيْ لَا يَجُوزُ وَلَوْ بِالرِّضَا كَمَا يَأْتِي
(قَوْلُهُ: عَلَى الْغَالِبِ) الْأَوْلَى أَوْ عَلَى الْغَالِبِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ أَنَّهُ عَبَّرَ بِالْقَطْعِ لِكَوْنِهِ الْغَالِبَ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ لِأَنَّ الْقُيُودَ إذَا كَانَتْ لِلْغَالِبِ لَا مَفْهُومَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: فَلَوْ اُقْتُصَّ فِي الْأُصْبُعِ فَسَرَى إلَخْ.) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: فَلَوْ قَطَعَ أُصْبُعًا فَسَرَتْ لِلْبَقِيَّةِ فَقُطِعَتْ أُصْبُعُهُ فَسَرَتْ كَذَلِكَ لَزِمَهُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ دِيَةِ الْعَمْدِ لِأَنَّهَا سِرَايَةُ جِنَايَةِ عَمْدٍ (قَوْلُهُ: لَمْ تَقَعْ السِّرَايَةُ قِصَاصًا) الْأَوْلَى حَذْفُهُ.
[بَابٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْقِصَاصِ]
(بَابُ كَيْفِيَّةِ الْقِصَاصِ)
(قَوْلُهُ: فَكَلَامُهُ عَلَى الْغَالِبِ) هَذَا التَّفْرِيعُ فِيهِ حَزَازَةٌ بَعْدَ تَفْسِيرِهِ الْمَتْنَ بِمَا ذَكَرْنَا، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ عَقِبَ الْمَتْنِ