وَحِينَئِذٍ فَمَا هُنَا مَفْرُوضٌ فِي خَلْطٍ لَا يَقْتَضِي مِلْكَ الْمَخْلُوطِ لِلْخَالِطِ، وَفَرَّعَ الشَّيْخُ عَلَى عَدَمِ الرُّجُوعِ أَنَّ الزِّيَادَةَ الْحَاصِلَةَ بِالْجَوْدَةِ غَيْرُ مُتَمَيِّزَةٍ فَتَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْخَلْطَ حَيْثُ لَمْ يَمْلِكْ بِهِ الْخَالِطُ يَصِيرُ الْمُخْتَلِطَانِ مُشْتَرِكَيْنِ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِمْ الْمَذْكُورِ، وَحِينَئِذٍ فَيَصِيرُ الْمُوصَى لَهُ شَرِيكًا لِلْمَالِكِ الْمُخَالِطِ بِالْأَجْزَاءِ سَوَاءٌ الْوَارِثُ وَغَيْرُهُ فَيَقْتَسِمَانِهِ سَوَاءٌ اسْتَوَيَا فِي الْجَوْدَةِ أَمْ لَا
(وَلَوْ) (أَوْصَى بِصَاعٍ مِنْ صُبْرَةٍ) مُعَيَّنَةٍ (فَخَلَطَهَا) هُوَ أَوْ مَأْذُونُهُ (بِأَجْوَدَ مِنْهَا) خَلْطًا لَا يُمْكِنُ مَعَهُ التَّمْيِيزُ (فَرُجُوعٌ) ؛ لِأَنَّهُ أَحْدَثَ بِالْخَلْطِ زِيَادَةً لَمْ يَرْضَ بِتَسْلِيمِهَا وَلَا يُمْكِنُ بِدُونِهَا (أَوْ بِمِثْلِهَا فَلَا) قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْدُثْ تَغْيِيرٌ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمِثْلَيْنِ (وَكَذَا بِأَرْدَأَ فِي الْأَصَحِّ) قِيَاسًا عَلَى تَعْيِيبِ الْمُوصَى بِهِ أَوْ إتْلَافِ بَعْضِهِ (وَطَحْنُ حِنْطَةٍ) مُعَيَّنَةٍ (وَصَّى بِهَا) أَوْ بِبَعْضِهَا (وَبَذْرُهَا) (وَعَجْنُ دَقِيقٍ) وَطَبْخُ لَحْمٍ وَشَيُّهُ وَجَعْلُهُ وَهُوَ لَا يَفْسُدُ قَدِيدًا (وَغَزْلُ قُطْنٍ) أَوْ جَعْلُهُ حَشْوًا مَا لَمْ يَتَّحِدْ الْمُوصَى لَهُ بِالثَّوْبِ وَالْقُطْنِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَيَلْحَقُ بِهِ نَظَائِرُهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَزُولَ اسْمُ أَحَدِ الْمُعَيَّنَيْنِ بِمَا فَعَلَهُ وَجَعْلُ خَشَبَةٍ بَابًا وَخُبْزٍ فَتِيتًا وَعَجِينٍ خُبْزًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَجْفِيفِ الرُّطَبِ لَا يَخْفَى إذْ يُقْصَدُ بِهِ الْبَقَاءُ، فَهُوَ كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ مَقْطُوعٍ أَوْصَى بِهِ، وَكَتَقْدِيدِ لَحْمٍ يَفْسُدُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَخَبْزِ الْعَجِينِ مَعَ أَنَّهُ يَفْسُدُ لَوْ تَرَكَهُ بِأَنَّ التَّهْيِئَةَ لِلْأَكْلِ فِي الْخُبْزِ أَغْلَبُ وَأَظْهَرُ مِنْهَا فِي الْقَدِيدِ (وَنَسْجُ غَزْلٍ) مَثَلًا (وَقَطْعُ ثَوْبٍ قَمِيصًا وَبِنَاءٌ وَغِرَاسٌ فِي عَرْصَةٍ رُجُوعٌ) سَوَاءٌ أَكَانَ بِفِعْلِهِ أَمْ بِفِعْلِ مَأْذُونِهِ سَوَاءٌ أَسْمَاهُ بِاسْمِهِ أَمْ قَالَ بِهَذَا أَمْ بِمَا فِي هَذَا الْبَيْتِ مَثَلًا لِإِشْعَارِ ذَلِكَ كُلِّهِ بِالْإِعْرَاضِ، هَذَا كُلُّهُ فِي الْمُعَيَّنِ كَمَا تَقَرَّرَ، فَلَوْ أَوْصَى بِنَحْوِ ثُلُثِ مَالِهِ ثُمَّ تَصَرَّفَ فِي جَمِيعِهِ وَلَوْ بِمَا يُزِيلُ الْمِلْكَ أَوْ هَلَكَ مَالُهُ لَمْ يَكُنْ رُجُوعًا؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِثُلُثِ مَالِهِ الْمَوْجُودِ عِنْدَ الْمَوْتِ لَا الْوَصِيَّةِ، وَلَوْ اخْتَصَّ نَحْوُ الْغِرَاسِ بِبَعْضِ الْعَرْصَةِ اخْتَصَّ الرُّجُوعُ بِمَحَلِّهِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَاصِلَ فِي ذَلِكَ أَنَّ مَا أَشْعَرَ بِالْإِعْرَاضِ إشْعَارًا قَوِيًّا يَكُونُ رُجُوعًا وَإِنْ لَمْ يَزُلْ بِهِ الِاسْمُ حَيْثُ كَانَ مِنْهُ أَوْ مِنْ مَأْذُونِهِ، وَمَا يَزُولُ بِهِ الِاسْمِ يَحْصُلُ بِهِ الرُّجُوعُ وَإِنْ كَانَ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمَا عِلَّتَانِ مُسْتَقِلَّتَانِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ فَمَا هُنَا) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ كَانَ الْخَلْطُ مِنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فِيمَا يَظْهَرُ، أَيْ فَلَا يَكُونُ رُجُوعًا مُطْلَقًا سَوَاءً كَانَ الْمَخْلُوطَ بِهِ أَجْوَدَ أَوْ أَرْدَأَ أَوْ مُسَاوِيًا (قَوْلُهُ لَا يَقْتَضِي مِلْكَ الْمَخْلُوطِ لِلْخَالِطِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْخَالِطُ غَيْرَ غَاصِبٍ أَوْ كَانَ غَاصِبًا وَخَلَطَ مَالَ الْمُوصَى بِمَالِهِ الْآخَرَ (قَوْلُهُ: عَلَى عَدَمِ الرُّجُوعِ) أَيْ فِيمَا لَوْ اخْتَلَطَتْ بِنَفْسِهَا أَوْ خَلَطَهَا غَيْرُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ (قَوْلُهُ: شَرِيكًا لِلْمَالِكِ) وَالْفَرْضُ أَنَّ الْمَالِكَ غَيْرُ الْمُوصِي وَإِلَّا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ وَكَانَ الْأَظْهَرُ أَنْ يَقُولَ لِمَالِكِ الْمَخْلُوطِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهَا اخْتَلَطَتْ بِنَفْسِهَا أَوْ كَانَ الْخَلْطُ مِنْ غَيْرِ الْمُوصِي وَمَأْذُونِهِ (قَوْلُهُ: بِالْإِجْزَاءِ سَوَاءٌ) أَيْ خِلَافًا لحج حَيْثُ قَالَ بِبُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ فِي النِّصْفِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ بِمِثْلِهَا) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَا لَوْ أَوْصَى بِحِنْطَةٍ مُعَيَّنَةٍ ثُمَّ خَلَطَهَا حَيْثُ جُعِلَ رُجُوعًا مُطْلَقًا أَنَّ الْمُوصَى فِي مَسْأَلَةِ الصُّبْرَةِ مَخْلُوطٌ قَبْلَ الْبَيْعِ فَلَمْ تَحْدُثْ لَهُ صِفَةٌ زَائِدَةٌ بِمُجَرَّدِ خَلْطِ الصُّبْرَةِ بِغَيْرِهَا فَاعْتُبِرَ أَنْ يَكُونَ الْخَلْطُ بِأَجْوَدَ خَاصَّةً لِتَحْصُلَ لَهُ صِفَةٌ مُشْعِرَةٌ بِالرُّجُوعِ، وَالْحِنْطَةُ الْمُعَيَّنَةُ لَمَّا كَانَتْ مُتَمَيِّزَةً وَقْتَ الْوَصِيَّةِ كَانَ فِي مُجَرَّدِ خَلْطِهَا صِفَةٌ لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً قَبْلُ فَأَثَّرَ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَجْفِيفِ الرُّطَبِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ رُجُوعًا (قَوْلُهُ سَوَاءٌ أَسْمَاهُ بِاسْمِهِ) أَيْ حَالَ الْوَصِيَّةِ بِهِ كَقَوْلِهِ أَوْصَيْت لَهُ بِهَذَا الْغَزْلِ إلَخْ
[حاشية الرشيدي]
فَيَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ هَذَا الصَّنِيعُ يَقْتَضِي مِلْكَ الْغَاصِبِ وَإِنْ كَانَ الْخَلْطُ مِنْ غَيْرِهِ فَرَاجِعْ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَمَا هُنَا مَفْرُوضٌ فِي خَلْطٍ لَا يَقْتَضِي إلَخْ) أَيْ أَمَّا الْخَلْطُ الَّذِي يَقْتَضِي مِلْكَ الْمَخْلُوطِ فَهُوَ رُجُوعٌ بِمَعْنَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَبْطُلُ بِهِ وَإِلَّا فَالْمُوصِي لَمْ يَحْصُلْ مِنْ جَانِبِهِ شَيْءٌ حَتَّى يُقَالَ إنَّهُ رُجُوعٌ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَفَرَّعَ الشَّيْخُ عَلَى عَدَمِ الرُّجُوعِ إلَخْ) تَفْرِيعُ الشَّيْخِ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ فِي الْمَتْنِ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ كَلَامِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَإِلَّا فَالشَّيْخُ كَمَتْنِ الرَّوْضِ لَمْ يَتَعَرَّضَا لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute