للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ فِي الْإِيصَاءِ وَهُوَ كَالْوِصَايَةِ لُغَةً، يَرْجِعُ لِمَا مَرَّ فِي الْوَصِيَّةِ وَشَرْعًا: إثْبَاتُ تَصَرُّفٍ مُضَافٍ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، فَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا اصْطِلَاحٌ فِقْهِيٌّ (يُسَنُّ) لِكُلِّ أَحَدٍ (الْإِيصَاءُ) عَدَلَ إلَيْهِ عَنْ قَوْلِ الْمُحَرَّرِ الْوِصَايَةُ؛ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ لَفْظِ الْوَصِيَّةِ الْمُوهِمِ تَرَادُفَهُمَا عِنْدَ الْمُبْتَدِي (بِقَضَاءِ الدَّيْنِ) سَوَاءٌ كَانَ لِلَّهِ كَزَكَاةٍ أَمْ لِآدَمِيٍّ وَرَدِّ الْمَظَالِمِ كَالْمَغْصُوبِ وَأَدَاءِ الْحُقُوقِ كَالْعَوَارِيِّ وَالْوَدَائِعِ إنْ كَانَتْ ثَابِتَةً بِفَرْضِ إنْكَارِ الْوَرَثَةِ وَلَمْ يَرُدَّهَا وَإِلَّا وَجَبَ أَنْ يَعْلَمَ بِهَا غَيْرُ وَارِثٍ تَثْبُتُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ وَاحِدًا ظَاهِرُ الْعَدَالَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْقِيَاسِ أَوْ يَرُدُّهَا حَالًا خَوْفًا مِنْ خِيَانَةِ الْوَارِثِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ نَحْوَ الْمَغْصُوبِ لِقَادِرٍ عَلَى رَدِّهِ فَوْرًا لَا تَخْيِيرَ فِيهِ بَلْ يَتَعَيَّنُ الرَّدُّ، وَالْأَوْجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِخَطِّهِ إنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ مَنْ يُثْبِتُهُ، وَلَا مَانِعَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُمْ كَمَا اكْتَفَوْا بِالْوَاحِدِ مَعَ أَنَّهُ وَإِنْ انْضَمَّ إلَيْهِ يَمِينُ غَيْرِ حُجَّةٍ عِنْدَ بَعْضِ الْمَذَاهِبِ نَظَرًا لِمَنْ يَرَاهُ حُجَّةً فَكَذَلِكَ الْخَطُّ نَظَرًا لِذَلِكَ.

نَعَمْ مَنْ بِإِقْلِيمٍ يَتَعَذَّرُ فِيهِ مَنْ يُثْبِتُ بِالْخَطِّ أَوْ يَقْبَلُ الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ فَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِهِمَا (وَتَنْفِيذُ الْوَصَايَا) إنْ أَوْصَى بِشَيْءٍ وَإِنَّمَا صَحَّتْ فِي نَحْوِ رَدِّ عَيْنٍ وَفِي دَفْعِهَا وَالْوَصِيَّةُ بِهَا لِمُعَيَّنٍ وَإِنْ كَانَ لِمُسْتَحِقِّهَا الِاسْتِقْلَالُ بِأَخْذِهَا مِنْ التَّرِكَةِ، بَلْ لَوْ أَخَذَهَا أَجْنَبِيٌّ مِنْ التَّرِكَةِ وَدَفَعَهَا إلَيْهِ لَمْ يَضْمَنْهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْوَارِثَ قَدْ يُخْفِيهَا أَوْ يُتْلِفُهَا وَيُطَالِبُ الْوَصِيُّ الْوَارِثَ بِنَحْوِ رَدِّهَا لِيَبْرَأَ الْمَيِّتُ وَتَبْقَى تَحْتَ يَدِ الْوَصِيِّ لَا الْحَاكِمِ لَوْ غَابَ مُسْتَحِقًّا، وَكَذَا لَوْ تَعَذَّرَ قَوْلُ الْمُوصَى لَهُ بِهَا.

قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بَحْثًا، وَقَالَ السُّبْكِيُّ: هِيَ قَبْلَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَثُلُثُ مَالٍ يَضُمُّ الثُّلُثَ إلَى الْمَالِ ثُمَّ يُقَسَّمُ الْمَجْمُوعُ فَصَاحِبُ الثُّلُثِ لَهُ الرُّبْعُ لِأَنَّهُ رُبُعُ الْمَالِ وَثُلُثُهُ إذْ مَجْمُوعُهُمَا أَرْبَعَةُ أَثْلَاثٍ.

(فَصْلٌ) فِي الْإِيصَاءِ

(قَوْلُهُ: فِي الْإِيصَاءِ) أَيْ وَفِيمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَتَصْدِيقِ الْوَلِيِّ إلَخْ (قَوْلُهُ: يَرْجِعُ لِمَا مَرّ) أَيْ مِنْ أَنَّهَا الْإِيصَالُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا) أَيْ الْإِيصَاءِ وَالْوَصِيَّةِ (وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَرُدَّهَا) أَيْ الْعَوَارِيّ إلَخْ (قَوْلُهُ: بَلْ يَتَعَيَّنُ الرَّدُّ) أَيْ عَلَى مَنْ هُوَ تَحْتَ يَدِهِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ إلَخْ) أَيْ وَمِثْلُ الْبَلَدِ مَا قَرُبَ مِنْهَا كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ قَوْلُهُ نَعَمْ مَنْ بِإِقْلِيمٍ إلَخْ، فَالْمَدَارُ عَلَى كَوْنِهِ بِمَحَلٍّ يُمْكِنُ الْإِثْبَاتُ فِيهِ بِالْخَطِّ أَوْ الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ، وَقَوْلُهُ مَنْ يُثْبِتُهُ: أَيْ يُثْبِتُ الْحَقَّ بِخَطِّهِ كَالْمَالِكِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا صَحَّتْ فِي نَحْوِ رَدِّ عَيْنٍ) وَمِثْلُ الْعَيْنِ دَيْنٌ فِي التَّرِكَةِ جِنْسُهُ كَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَمْ يَنْفَرِدْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْوَصِيَّةُ) أَيْ وَالْحَالُ (قَوْلُهُ: وَدَفَعَهَا إلَيْهِ) أَيْ فَلَوْ تَلِفَتْ فِي يَدِهِ ضَمِنَهَا مُطْلَقًا، لَكِنْ يَأْتِي أَنَّ الْمُعْتَمَدَ إبَاحَةُ الْإِقْدَامِ خِلَافًا لِمَا بَحَثَاهُ وَهُوَ قَدْ يَقْتَضِي عَدَمَ الضَّمَانِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ الْإِقْدَامِ عَدَمُ الضَّمَانِ لِجَوَازِ أَنَّهُ تَصَرُّفٌ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ (قَوْلُهُ: وَيُطَالِبُ) مُسْتَأْنَفٌ، وَقَوْلُهُ وَيَبْقَى تَحْتَ يَدِ الْوَصِيِّ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ لَا الْحَاكِمِ) أَيْ فَلَوْ رَدَّهَا إلَيْهِ بِلَا طَلَبٍ مِنْ الْحَاكِمِ هَلْ يَضْمَنُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ تَعَذَّرَ قَبُولُ الْمُوصَى لَهُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ: أَيْ يُطَالِبُ الْوَصِيُّ الْوَارِثَ بِالْعَيْنِ الْمُوصَى بِهَا عِنْدَ تَعَذُّرِ قَبُولِ الْمُوصَى لَهُ عِنْدَ غَيْبَتِهِ فَيَأْخُذُهَا الْوَصِيُّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

[فَصْلٌ فِي الْإِيصَاءِ]

(قَوْلُهُ: وَرَدُّ الْمَظَالِمِ) عَطْفٌ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا صَحَّتْ) أَيْ الْوَصَايَا (قَوْلُهُ: وَيُطَالِبُ الْوَصِيُّ الْوَارِثَ بِنَحْوِ رَدِّهَا لِيَبْرَأَ الْمَيِّتُ وَتَبْقَى إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُمَا مَعْطُوفَانِ عَلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ إلَخْ فَهُمَا مِنْ فَوَائِدِ صِحَّتِهَا فِيمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>