الْحَلْقَ، وَصُحِّحَ هَذَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ (قُلْت: الْأَظْهَرُ لَا يَحِلُّ عَقْدُ النِّكَاحِ) وَكَذَا الْمُبَاشَرَةُ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِخَبَرِ «إذَا رَمَيْتُمْ الْجَمْرَةَ فَقَدْ حَلَّ لَكُمْ كُلُّ شَيْءٍ إلَّا النِّسَاءَ» (وَإِذَا فَعَلَ الثَّالِثَ) بَعْدَ الِاثْنَيْنِ (حَصَلَ التَّحَلُّلُ الثَّانِي وَحَلَّ بِهِ بَاقِي الْمُحَرَّمَاتِ) إجْمَاعًا، وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْإِتْيَانُ بِمَا بَقِيَ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ وَهُوَ الرَّمْيُ وَالْمَبِيتُ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُحْرِمٍ كَمَا يَخْرُجُ الْمُصَلِّي بِالتَّسْلِيمَةِ الْأُولَى مِنْ صَلَاتِهِ وَيُطْلَبُ مِنْهُ الثَّانِيَةُ وَإِنْ كَانَ الْمَطْلُوبُ وَاجِبًا وَثَمَّ مَنْدُوبًا، وَيُسَنُّ تَأْخِيرُ الْوَطْءِ عَنْ بَاقِي أَيَّامِ الرَّمْيِ لِيَزُولَ عَنْهُ أَثَرُ الْإِحْرَامِ، وَلَا يُعَارِضُهُ خَبَرُ «أَيَّامُ مِنًى أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَبِعَالٍ» لِجَوَازِ ذَلِكَ فِيهَا، إنَّمَا اُسْتُحِبَّ لِلْحَاجِّ تَرْكُ الْجِمَاعِ لِمَا ذُكِرَ، وَمَنْ فَاتَهُ رَمْيُ يَوْمِ النَّحْرِ بِأَنْ أَخَّرَهُ عَنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَلَزِمَهُ بَدَلُهُ تَوَقَّفَ التَّحَلُّلُ عَلَى الْبَدَلِ وَلَوْ صَوْمًا لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ، وَيُفَارِقُ الْمُحْصَرَ الْعَادِمَ لِلْهَدْيِ حَيْثُ لَمْ يَتَوَقَّفْ تَحَلُّلُهُ عَلَى بَدَلِهِ وَهُوَ الصَّوْمُ بِأَنَّ الْمُحْصَرَ لَيْسَ لَهُ إلَّا تَحَلُّلٌ وَاحِدٌ، فَلَوْ تَوَقَّفَ تَحَلُّلُهُ عَلَى الْبَدَلِ لَشَقَّ عَلَيْهِ الْمُقَامُ عَلَى سَائِرِ مُحَرَّمَاتِ الْحَجِّ إلَى الْإِتْيَانِ بِالْبَدَلِ، وَاَلَّذِي يَفُوتُهُ الرَّمْيُ يُمْكِنُهُ الشُّرُوعُ فِي التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ، فَإِذَا أَتَى بِهِ حَلَّ لَهُ مَا عَدَا النِّكَاحِ وَمُقَدِّمَاتِهِ وَعَقْدِهِ فَلَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِي الْإِقَامَةِ عَلَى إحْرَامِهِ حَتَّى يَأْتِيَ بِالْبَدَلِ، هَذَا فِي تَحَلُّلِ الْحَجِّ، أَمَّا الْعُمْرَةُ فَلَيْسَ لَهَا سِوَى تَحَلُّلٍ وَاحِدٍ، إذْ الْحَجُّ يَطُولُ زَمَنُهُ وَتَكْثُرُ أَعْمَالُهُ فَأُبِيحَ بَعْضُ مُحَرَّمَاتِهِ فِي وَقْتٍ وَبَعْضُهَا فِي وَقْتٍ آخَرَ بِخِلَافِ الْعُمْرَةِ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ الْحَيْضُ، وَالْجَنَابَةُ لَمَّا طَالَ زَمَنُ الْحَيْضِ جُعِلَ لِارْتِفَاعِ مَحْظُورَاتِهِ مَحِلَّانِ انْقِطَاعٌ الدَّمِ وَالِاغْتِسَالُ وَالْجَنَابَةُ لَمَّا قَصُرَ زَمَنُهَا جُعِلَ لِارْتِفَاعِ مَحْظُورَاتِهَا مَحَلٌّ وَاحِدٌ. .
فِي الْمَبِيتِ بِمِنًى لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ الثَّلَاثَةِ وَهِيَ الَّتِي عَقِبَ يَوْمِ الْعِيدِ وَفِيمَا يُذْكَرُ مَعَهُ (إذَا عَادَ إلَى مِنًى) بَعْدَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ إنْ لَمْ يَكُنْ سَعَى بَعْدَ قُدُومٍ (بَاتَ بِهَا) حَتْمًا (لَيْلَتَيْ) يَوْمَيْ (التَّشْرِيقِ) وَالثَّالِثَةُ أَيْضًا لِلِاتِّبَاعِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ مَعَ خَبَرِ «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» وَالْوَاجِبُ فِيهِ مُعْظَمُ اللَّيْلِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَبِيتُ بِمَكَانٍ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِمُعْظَمِ اللَّيْلِ، وَإِنَّمَا اُكْتُفِيَ بِسَاعَةٍ فِي نِصْفِهِ الثَّانِي بِمُزْدَلِفَةَ؛ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ فِيهَا بِخُصُوصِهَا عَلَى ذَلِكَ إذْ بَقِيَّةُ الْمَنَاسِكِ يَدْخُلُ وَقْتُهَا بِنِصْفِهِ وَهِيَ كَثِيرَةٌ مَشَقَّةٌ فَسُومِحَ فِي التَّخْفِيفِ لِأَجْلِهَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَهَلْ لَهُ إذَا تَعَذَّرَ عَوْدُهُ إلَى مَكَّةَ التَّحَلُّلَ كَالْمُحْصَرِ أَوْ لَا لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الطَّوَافِ مَعَ تَمَكُّنِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يُبْعِدُ الْأَوَّلُ قِيَاسَ عَلَى مَا مَرَّ فِي الْحَائِضِ وَإِنْ كَانَتْ مَعْذُورَةً، وَتَقْصِيرُهُ بِتَرْكِ الطَّوَافِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ.
لَا يَمْنَعُ لِقِيَامِ الْعُذْرِ بِهِ الْآنَ كَمَنْ كَسَرَ رِجْلَيْهِ عَمْدًا فَعَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ حَيْثُ يُصَلِّي جَالِسًا وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لَوْ شُفِيَ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَبِعَالٍ) أَيْ جِمَاعٍ (قَوْلُهُ: لِمَا ذُكِرَ) أَيْ قَوْلُهُ لِيَزُولَ عَنْهُ أَثَرُ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ: مَحَلٌّ وَاحِدٌ) أَيْ وَهُوَ الِاغْتِسَالُ.
(فَصْلٌ) فِي الْمَبِيتِ بِمِنًى
(قَوْلُهُ: وَفِيمَا يُذْكَرُ مَعَهُ) كَزِيَارَةِ قَبْرِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَطَوَافِ الْوَدَاعِ (قَوْلُهُ: وَالْوَاجِبُ فِيهِ مُعْظَمُ اللَّيْلِ) هَذَا يَتَحَقَّقُ بِمَا زَادَ عَلَى النِّصْفِ وَلَوْ بِلَحْظَةٍ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ مَا يُسَمَّى مُعْظَمًا فِي الْعُرْفِ فَلَا يَكْفِي ذَلِكَ
[حاشية الرشيدي]
[الْمَبِيتِ بِمِنًى لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ]
فَصْلٌ) فِي الْمَبِيتِ بِمِنًى (قَوْلُهُ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - نَصَّ فِيهَا بِخُصُوصِهَا عَلَى ذَلِكَ) أَيْ وَمُسْتَنَدُ نَصِّهِ مَا مَرَّ فِي الشَّارِحِ مِنْ أَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute