للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَخَرَجَ بِالْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ الزَّرْعُ وَبِقَطْعِ الثَّوْبِ لِبْسُهُ لِضَعْفِ إشْعَارِهِمَا بِذَلِكَ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ دَامَ بَقَاءُ أُصُولِهِ: أَيْ بِالْمَعْنَى الْمَارِّ فِي الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ فِيمَا يَظْهَرُ كَانَ كَالْغِرَاسِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى بِشَيْءٍ لِزَيْدٍ ثُمَّ لِعَمْرٍو وَشَرَّك بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الْجُمْلَةَ اثْنَانِ وَنِسْبَةُ كُلٍّ إلَيْهَا النِّصْفَ فَهُوَ عَلَى طِبْقِ مَا يَأْتِي مِنْ الشَّيْخَيْنِ، وَإِنْ وَهِمَ فِيهِ بَعْضُهُمْ زَاعِمًا أَنَّ مَحَلَّ التَّشْرِيكِ هُنَا هُوَ مَحَلُّ الرُّجُوعِ نَظِيرُ مَا يَأْتِي عَنْ الْإِسْنَوِيِّ، فَإِذَا رَدَّ أَحَدُهُمَا أَخَذَ الْآخَرُ الْجَمِيعَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى بِهِ لَهُمَا ابْتِدَاءً فَرَدَّ أَحَدُهُمَا يَكُونُ النِّصْفُ لِلْوَارِثِ دُونَ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجِبْ لَهُ سِوَى النِّصْفِ نَصًّا، وَلَوْ أَوْصَى بِهَا لِوَاحِدٍ ثُمَّ بِنِصْفِهَا لِآخَرَ كَانَتْ أَثْلَاثًا ثُلُثَاهَا لِلْأَوَّلِ وَثُلُثُهَا لِلثَّانِي، وَمَا ادَّعَاهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ أَنَّ هَذَا غَلَطٌ وَأَنَّ الصَّوَابَ أَنَّهَا أَرْبَاعٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَحَلَّ التَّشْرِيكِ هُوَ مَحَلُّ الرُّجُوعِ هُوَ الْغَلَطُ؛ لِأَنَّ الْمَرْعِيَّ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ طَرِيقَةُ الْعَوْلِ بِأَنْ يُقَالَ مَعَنَا مَالٌ وَنِصْفُ مَالٍ فَيُضَمُّ النِّصْفُ إلَى الْكُلِّ فَتَكُونُ الْجُمْلَةُ ثَلَاثَةً تُقَسَّمُ عَلَى النِّسْبَةِ فَيَكُونُ لِصَاحِبِ الْمَالِ ثُلُثَاهُ وَلِصَاحِبِ النِّصْفِ الثُّلُثُ، وَقَدْ ذَكَرَهَا الشَّيْخَانِ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي فِي حِسَابِ الْوَصَايَا، وَيُسْتَأْنَسُ لِهَذَا مِنْ الْقُرْآنِ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لِلِابْنِ إذَا انْفَرَدَ جَمِيعَ الْمَالِ وَلِلْبِنْتِ إذَا انْفَرَدَتْ النِّصْفَ، فَإِذَا اجْتَمَعَا أَخَذَ الِابْنُ قَدْرَهَا مَرَّتَيْنِ، فَكَذَلِكَ قُلْنَا يُعْطَى الْمُوصَى لَهُ بِالْجَمِيعِ الثُّلُثَيْنِ وَالْمُوصَى لَهُ بِالنِّصْفِ الثُّلُثَ، هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَاَلَّذِي فِي الْمُهِمَّاتِ سَهْوٌ. وَقَدْ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ كَلَامَ الْإِسْنَوِيِّ عِنْدَ احْتِمَالِ إرَادَةِ الْمُوصِي التَّشْرِيكَ بَيْنَهُمَا، وَكَلَامُ الشَّيْخَيْنِ عِنْدَ انْتِفَائِهِ كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ تَعْلِيلُ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ.

وَلَوْ أَوْصَى لَهُ مَرَّةً ثُمَّ مَرَّةً أَتَى فِيهِ مَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ مِنْ التَّعَدُّدِ وَالِاتِّحَادِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ، لَكِنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا لَوْ أَوْصَى بِمِائَةٍ ثُمَّ بِخَمْسِينَ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا خَمْسُونَ لِتَضَمُّنِ الثَّانِيَةِ الرُّجُوعَ عَنْ بَعْضِ الْأُولَى.

ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ، وَأَخَذَ مِنْهُ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِزَيْدٍ ثُمَّ بِثُلُثِهِ لَهُ وَلِعَمْرٍو تَنَاصَفَاهُ وَبَطَلَتْ الْأُولَى، وَلَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِعَيْنٍ ثُمَّ لِعَمْرٍو بِثُلُثِ مَالِهِ كَانَ لِعَمْرٍو رُبُعُهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ مَالِهِ الْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَوْصَى لِإِنْسَانٍ بِعَيْنٍ وَلِآخَرَ بِثُلُثِهَا فَيَكُونُ لِلْآخَرِ رُبُعُهَا عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ عَنْ الشَّيْخَيْنِ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ الزَّرْعُ) أَيْ فَلَا يَكُونُ رُجُوعًا (قَوْله بِالْمَعْنَى الْمَارِّ) أَيْ بِأَنْ يَجُزْ مِرَارًا وَلَوْ فِي دُونِ سَنَةٍ وَحِينَئِذٍ فَيَقْوَى تَشْبِيهُهُ بِالْغِرَاسِ الَّذِي يُرَادُ إبْقَاؤُهُ أَبَدًا (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) صَرَّحَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ اهـ رَوْضَ (قَوْلُهُ: هُوَ مَحَلُّ الرُّجُوعِ) وَهُوَ النِّصْفُ الثَّانِي مِنْ الْعَيْنِ الْمُوصَى بِهَا (قَوْلُهُ: فَيُضَمُّ النِّصْفُ) أَيْ يُجْعَلُ عَلَى إلَخْ (قَوْلُهُ: عِنْدَ احْتِمَالِ إرَادَةِ الْمُوصِي) أَيْ وَيُرْجَعُ فِي ذَلِكَ إلَيْهِ أَوْ إلَى وَارِثِهِ (قَوْلُهُ: التَّشْرِيكُ بَيْنَهُمَا) أَيْ فِي النِّصْفِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: مِنْ التَّعَدُّدِ) أَيْ حَيْثُ وَصَفَهُمَا بِصِفَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ وَالِاتِّحَادُ حَيْثُ لَمْ يَصِفْهُمَا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَخْتَلِفَا جِنْسًا وَلَا صِفَةً فَوَصِيَّةٌ وَاحِدَةٌ وَإِلَّا فَثِنْتَانِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ (قَوْلُهُ: إنَّهُ لَوْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ) أَيْ مَالِهِ مَثَلًا وَقَوْلُهُ ثُمَّ بِثُلُثِهِ أَيْ ثُلُثِ مَالِهِ (قَوْلُهُ: تَنَاصَفَاهُ) أَيْ الثُّلُثَ (قَوْلُهُ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ) وَذَلِكَ بِأَنْ يُقَالَ مَعَنَا مَالٌ

ــ

[حاشية الرشيدي]

كَالتُّحْفَةِ مِنْ فِعْلِ الْغَيْرِ الَّذِي لَا يُعَدُّ رُجُوعًا

(قَوْلُهُ بِالْمَعْنَى الْمَارِّ) أَيْ بِأَنْ كَانَ يُجَزُّ مِرَارًا (قَوْلُهُ: وَنِسْبَةُ كُلٍّ إلَيْهَا) أَيْ إلَى الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ: طَرِيقَةُ الْعَوْلِ) أَيْ لَا طَرِيقَةُ التَّدَاعِي الَّتِي بَنَى عَلَيْهَا الْإِسْنَوِيُّ كَلَامَهُ (قَوْلُهُ: عِنْدَ احْتِمَالِ إرَادَةِ الْمُوصِي التَّشْرِيكَ) يَعْنِي فِي النِّصْفِ خَاصَّةً (قَوْلُهُ: لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ مَا لَوْ أَوْصَى إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إنَّ هَذَا الْإِيرَادَ يَرِدُ عَلَى الْبَعْضِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا جَعَلَ الْوَصِيَّةَ كَالْإِقْرَارِ مِنْ جِهَةِ التَّعَدُّدِ وَالِاتِّحَادِ خَاصَّةً لَا فِي كُلِّ الْأَحْكَامِ، وَمَا أُورِدَ عَلَيْهِ مِنْ الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ الْحُكْمُ فِيهَا الِاتِّحَادُ فِي الْبَابَيْنِ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَكُونُ بِالْأَقَلِّ وَالْإِقْرَارُ بِالْعَكْسِ فَهُوَ بِالْأَكْثَرِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَبَطَلَتْ الْأُولَى) الْمُنَاسِبُ لِلْمَقِيسِ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ وَكَانَ رُجُوعًا فِي بَعْضِ الْأُولَى وَهُوَ نِصْفُ الثُّلُثِ فَتَأَمَّلْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>