للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيْرِ زَوْجٍ) مِنْ الْمَوْتَى (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) فَأَقَلَّ (وَتَحْرُمُ الزِّيَادَةُ) عَلَيْهَا بِقَصْدِ الْإِحْدَادِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) فَلَوْ تَرَكَتْ ذَلِكَ بِلَا قَصْدٍ لَمْ تَأْثَمْ لِلْخَبَرَيْنِ السَّابِقِينَ، وَلِأَنَّ فِي تَعَاطِيهِ عَدَمَ الرِّضَا بِالْقَضَاءِ، وَالْأَلْيَقُ بِهَا التَّقَنُّعُ بِجِلْبَابِ الصَّبْرِ، وَإِنَّمَا رُخِّصَ لِلْمُعْتَدَّةِ فِي عِدَّتِهَا لِحَبْسِهَا عَلَى الْمَقْصُودِ مِنْ الْعِدَّةِ وَلِغَيْرِهَا فِي الثَّلَاثِ لِأَنَّ النُّفُوسَ لَا تَسْتَطِيعُ فِيهَا الصَّبْرَ وَلِذَلِكَ سُنَّ فِيهَا التَّعْزِيَةُ وَتَنْكَسِرُ بَعْدَهَا أَعْلَامُ الْحُزْنِ، وَالْأَشْبَهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ إشَارَةِ الْقَاضِي أَنَّ الْمُرَادَ بِغَيْرِ الزَّوْجِ الْقَرِيبُ فَيَمْتَنِعُ عَلَى الْأَجْنَبِيَّةِ الْإِحْدَادُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ مُطْلَقًا وَلَوْ سَاعَةً، وَأَلْحَقَ الْغَزِّيِّ بَحْثًا بِالْقَرِيبِ الصَّدِيقَ وَالْعَالِمَ وَالصَّالِحَ وَالسَّيِّدَ وَالْمَمْلُوكَ وَالصِّهْرِ، كَمَا أَلْحَقُوا مَنْ ذُكِرَ بِهِ فِي أَعْذَارِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ.

وَضَابِطُهُ أَنَّ مَنْ حَزِنَتْ لِمَوْتِهِ فَلَهَا الْإِحْدَادُ عَلَيْهِ ثَلَاثَةً وَمَنْ لَا فَلَا، وَيُمْكِنُ حَمْلُ إطْلَاقِ الْحَدِيثِ وَالْأَصْحَابِ عَلَى هَذَا، وَظَاهِرٌ أَنَّ الزَّوْجَ لَوْ مَنَعَهَا مِمَّا يَنْقُصُ بِهِ تَمَتُّعُهُ حُرِّمَ عَلَيْهَا فِعْلُهُ، وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ امْتِنَاعَ الْإِحْدَادِ عَلَى الرَّجُلِ ثَلَاثَةً عَلَى قَرِيبِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَقَوْلُ الْإِمَامِ إنَّ التَّحَزُّنَ فِي الْمُدَّةِ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِالنِّسَاءِ مَمْنُوعٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّهُ شُرِعَ لِلنِّسَاءِ لِنَقْصِ عَقْلِهِنَّ الْمُقْتَضِي عَدَمَ الصَّبْرِ مَعَ أَنَّ الشَّارِعَ أَوْجَبَ الْإِحْدَادَ عَلَى النِّسَاءِ دُونَ الرِّجَالِ.

(فَصْلٌ) فِي سُكْنَى الْمُعْتَدَّةِ وَمُلَازَمَتِهَا مَسْكَنَ فِرَاقِهَا (تَجِبُ سُكْنَى لِمُعْتَدَّةِ طَلَاقٍ) حَائِلٍ أَوْ حَامِلٍ (وَلَوْ بَائِنٍ) بِجَرِّهِ كَمَا بِخَطِّهِ عَطْفًا عَلَى الْمَجْرُورِ وَنَصْبُهُ أَوْلَى: أَيْ وَلَوْ كَانَتْ بَائِنًا، وَيَجُوزُ رَفْعُهُ بِتَقْدِيرِ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ: أَيْ وَلَوْ هِيَ بَائِنٌ وَيَسْتَمِرُّ وُجُوبُهَا إلَى انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ} [الطلاق: ٦] وقَوْله تَعَالَى {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} [الطلاق: ١] أَيْ بُيُوتِ أَزْوَاجِهِنَّ وَأَضَافَهَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: فَلَوْ تَرَكَتْ ذَلِكَ) أَيْ تَرَكَتْ التَّزَيُّنَ وَكَانَتْ عَلَى صُورَةِ الْمُحَدَّةِ لَمْ تَأْثَمْ لِعَدَمِ قَصْدِهِ (قَوْلُهُ: التَّقَنُّعُ بِجِلْبَابِ الصَّبْرِ) عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: الْجِلْبَابُ الْمِلْحَفَةُ اهـ.

وَعَلَيْهِ فَهُوَ اسْتِعَارَةٌ بِالْكِنَايَةِ وَاسْتِعَارَةٌ تَخْيِيلِيَّةٌ فَتُشَبِّهُ الصَّبْرَ بِإِنْسَانٍ مُسْتَتِرٍ بِمَا يَمْنَعُ رُؤْيَتَهُ اسْتِعَارَةٌ بِالْكِنَايَةِ وَإِثْبَاتُ الْجِلْبَابِ لَهُ اسْتِعَارَةٌ تَخْيِيلِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا رُخِّصَ لِلْمُعْتَدَّةِ) قَدْ يُمْنَعُ تَسْمِيَةُ مَا ذُكِرَ رُخْصَةً لِأَنَّ الرُّخْصَةَ الْحُكْمُ الْمُتَغَيِّرُ إلَيْهِ السَّهْلُ لِعُذْرٍ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ لِلْحُكْمِ الْأَصْلِيِّ، وَالْإِحْدَادُ عَلَى الْمُعْتَدَّةِ وَاجِبٌ فَلَمْ تَنْتَقِلْ لِسَهْلٍ بَلْ لِصَعْبٍ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَلَمْ يَجْرِ ذَلِكَ فِي الْمُعْتَدَّةِ لِحَثِّهَا إلَخْ اهـ وَهِيَ أَوْضَحُ (قَوْلُهُ وَلَوْ سَاعَةً) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ رِيبَةً وَخَالَفَ حَجّ فِيمَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ: حُرِّمَ عَلَيْهَا فِعْلُهُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ مِمَّا يَجُوزُ لَهَا الْإِحْدَادُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ) اُنْظُرْ هَلْ ذَلِكَ كَبِيرَةٌ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّهُ لَا وَعِيدَ عَلَى فِعْلِهِ، وَمُجَرَّدُ النَّهْي إنَّمَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ لَا كَوْنَ الْفِعْلِ كَبِيرَةً مُوجِبَةً لِلْفِسْقِ، وَفِي الزَّوَاجِرِ إنَّهُ كَبِيرَةٌ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ.

(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ سُكْنَى الْمُعْتَدَّةِ (قَوْلُهُ: وَمُلَازَمَتُهَا إلَخْ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَخُرُوجِهَا لِقَضَاءِ حَاجَةٍ (قَوْلُهُ: عَطْفًا عَلَى الْمَجْرُورِ) هُوَ قَوْلُهُ طَلَاقٌ

ــ

[حاشية الرشيدي]

اُنْظُرْ مَا مَعْنَاهُ هُنَا وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى السِّدْرِ وَنَحْوِهِ فِي إزَالَةِ الْوَسَخِ

(قَوْلُهُ: فَلَوْ تَرَكَتْ ذَلِكَ) يَعْنِي: التَّزَيُّنَ (قَوْلُهُ: لِلْخَبَرَيْنِ السَّابِقَيْنِ) هُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا لِشَرْحِ الرَّوْضِ لَكِنَّ ذَاكَ قَدَّمَ خَبَرَيْنِ فَصَحَّتْ إحَالَتُهُ عَلَيْهِمَا بِخِلَافِ الشَّارِحِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ لِمَفْهُومِ الْخَبَرِ السَّابِقِ انْتَهَتْ.

يَعْنِي: خَبَرَ: لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: مَنْ حَزِنَتْ لِمَوْتِهِ) أَيْ مِمَّنْ شَأْنُهَا أَنْ تَحْزَنَ لَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.

[فَصْلٌ فِي سُكْنَى الْمُعْتَدَّةِ وَمُلَازَمَتِهَا مَسْكَنَ فِرَاقِهَا]

(فَصْلٌ) فِي سُكْنَى الْمُعْتَدَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>