للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ الشُّفْعَةِ بِإِسْكَانِ الْفَاءِ، وَحُكِيَ ضَمُّهَا. وَهِيَ لُغَةً مِنْ الشَّفْعِ ضِدُّ الْوِتْرِ، فَكَأَنَّ الشَّفِيعَ يَجْعَلُ نَفْسَهُ شَفْعًا بِضَمِّهِ نَصِيبَ شَرِيكِهِ إلَيْهِ، أَوْ مِنْ الشَّفَاعَةِ لِأَنَّ الْأَخْذَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ بِهَا: أَيْ بِالشَّفَاعَةِ، أَوْ مِنْ الزِّيَادَةِ وَالتَّقْوِيَةِ وَيَرْجِعَانِ لِمَا قَبْلَهُمَا، وَشَرْعًا: حَقُّ تَمَلُّكٍ قَهْرِيٍّ ثَبَتَ لِلشَّرِيكِ الْقَدِيمِ عَلَى الْحَادِثِ فِيمَا مَلَكَ بِعِوَضٍ بِمَا مَلَكَ بِهِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ: أَيْ ضَرَرِ مُؤْنَةِ الْقِسْمَةِ وَاسْتِحْدَاثِ الْمَرَافِقِ وَغَيْرِهَا كَمَنْوَرٍ وَمِصْعَدٍ وَبَالُوعَةٍ فِي الْحِصَّةِ الصَّائِرَةِ إلَيْهِ، وَقِيلَ ضَرَرُ سُوءِ الْمُشَارَكَةِ، وَلِكَوْنِهَا تُؤْخَذُ قَهْرًا نَاسَبَ ذِكْرُهَا عَقِبَ الْغَصْبِ لِلْإِشَارَةِ إلَى اسْتِثْنَائِهَا مِنْهُ، وَالْأَصْلُ فِيهَا الْإِجْمَاعُ إلَّا مَنْ شَذَّ، وَالْأَخْبَارُ كَخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ فَإِذَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

كِتَابُ الشُّفْعَةِ

(قَوْلُهُ: مِنْ الشَّفْعِ ضِدُّ الْوِتْرِ) مَأْخُوذَةٌ مِنْهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمَعْنَى الَّذِي نُقِلَتْ إلَيْهِ عَنْ اللُّغَةِ حِينَ الْأَخْذِ، وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ ضَمُّ نَصِيبٍ إلَى نَصِيبٍ آخَرَ اهـ. فَيَكُونُ الْمَأْخُوذُ أَخَصَّ مِنْ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ وَهُوَ كَافٍ فِي الْمُغَايَرَةِ (قَوْلُهُ: يَجْعَلُ نَفْسَهُ) أَيْ أَوْ نَصِيبَهُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: بِضَمِّهِ) أَيْ بِسَبَبِ ضَمِّهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ الشَّفَاعَةِ) عَطْفٌ عَلَى مِنْ الشَّفْعِ (قَوْلُهُ: وَالتَّقْوِيَةِ) عَطْفٌ مُغَايِرٌ (قَوْلُهُ: وَيَرْجِعَانِ) أَيْ الزِّيَادَةُ وَالتَّقْوِيَةُ لِمَا قَبْلَهُمَا: أَيْ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ مِنْ الشَّفَاعَةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ أَقَلَّ مَا يُزَادُ عَلَيْهِ الْوَاحِدُ وَالْمَزِيدُ عَلَيْهِ وِتْرٌ وَالزَّائِدُ إذَا انْضَمَّ إلَى الْوَاحِدِ كَانَ الْمَجْمُوعُ ضِدَّ الْوِتْرِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ ضَرَرُ إلَخْ) الْمَانِعُ مِنْ إرَادَةِ الْأَمْرَيْنِ اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَلَعَلَّهُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ إذَا جُعِلَ ضَرَرُ الْقِسْمَةِ اُشْتُرِطَ فِي الْمَأْخُوذِ قَبُولُهُ لَهَا، وَإِنْ جُعِلَ ضَرَرُ الْمُشَارَكَةِ لَمْ يُشْتَرَطْ (قَوْلُهُ: لِلْإِشَارَةِ إلَى اسْتِثْنَائِهَا) فِي الِاسْتِثْنَاءِ شَيْءٌ لِعَدَمِ دُخُولِهَا فِي الْغَصْبِ لِخُرُوجِهَا عَنْهُ بِقَيْدٍ عُدْوَانًا أَوْ بِغَيْرِ حَقٍّ إلَّا أَنْ يُرَادَ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّهَا كَأَنَّهَا مُسْتَثْنَاةٌ مِنْهُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: إلَّا مَنْ شَذَّ) أَيْ حَيْثُ مَنَعَ الْأَخْذَ بِهَا (قَوْلُهُ: «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقَسَّمْ» إلَخْ) فَإِنْ قُلْت: الْأَفْعَالُ وَمَا نُزِّلَ مَنْزِلَتَهَا لَا عُمُومَ فِيهَا، وَمَا مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ لِأَنَّهَا مِنْ كَلَامِ الرَّاوِي إخْبَارًا عَنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالْعُمُومُ إنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ الْأَلْفَاظِ وَلَمْ يَعْلَمْ مَا وَقَعَ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْوَاقِعَ مِنْهُ أَنَّ شَخْصًا بَاعَ حِصَّتَهُ مِنْ دَارٍ فَقَضَى لِشَرِيكِهِ بِالشُّفْعَةِ، وَيَحْتَمِلُ خِلَافَ ذَلِكَ، فَلَمْ يَصِحَّ الِاسْتِدْلَال بِالْعُمُومِ الَّذِي فِي مَا وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الرَّاوِيَ فَهِمَ الْعُمُومَ مِمَّا وَقَعَ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَ عَمَّا فَهِمَهُ مِنْ حَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَقَرَّ عَلَيْهِ فَصَارَ إجْمَاعًا عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقَسَّمْ، أَوْ يُقَالُ نَزَّلَ الْقَضَاءَ مَنْزِلَةَ الْإِفْتَاءِ: أَيْ أَفْتَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقَسَّمْ) أَيْ مُشْتَرَكٍ لَمْ يُقَسَّمْ لِأَنَّ عَدَمَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

[كِتَابُ الشُّفْعَة]

ِ (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ الزِّيَادَةِ، وَالتَّقْوِيَةِ) الْمُنَاسِبُ أَوْ التَّقْوِيَةُ؛ لِأَنَّهُمَا مَأْخَذَانِ مُخْتَلِفَانِ قَالَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا قَائِلٌ وَانْظُرْ اللَّفْظَ الْمُسْتَعْمَلَ فِي الزِّيَادَةِ وَالتَّقْوِيَةِ هَلْ هُوَ لَفْظُ الشَّفْعِ أَوْ الشَّفَاعَةِ أَوْ غَيْرِهِمَا؟ (قَوْلُهُ: بِمَا مَلَكَ بِهِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ فِي التَّعْرِيفِ وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ التَّعْرِيفَ لِلْحَقِّ الثَّابِتِ بِالشِّرَاءِ الَّذِي هُوَ حَقِيقَةُ الشُّفْعَةِ وَأَمَّا مَا يَمْلِكُ بِهِ الشَّفِيعُ فَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّمَلُّكِ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ نَظِيرُ مَا سَيَأْتِي فِي صِفَةِ التَّمَلُّكِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ ضَرَرُ سُوءِ الْمُشَارَكَةِ) وَيَنْبَنِي عَلَى الْقَوْلَيْنِ أَنَّا إنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>