للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَرَثَةِ وَنُفُوسُهُمْ مُطْمَئِنَّةٌ عَلَى أَدَائِهِ فَقُدِّمَتْ عَلَيْهِ بَعْثًا عَلَى وُجُوبِ إخْرَاجِهَا وَالْمُسَارَعَةِ إلَيْهِ.

وَيُقَدَّمُ دَيْنُ اللَّهِ تَعَالَى كَزَكَاةٍ وَكَفَّارَةٍ وَحَجٍّ عَلَى دَيْنِ الْآدَمِيِّ، أَمَّا الْمُتَعَلِّقَةُ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ فَسَتَأْتِي (ثُمَّ) بَعْدَ الدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا يَثْبُتُ بِإِقْرَارِ الْوَارِثِ سَوَاءٌ أَكَانَ بَعْدَ ثُبُوتِ الْوَصِيَّةِ أَمْ قَبْلَهَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا نَقَلْنَاهُ عَنْ الصَّيْدَلَانِيِّ تُنَفَّذُ (وَصَايَاهُ) وَمَا أُلْحِقَ بِهَا مِنْ عِتْقٍ عُلِّقَ بِالْمَوْتِ أَوْ تَبَرُّعٍ نُجِزَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ أَوْ الْمُلْحَقِ بِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: ١٢] (مِنْ) لِلِابْتِدَاءِ فَتَدْخُلُ الْوَصَايَا بِالثُّلُثِ وَبِبَعْضِهِ (ثُلُثُ الْبَاقِي) بَعْدَ الدَّيْنِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بِثُمَّ.

وَلَوْ اسْتَغْرَقَ الدَّيْنُ التَّرِكَةَ نُفِّذَتْ الْوَصِيَّةُ، وَحُكِمَ بِانْعِقَادِهَا لَوْ تَبَرَّعَ مُتَبَرِّعٌ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ أَوْ إبْرَاءِ الْمُسْتَحِقِّ مِنْهُ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ، وَاعْتُبِرَتْ الْوَصِيَّةُ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَتْ الْآيَةُ مُطْلَقَةً لِتَقْيِيدِ السُّنَّةِ لَهَا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ»

وَلَا يَرُدُّ مَا فِي الرَّافِعِيِّ عَنْ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى وَاحِدٌ أَنَّ لَهُ عَلَى الْمَيِّتِ أَلْفَيْ دِينَارٍ وَآخَرُ أَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ مَالِهِ وَالتَّرِكَةُ أَلْفٌ وَصَدَّقَهُمَا الْوَارِثُ مَعًا قُسِّمَتْ التَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا، فَإِنْ صَدَّقَ مُدَّعِي الْوَصِيَّةِ أَوَّلًا قُدِّمَتْ فَقَدْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الدَّيْنُ فَيُخْرَجُ مِنْ تَرِكَتِهِ مُقَدَّمًا عَلَى الْإِرْثِ، وَعَلَى مَا أَوْصَى بِهِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُمْلَكْ بِالْوَصِيَّةِ مِنْ جِهَتِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَأَنَّ الْمُرَادَ أَوْصَى بِقَضَائِهِ مُقَدَّمًا عَلَى غَيْرِهِ أَوْ لَمْ يُوصِ بِهِ، وَيَكُونُ فَائِدَةُ التَّنْصِيصِ عَلَيْهِ دَفْعَ مَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّهُ إذَا أَوْصَى بِهِ تَعَلَّقَ بِالثُّلُثِ فَيُزَاحِمُ غَيْرَهُ مِنْ الْوَصَايَا، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ الْمُتَبَادَرُ مِنْ الْعِبَارَةِ. (قَوْلُهُ: كَزَكَاةٍ وَكَفَّارَةٍ وَحَجٍّ عَلَى دَيْنِ الْآدَمِيِّ) أَيْ أَمَّا بَعْضُ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ مَعَ بَعْضٍ فَهَلْ يُخَيَّرُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ.

وَالْكَلَامُ بِالنِّسْبَةِ لِلزَّكَاةِ مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ تَلِفَ الْمَالُ حَتَّى يَكُونَ فِي الذِّمَّةِ، إذْ لَوْ كَانَ بَاقِيًا كَانَتْ مُتَعَلِّقَةً بِهِ تَعَلُّقَ شَرِكَةٍ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمُتَعَلِّقَةُ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ بِذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الدَّيْنِ إلَخْ) قَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِثُمَّ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي أَنَّهُ لَوْ عُكِسَ التَّرْتِيبُ لَمْ يَجُزْ.

وَفِي حَجّ: قَالَ بَعْضُهُمْ: وَوُجُوبُ التَّرْتِيبِ فِيمَا ذُكِرَ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ الْمُزَاحَمَةِ، فَلَوْ دَفَعَ الْوَصِيُّ مَثَلًا مِائَةً لِلدَّائِنِ وَمِائَةً لِلْمُوصَى لَهُ وَمِائَةً لِلْوَارِثِ مَعًا لَمْ يُتَّجَهْ إلَّا الصِّحَّةُ: أَيْ وَالْحِلُّ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يُقَارِنْ الدَّفْعَ مَانِعٌ، وَنَظِيرُهُ مَنْ عَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ وَغَيْرُهَا فَإِنَّهُمْ صَرَّحُوا بِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ بَيْنَهُمَا، قَالُوا: وَالْمُرَادُ بِهِ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ عَلَى حَجَّةِ الْإِسْلَامِ غَيْرُهَا لَا أَنْ لَا يُقَارِنَهَا غَيْرُهَا. اهـ.

وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قُدِّمَ الْمُؤَخَّرُ فِي الْإِعْطَاءِ لَمْ يَصِحَّ وَلَمْ يَحِلَّ، فَلَوْ دَفَعَ الْوَصِيُّ الْمُوصَى بِهِ لِلْمُوصَى لَهُ قَبْلَ أَدَاءِ الدَّيْنِ أَوْ دَفَعَ فَلِوَرَثَتِهِ حِصَصَهُمْ وَأَبْقَى مِقْدَارَ الدَّيْنِ وَالْمُوصَى بِهِ لَمْ يُعْتَدَّ بِمَا فَعَلَهُ وَيَجِبُ اسْتِرْجَاعُ مَا دَفَعَ لَهُمَا (قَوْلُهُ: مِمَّا نَقَلْنَاهُ عَنْ الصَّيْدَلَانِيِّ) لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ هُنَا نَقْلٌ عَنْهُ وَلَعَلَّهُ ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ فَلْيُرَاجَعْ، وَعِبَارَةُ حَجّ مِمَّا نَقَلَاهُ ثُمَّ رَأَيْته فِي نُسْخَةٍ كَذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: لَوْ تَبَرَّعَ مُتَبَرِّعٌ) أَيْ فَهِيَ مَوْقُوفَةٌ إنْ تَبَرَّعَ مُتَبَرِّعٌ أَوْ أَبْرَأَ مِنْ الدَّيْنِ تَبَيَّنَ انْعِقَادُهَا وَإِلَّا فَلَا.

قَوْلُهُ: أَنَّ لَهُ عَلَى الْمَيِّتِ أَلْفَيْ دِينَارٍ) الَّذِي وَقَعَ فِي كَلَامِ سم عَلَى مَنْهَجٍ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى وَاحِدٌ أَنَّ لَهُ عَلَى الْمَيِّتِ أَلْفًا وَآخَرُ أَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ مَالِهِ وَالتَّرِكَةُ أَلْفٌ وَصَدَّقَهُمَا إلَخْ (قَوْلُهُ: قُسِّمَتْ التَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا) أَيْ؛ لِأَنَّا نَزِيدُ عَلَى مَخْرَجِ الثُّلُثِ بَسْطَهُ وَهُوَ وَاحِدٌ وَنُعْطِيهِ لِلْمُوصَى لَهُ، وَهُوَ رُبُعُ الْأَلْفِ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ إقْرَارَ الْوَارِثِ بِالدَّيْنِ يُجْعَلُ كَوَصِيَّةٍ أُخْرَى، فَكَأَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِجَمِيعِ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِثُلُثِهِ. وَطَرِيقُ قَسْمِ ذَلِكَ أَنْ يُزَادَ عَلَى الْكَسْرِ بَسْطُهُ، وَهُوَ وَاحِدٌ ثُمَّ يُقَسَّمُ الْمَالُ بَيْنَهُمَا بِحَسَبِ ذَلِكَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

[اسْتَغْرَقَ الدَّيْنُ التَّرِكَة]

(قَوْلُهُ: أَنَّ لَهُ عَلَى الْمَيِّتِ أَلْفَيْ دِينَارٍ) كَذَا فِي النُّسَخِ بِالتَّثْنِيَةِ، وَالصَّوَابُ أَلْفٌ بِالْإِفْرَادِ.

وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ عَمِيرَةَ: رَجُلَانِ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ، وَالْآخَرُ ادَّعَى أَلْفًا عَلَيْهِ، وَالتَّرِكَةُ أَلْفٌ قُسِمَتْ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا، بِأَنْ يُضَمَّ الْمُوصَى بِهِ إلَى الدَّيْنِ وَتُقْسَمَ التَّرِكَةُ عَلَى وَفْقِ نِسْبَةِ حَقِّ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَى مَجْمُوعِ الْمُوصَى بِهِ وَالدَّيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>