لَمْ تَسْقُطْ بِالْجَدِّ عَلَى قِيَاسِ كَوْنِهَا عَصَبَةً، وَإِنْ رَجَعَ الْجَدُّ إلَى الْفَرْضِ مَعَ قَوْلِهِمْ فِي بِنْتَيْنِ وَأُمٍّ وَجَدٍّ وَأُخْتٍ: لِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَانِ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ وَتَسْقُطُ الْأُخْتُ؛ لِأَنَّهَا عَصَبَةٌ مَعَ الْبَنَاتِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْبَنَاتِ لَا يَأْخُذْنَ إلَّا الْفَرْضَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عُصُوبَةٌ مِنْ وَجْهٍ وَفَرِيضَةٌ مِنْ وَجْهٍ، فَالتَّقْدِيرُ بِاعْتِبَارِ الْفَرِيضَةِ، وَالْقِسْمَةُ بِاعْتِبَارِ الْعُصُوبَةِ.
وَأَيْضًا لَا يَصِحُّ مَا ذَكَرَ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْأُخْتُ عَصَبَةً مَعَ الْجَدِّ، وَالْجَدُّ صَاحِبَ فَرْضٍ، كَمَا أَنَّ الْأُخْتَ عَصَبَةٌ مَعَ الْبِنْتِ وَالْبِنْتَ صَاحِبَةُ فَرْضٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْأُخْتُ عَصَبَةٌ بِالْجَدِّ وَهُوَ عَصَبَةُ أَصَالَةٍ، وَإِنَّمَا تُحْجَبُ بِالْفَرْضِ بِالْوَلَدِ وَوَلَدِ الِابْنِ، وَلَوْ كَانَ بَدَلَ الْأُخْتِ أَخٌ سَقَطَ أَوْ أُخْتَانِ فَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَلَهُمَا السُّدُسُ الْبَاقِي وَلَا عَوْلَ وَلَمْ تَكُنْ أَكْدَرِيَّةً، وَلَوْ سَقَطَ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الزَّوْجُ كَانَ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ فَرْضًا وَقَاسَمَ الْجَدُّ الْأُخْتَ فِي الثُّلُثَيْنِ.
(فَصْلٌ) فِي مَوَانِعِ الْإِرْثِ وَمَا مَعَهَا (لَا يَتَوَارَثُ مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ) بِنَسَبٍ أَوْ غَيْرِهِ لِخَبَرِ «لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ مِنْ الْكَافِرِ وَلَا الْكَافِرُ مِنْ الْمُسْلِمِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِلْإِجْمَاعِ عَلَى الثَّانِي، وَإِنَّمَا جَازَ نِكَاحُ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرَةِ؛ لِأَنَّ مَبْنَى مَا هُنَا عَلَى الْمُوَالَاةِ وَالْمُنَاصَرَةِ وَلَا مُوَالَاةَ وَلَا مُنَاصَرَةَ بَيْنَهُمَا بِوَجْهٍ، وَأَمَّا النِّكَاحُ فَنَوْعٌ مِنْ الِاسْتِخْدَامِ. وَخَبَرُ الْحَاكِمِ وَصَحَّحَهُ «لَا يَرِثُ الْمُسْلِمَ النَّصْرَانِيُّ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ» مُؤَوَّلٌ بِأَنَّ مَا بِيَدِهِ لِلسَّيِّدِ كَمَا فِي الْحَيَاةِ لَا الْإِرْثِ الْحَقِيقِيِّ مِنْ الْعَتِيقِ؛ لِأَنَّهُ سَمَّاهُ عَبْدَهُ عَلَى أَنَّهُ أُعِلَّ وَمَا اُعْتُرِضَ بِهِ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ نَفْيَ التَّفَاعُلِ الصَّادِقِ بِانْتِفَاءِ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ لَا يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ كُلٍّ مِنْهُمَا الْمُصَرَّحِ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ يُرَدُّ بِأَنَّهُ عَوَّلَ فِي ذَلِكَ عَلَى شُهْرَةِ الْحُكْمِ فَلَمْ يُبَالِ بِذَلِكَ الْإِيهَامِ، عَلَى أَنَّ التَّفَاعُلَ يَأْتِي كَثِيرًا لِأَصْلِ الْفِعْلِ كَعَاقَبْتُ اللِّصَّ، وَمِنْ أَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ كَافِرٌ عَنْ زَوْجَةٍ حَامِلٍ ثُمَّ أَسْلَمَتْ ثُمَّ وَلَدَتْ لَمْ يَرِثْ وَلَدُهَا؛ لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ تَبَعًا لَهَا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي الِاتِّحَادِ فِي الدِّينِ فِي حَالَةِ الْمَوْتِ وَهُوَ مَحْكُومٌ بِكُفْرِهِ حِينَئِذٍ وَالْإِسْلَامُ طَارِئٌ عَلَيْهِ بَعْدَهُ، وَإِنَّمَا وَرِثَ مَعَ كَوْنِهِ جَمَادًا؛ لِأَنَّهُ بَانَ بِصَيْرُورَتِهِ لِلْحَيَوَانِيَّةِ أَنَّهَا كَانَتْ مَوْجُودَةً بِالْقُوَّةِ وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ لَنَا جَمَادٌ يَمْلِكُ وَهُوَ النُّطْفَةُ، وَاعْتِرَاضُهُ بِأَنَّ الْجَمَادَ لَيْسَ بِحَيَوَانٍ وَلَا كَانَ حَيَوَانًا: أَيْ وَلَا خَرَجَ مِنْ حَيَوَانٍ، وَإِلَّا لَمْ يَتِمَّ الِاعْتِرَاضُ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِلْجَمَادِ فِي بَعْضِ الْأَبْوَابِ فَلَا يَلْزَمُ اطِّرَادُهُ فَانْتَفَى الْإِيرَادُ (وَلَا يَرِثُ) زِنْدِيقٌ وَهُوَ مَنْ لَا يَتَدَيَّنُ بِدِينٍ، وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِأَنَّهُ مَنْ يُظْهِرُ الْإِسْلَامَ وَيُخْفِي الْكُفْرَ وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ وَلَا (مُرْتَدٌّ) حَالَ الْمَوْتِ بِحَالٍ، وَإِنْ أَسْلَمَ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فَصْلٌ) فِي مَوَانِعِ الْإِرْثِ (قَوْلُهُ: مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) أَيْ بَيْنَ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ (قَوْلُهُ: وَلِلْإِجْمَاعِ عَلَى الثَّانِي) هُوَ قَوْلُهُ: وَلَا الْكَافِرُ مِنْ الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ: وَالْمُنَاصَرَةُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ) أَيْ الْخَبَرَ وَقَوْلُهُ: أُعِلَّ: أَيْ فَلَا يُحْتَجُّ بِهِ (قَوْلُهُ: كَعَاقَبْتُ اللِّصَّ) لَعَلَّ التَّمْثِيلَ بِهِ لِمُطْلَقِ مَا حَصَلَ فِيهِ اشْتِرَاكٌ بِحَسَبِ أَصْلِ الْوَضْعِ وَلَكِنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَإِلَّا فَعَاقَبْت اللِّصَّ مِنْ الْمُفَاعَلَةِ لَا التَّفَاعُلِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُفَاعَلَةَ تَسْتَدْعِي أَنَّ كُلًّا مِنْ الِاثْنَيْنِ يَفْعَلُ بِصَاحِبِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِهِ الْآخَرُ مَعَ مُلَاحَظَةِ تَمَيُّزِ أَحَدِهِمَا بِحَيْثُ يَتَعَيَّنُ كَوْنُهُ فَاعِلًا، بِخِلَافِ التَّفَاعُلِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي تَعَلُّقَ الْفِعْلِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ غَيْرِ تَمَيُّزِ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ، فَيَجُوزُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فَاعِلٌ نَحْوُ تَضَارَبَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو، فَإِنْ شِئْت جَعَلْت زَيْدًا فَاعِلًا وَالْآخَرَ مَعْطُوفًا، وَإِنْ شِئْت جَعَلْت عَمْرًا هُوَ الْفَاعِلُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا وَرِثَ) أَيْ الْحَمْلُ (قَوْلُهُ: أَنَّهَا كَانَتْ مَوْجُودَةً) أَيْ الْحَيَوَانِيَّةُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَسْلَمَ)
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا تُحْجَبُ بِالْفَرْضِ إلَخْ) صَوَابُهُ كَمَا فِي حَوَاشِي وَالِدِهِ عَلَى شَرْحِ الرَّوْضِ، وَإِنَّمَا تَرْجِعُ إلَى الْفَرْضِ بِالْوَلَدِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ.
[فَصْلٌ فِي مَوَانِعِ الْإِرْثِ]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute