للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِلَّا فَوَقْفُ الْمُحَرَّمِ بَاطِلٌ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ وَقْفَهُ لَيْسَ عَلَى التَّحَلِّي كَمَا تُوُهِّمَ فَإِنَّهُ بَاطِلٌ كَالْوَقْفِ عَلَى تَزْوِيقِ الْمَسْجِدِ وَنَقْشِهِ؛ لِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ وَقَضِيَّةُ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ مَعَ صِحَّةِ وَقْفِهِ لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْأَذْرَعِيُّ نَاقِلًا لَهُ عَنْ الْعُمْرَانِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ

(وَشَرْطُ زَكَاةِ النَّقْدِ الْحَوْلُ) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ» .

نَعَمْ لَوْ مَلَكَ نِصَابًا سِتَّةَ أَشْهُرٍ مَثَلًا، ثُمَّ أَقْرَضَهُ إنْسَانًا لَمْ يَنْقَطِعْ الْحَوْلُ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ فِي أَثْنَاءِ تَعْلِيلٍ وَأَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ (وَلَا زَكَاةَ فِي) (سَائِرِ الْجَوَاهِرِ كَاللُّؤْلُؤِ) وَالْيَاقُوتِ وَالْفَيْرُوزِ ج وَمِثْلُهَا الْمِسْكُ وَالْعَنْبَرُ وَنَحْوُهُمَا؛ لِأَنَّهَا مُعَدَّةٌ لِلِاسْتِعْمَالِ فَأَشْبَهَتْ الْمَاشِيَةَ الْعَامِلَةَ وَلِعَدَمِ وُرُودِ مَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِهَا.

بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ وَالتِّجَارَةِ بَدَأَ بِالْمَعْدِنِ أَوَّلًا ثُمَّ بِالرِّكَازِ لِقُوَّةِ الْأَوَّلِ بِتَمَكُّنِهِ فِي أَرْضِهِ، وَعَقَّبَهُمَا لِلْبَابِ الْمَارِّ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ النَّقْدَيْنِ وَعَقَّبَ ذَلِكَ بِالتِّجَارَةِ لِتَقْوِيمِهَا بِهِمَا وَالْمَعْدِنُ لَهُ إطْلَاقَانِ: أَحَدُهُمَا عَلَى الْمُسْتَخْرَجِ وَيُسْتَفَادُ مِنْ التَّرْجَمَةِ، وَثَانِيهِمَا عَلَى الْمُخْرَجِ مِنْهُ، وَيُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ مَنْ اسْتَخْرَجَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً مِنْ مَعْدِنٍ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِعُدُونِهِ: أَيْ إقَامَتِهِ، يُقَالُ عَدَنَ بِالْمَكَانِ يَعْدِنُ إذَا أَقَامَ فِيهِ.

وَالْأَصْلُ فِي زَكَاتِهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ} [البقرة: ٢٦٧] وَخَبَرُ الْحَاكِمِ فِي صَحِيحِهِ " أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَخَذَ مِنْ الْمَعَادِنِ الْقَبَلِيَّةِ الصَّدَقَةَ» وَهِيَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ نَاحِيَةٌ مِنْ قَرْيَةٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ يُقَالُ لَهَا الْفُرْعُ بِضَمِّ الْفَاءِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ (مَنْ اسْتَخْرَجَ) وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ (ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً) بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا كَيَاقُوتٍ وَزَبَرْجَدٍ وَنُحَاسٍ وَحَدِيدٍ (مِنْ مَعْدِنٍ) أَيْ أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ لَهُ أَوْ مُبَاحَةٍ (لَزِمَهُ رُبْعُ عُشْرِهِ) لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ السَّابِقَةِ كَخَبَرِ «وَفِي الرِّقَّةِ رُبْعُ الْعُشْرِ» وَسَوَاءٌ أَكَانَ مَدْيُونًا أَمْ لَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ، وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ فِي الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ، وَإِنْ وَجَدَهُ فِي مِلْكِهِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ كَوْنِهِ مَالِكَهُ مِنْ حِينِ مَلَكَ الْأَرْضَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَوْجُودُ مِمَّا يُخْلَقُ شَيْئًا فَشَيْئًا، وَالْأَصْلُ عَدَمُ وُجُوبِهَا، وَلَوْ اسْتَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ كَانَ غَنِيمَةً مُخَمَّسَةً (وَفِي قَوْلٍ) يَلْزَمُهُ (الْخُمُسُ) كَالرِّكَازِ بِجَامِعِ الْخَفَاءِ فِي الْأَرْضِ (وَفِي قَوْلٍ إنْ حَصَلَ بِتَعَبٍ) كَأَنْ احْتَاجَ إلَى طَحْنٍ أَوْ مُعَالَجَةٍ بِالنَّارِ أَوْ حَفْرٍ (فَرُبْعُ عُشْرِهِ، وَإِلَّا) بِأَنْ حَصَلَ بِلَا تَعَبٍ (فَخُمُسُهُ) لِأَنَّ الْوَاجِبَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ الْحَاجَةُ إلَيْهَا فِي نَحْوِ تَضْبِيبٍ مُبَاحٍ بِهَا لِنَحْوِ جِذْعِهِ وَبَابِهِ لَا فِي صَرْفِهِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْمَوْقُوفِ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي تَحْلِيَةِ الْمَسْجِدِ نَفْسِهِ دُونَ وَقْفِ الْقَنَادِيلِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَوَقْفُ الْمُحَرَّمِ بَاطِلٌ) أَيْ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ وَاقِفِهِ فَتَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاتُهُ إنْ عَلِمَ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ كَانَ مِنْ الْأَمْوَالِ الضَّائِعَةِ الَّتِي أَمْرُهَا لِبَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ) أَيْ حَيْثُ حَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ، وَإِلَّا فَهُوَ كَغَيْرِ الْمُحَلَّى

(قَوْلُهُ لَمْ يَنْقَطِعْ الْحَوْلُ) أَيْ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ بَاقِيًا فِي ذِمَّةِ الْغَيْرِ كَأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ مِلْكِهِ.

[بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ وَالتِّجَارَةِ]

(بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ وَالتِّجَارَةِ) (قَوْلُهُ: يُقَالُ عَدَنَ بِالْمَكَانِ يَعْدِنُ) بَابُهُ ضَرَبَ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ) أَيْ وَلَوْ صَبِيًّا (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ) أَيْ عَلَى الرَّاجِحِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

[شَرْطُ زَكَاةِ النَّقْدِ]

(بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ وَالتِّجَارَةِ) (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَوْجُودُ مِمَّا يَخْلَقُ شَيْئًا فَشَيْئًا) ضَعَّفَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا الْجَوَابَ بِأَنَّهُ قَدْ يَتَحَقَّقُ سَبْقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>