(فَصْلٌ) فِي اجْتِمَاعِ عُقُوبَاتٍ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ (مَنْ لَزِمَهُ قِصَاصٌ) فِي النَّفْسِ (وَقَطْعٌ) لِطَرَفٍ قِصَاصًا (وَحَدُّ قَذْفٍ) وَتَعْزِيرٌ لِأَرْبَعَةٍ (وَطَالَبُوهُ) عُزِّرَ وَإِنْ تَأَخَّرَ، ثُمَّ (جُلِدَ) لِلْقَذْفِ (ثُمَّ قُطِعَ ثُمَّ قُتِلَ) تَقْدِيمًا لِلْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى اسْتِيفَاءِ الْكُلِّ (وَيُبَادِرُ بِقَتْلِهِ بَعْدَ قَطْعِهِ) مِنْ غَيْرِ مُهْلَةٍ بَيْنَهُمَا فَتَجِبُ الْمُوَالَاةُ، إذْ الْفَرْضُ أَنَّ مُسْتَحِقَّ الْقَتْلِ مُطَالَبٌ وَالنَّفْسَ مُسْتَوْفَاةٌ (لَا قَطْعِهِ بَعْدَ جَلْدِهِ إنْ غَابَ مُسْتَحِقُّ قَتْلِهِ) لِئَلَّا يَهْلَكَ بِالْمُوَالَاةِ فَيَفُوتَ حَقُّ مُسْتَحِقِّ النَّفْسِ (وَكَذَا إنْ حَضَرَ وَقَالَ عَجِّلُوا الْقَطْعَ فِي الْأَصَحِّ) وَأَنَا أُبَادِرُ بِالْقَتْلِ بَعْدَهُ وَخِيفَ مَوْتُهُ بِالْمُوَالَاةِ فَيَفُوتُ قَوَدُ النَّفْسِ مَعَ أَنَّهُ لَهُ مَصْلَحَةٌ هِيَ سُقُوطُ الْعِقَابِ عَنْهُ بِهِ فِي الْآخِرَةِ، وَأَيْضًا فَرُبَّمَا عَفَا مُسْتَحِقُّ الْقَتْلِ فَتَكُونُ الْمُوَالَاةُ سَبَبًا لِفَوَاتِ النَّفْسِ فَاتَّجَهَ عَدَمُ نَظَرِهِمْ لِرِضَاهُ بِالتَّقْدِيمِ، أَمَّا لَوْ لَمْ يَخْفَ مَوْتُهُ بِالْمُوَالَاةِ فَيُجْعَلُ جَزْمًا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ بِهِ مَرَضٌ مَخُوفٌ يُخْشَى مِنْهُ مَوْتُهُ بِالْجَلْدِ إنْ لَمْ يُبَادِرْ بِالْقَطْعِ فَيُبَادِرُ بِهِ وُجُوبًا كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَ) خَرَجَ بِطَالَبُوهُ مَا لَوْ طَالَبَهُ بَعْضُهُمْ فَلَهُ أَحْوَالٌ فَحِينَئِذٍ (إذَا أَخَّرَ مُسْتَحِقُّ النَّفْسِ حَقَّهُ) وَطَالَبَ الْآخَرَانِ (جُلِدَ فَإِذَا بَرَأَ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا (قُطِعَ) وَلَا يُوَالِي بَيْنَهُمَا خَوْفًا مِنْ فَوَات حَقِّ مُسْتَحِقِّ النَّفْسِ (وَلَوْ أَخَّرَ مُسْتَحِقُّ طَرَفٍ جُلِدَ وَعَلَى مُسْتَحِقِّ النَّفْسِ الصَّبْرُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الطَّرَفَ) لِئَلَّا يَفُوتَ حَقُّهُ، وَاحْتِمَالُ تَأْخِيرِ مُسْتَحِقِّ الطَّرَفِ لَا إلَى غَايَةٍ فَيَفُوتُ الْقَتْلُ غَيْرَ مَنْظُورٍ لَهُ إذْ مَبْنَى الْقَوَدِ عَلَى الدَّرْءِ وَالْإِسْقَاطِ مَا أَمْكَنَ، فَانْدَفَعَ الْقَوْلُ بِأَنَّ الْأَحْسَنَ جَبْرُهُ عَلَى الْقَوَدِ أَوْ الْعَفْوِ أَوْ الْإِذْنِ (فَإِنْ بَادَرَ) مُسْتَحِقُّ النَّفْسِ (فَقَتَلَ) فَقَدْ اسْتَوْفَى حَقَّهُ غَيْرَ أَنَّهُ يُعَزَّرُ لِتَعَدِّيهِ وَحِينَئِذٍ (فَلِمُسْتَحِقِّ الطَّرَفِ دِيَتُهُ) فِي تَرِكَةِ الْمَقْتُولِ لِفَوَاتِ مَحَلِّ الِاسْتِيفَاءِ (وَلَوْ أَخَّرَ مُسْتَحِقُّ الْجَلْدِ) حَقَّهُ، وَطَالَبَ الْآخَرَانِ (فَالْقِيَاسُ صَبْرُ الْآخَرَيْنِ) وُجُوبًا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ، وَإِنْ تَقَدَّمَ اسْتِحْقَاقُهُمَا لِئَلَّا يَفُوتَ حَقُّهُ بِاسْتِيفَائِهِمَا أَوْ اسْتِيفَاءِ أَحَدِهِمَا، وَإِنْ قَطَعَ بَعْضَ أُنْمُلَةٍ؛ لِأَنَّ الْجُرْحَ عَظِيمُ الْخَطَرِ، وَرُبَّمَا أَدَّى إلَى الزُّهُوقِ فَانْدَفَعَ مَا لِلْبُلْقِينِيِّ هُنَا
(وَلَوْ) (اجْتَمَعَ حُدُودٌ لِلَّهِ تَعَالَى) كَأَنْ زَنَى بِكْرٌ وَسَرَقَ وَشَرِبَ وَارْتَدَّ (قُدِّمَ) وُجُوبًا (الْأَخَفُّ) مِنْهَا (فَالْأَخَفُّ) حِفْظًا لِمَحَلِّ الْقَتْلِ، فَيُحَدُّ لِلشُّرْبِ ثُمَّ بَعْدَ بُرْئِهِ مِنْهُ يُجْلَدُ وَيُغَرَّبُ أَيْضًا عَلَى الْأَوْجَهِ؛ لِأَنَّهُ الْأَخَفُّ وَلَا يُخْشَى مِنْهُ هَلَاكٌ، ثُمَّ يُقْطَعُ ثُمَّ يُقْتَلُ، وَلَوْ اجْتَمَعَ قَطْعُ سَرِقَةٍ وَقَطْعُ مُحَارَبَةٍ فَقُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى لَهُمَا وَرِجْلُهُ لِلْمُحَارَبَةِ، أَوْ قَتْلُ زِنًا وَقَتْلُ رِدَّةٍ رُجِمَ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ نَكَالًا وَيَدْخُلُ فِيهِ قَتْلُ الرِّدَّةِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فَصْلٌ) فِي اجْتِمَاعِ عُقُوبَاتٍ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: مَنْ لَزِمَهُ) لِآدَمِيِّينَ اهـ مَحَلِّيٌّ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ كَانَ بِهِ مَرَضٌ مَخُوفٌ) دَلَّ عَلَى عَدَمِ تَأْخِيرِ الْجَلْدِ لِلْمَرَضِ.
(قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْأَحْسَنَ جَبْرُهُ) هَذِهِ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَالْكَثِيرَةُ إجْبَارُهُ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ (قَوْلُهُ فَانْدَفَعَ مَا لِلْبُلْقِينِيِّ) لَعَلَّ مِنْهُ أَنَّ الْقَطْعَ لَا يُؤَدِّي إلَى الْهَلَاكِ فَلَا يَصِحُّ إطْلَاقٌ لِقَوْلٍ بِتَأْخِيرِهِ
(قَوْلُهُ: قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى لَهُمَا) أَيْ لِلسَّرِقَةِ وَالْمُحَارَبَةِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْيُمْنَى تُقْطَعُ لِلسَّرِقَةِ الَّتِي لَيْسَتْ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ وَلِلْمَالِ الَّذِي أُخِذَ بِقَطْعِ الطَّرِيقِ فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ أَنَّ
[حاشية الرشيدي]
[فَصْلٌ فِي اجْتِمَاعِ عُقُوبَاتٍ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ]
(فَصْلٌ) فِي اجْتِمَاعِ عُقُوبَاتٍ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَأَخَّرَ) هُوَ غَايَةٌ فِيمَا بَعْدَهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ لَا قَطْعُهُ بَعْدَ جَلْدِهِ) يَعْنِي تَمْتَنِعُ فِيهِ الْمُوَالَاةُ (قَوْلُهُ: وَأَنَا أُبَادِرُ) كَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ عَلَى فِي الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ: لِرِضَاهُ) أَيْ مُسْتَحِقِّ قَتْلِهِ (قَوْلُهُ: بِالتَّقْدِيمِ) أَيْ التَّقْدِيمُ فِي الزَّمَنِ بِمَعْنَى الْمُوَالَاةِ (قَوْلُهُ: فَيُجْعَلُ جَزْمًا) أَيْ يَجُوزُ تَعْجِيلُهُ جَزْمًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute