(فَصْلٌ) فِي اجْتِمَاعِ مُبَاشَرَتَيْنِ إذَا (وُجِدَ مِنْ شَخْصَيْنِ مَعًا) أَيْ حَالَ كَوْنِهِمَا مُقْتَرِنَيْنِ فِي زَمَنِ الْجِنَايَةِ بِأَنْ تَقَارَنَا فِي الْإِصَابَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
وَمَحَلُّ قَوْلِ ابْنِ مَالِكٍ مُخَالِفًا لِثَعْلَبٍ وَغَيْرِهِ أَنَّهَا لَا تَدُلُّ عَلَى الِاتِّحَادِ فِي الْوَقْتِ كَجَمِيعًا عِنْدَ انْتِفَاءِ الْقَرِينَةِ (فِعْلَانِ مُزْهِقَانِ) لِلرُّوحِ (مُذَفِّفَانِ) بِالْمُهْمَلَةِ وَالْمُعْجَمَةِ أَيْ مُسْرِعَانِ لِلْقَتْلِ (كَحَزٍّ) لِلرَّقَبَةِ (وَقَدٍّ) لِلْجُثَّةِ (أَوْ لَا) أَيْ غَيْرُ مُذَفِّفَيْنِ (كَقَطْعِ عُضْوَيْنِ) أَوْ جُرْحَيْنِ أَوْ جُرْحٍ مِنْ وَاحِدٍ وَمِائَةٍ مَثَلًا مِنْ آخَرَ فَمَاتَ مِنْهُمَا (فَقَاتِلَانِ) يَجِبُ عَلَيْهِمَا الْقِصَاصُ؛ إذْ رُبَّ جُرْحٍ لَهُ نِكَايَةٌ فِي الْبَاطِنِ أَكْثَرُ مِنْ جُرُوحٍ، فَإِنْ ذَفَّفَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ فَهُوَ الْقَاتِلُ فَلَا يُقْتَلُ الْآخَرُ، وَإِنْ شَكَكْنَا فِي تَذْفِيفِ جُرْحِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ، وَالْقَوَدُ لَا يَجِبُ بِالشَّكِّ مَعَ سُقُوطِهِ بِالشُّبْهَةِ، وَبِهِ فَارَقَ نَظِيرَ ذَلِكَ الْآتِي فِي الصَّيْدِ فَإِنَّ النِّصْفَ يُوقَفُ، فَإِنْ بَانَ أَوْ اصْطَلَحَا وَإِلَّا قُسِّمَ عَلَيْهِمَا، وَالْأَوْجَهُ وُجُوبُ أَرْشِ الْجُرْحِ عَلَى مُقَارِنِ الْمُذَفِّفِ (وَإِنْ أَنْهَاهُ رَجُلٌ) أَيْ أَوْصَلَهُ جَانٍّ (إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ بِأَنْ لَمْ يَبْقَ) فِيهِ (إبْصَارٌ وَنُطْقٌ وَحَرَكَةُ اخْتِيَارٍ)
ــ
[حاشية الشبراملسي]
(فَصْلٌ) فِي اجْتِمَاعِ مُبَاشَرَتَيْنِ (قَوْلُهُ: فِي اجْتِمَاعِ مُبَاشَرَتَيْنِ) أَيْ: وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ قَتَلَ مَرِيضًا فِي النَّزْعِ إلَخْ (قَوْلُهُ عِنْدَ انْتِفَاءِ الْقَرِينَةِ) وَالْقَرِينَةُ هُنَا قَوْلُهُ بَعْدُ: وَإِنْ أَنْهَاهُ إلَخْ الْمُفِيدُ لِلتَّرْتِيبِ الدَّالِ عَلَى أَنَّ مَا قَبْلَهُ عِنْدَ الِاتِّحَادِ فِي الزَّمَانِ
(قَوْلُهُ: مُزْهِقَانِ) صِفَةُ فِعْلَانِ، وَقَوْلُهُ مُذَفِّفَانِ صِفَةٌ أُخْرَى، وَقَوْلُهُ: أَوْ لَا عَطْفٌ عَلَيْهِ: أَيْ أَوْ غَيْرُ مُذَفِّفَيْنِ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الصِّفَةِ.
وَبَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَهُمْ زَعَمَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ كَوْنُ مُذَفِّفَانِ صِفَةَ فِعْلَانِ؛ لِأَنَّهُ قَسَّمَ الْفِعْلَيْنِ إلَى الْمُذَفِّفَيْنِ وَغَيْرِ الْمُذَفِّفَيْنِ، وَأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ كَوْنُهُ خَبَرَ مَحْذُوفٍ: أَيْ وَهُمَا مُذَفِّفَانِ أَوْ لَا اهـ وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا خَطَأٌ لَا سَنَدَ لَهُ نَقْلًا وَلَا عَقْلًا إذْ لَا مَانِعَ مِنْ وَصْفِ الشَّيْءِ بِصِفَتَيْنِ مُتَبَايِنَتَيْنِ فَتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَقَدٍّ لِلْجُثَّةِ أَوْ لَا) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: يُشْتَرَطُ فِي هَذَا الشِّقِّ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ لَوْ انْفَرَدَ لَقَتَلَ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ إذَا انْفَرَدَ أَمْكَنَ أَنْ يَقْتُلَ، وَلَوْ بِالسِّرَايَةِ، وَيَدُلُّ لَهُ التَّمْثِيلُ بِقَطْعِ الْعُضْوَيْنِ فَإِنَّ كُلًّا عَلَى انْفِرَادِهِ لَا يُعَدُّ قَاتِلًا إلَّا أَنَّهُ قَدْ يُؤَدِّي إلَى الْقَتْلِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ قَطْعَ الْأُنْمُلَةِ مَعَ السِّرَايَةِ مِنْ الْعَمْدِ الْمُوجِبِ لِلْقِصَاصِ
(قَوْلُهُ: أَوْ جُرْحٍ مِنْ وَاحِدٍ) أَيْ أَوْ عُضْوٍ مِنْ وَاحِدٍ وَأَعْضَاءٍ كَثِيرَةٍ مِنْ آخَرَ سم عَلَى مَنْهَجٍ
(قَوْلُهُ: يَجِبُ عَلَيْهِمَا الْقِصَاصُ) أَيْ فَإِنْ آلَ الْأَمْرُ إلَى الدِّيَةِ وُزِّعَتْ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ لَا الْجِرَاحَاتِ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ شَكَكْنَا فِي تَذْفِيفِ جُرْحِهِ) أَيْ الْآخَرِ اهـ سم عَلَى حَجٍّ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ) قَضِيَّتُهُ ضَمَانُهُ بِالْمَالِ أَوْ قِصَاصِ الْجُرْحِ إنْ أَوْجَبَ الْجُرْحُ قِصَاصًا كَالْمُوضِحَةِ إنْ كَانَا مُتَرَتِّبَيْنِ، فَإِنْ تَقَارَنَا لَمْ يَجِبْ قِصَاصُ الْجُرْحِ كَمَا يَأْتِي عَنْ حَجّ
(قَوْلُهُ: عَدَمُهُ) أَيْ التَّذْفِيفِ
(قَوْلُهُ: وَبِهِ فَارَقَ) أَيْ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ إلَخْ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ بَانَ أَوْ اصْطَلَحَا) أَيْ فَذَاكَ
(قَوْلُهُ: وُجُوبُ أَرْشِ الْجُرْحِ) أَيْ لَا قِصَاصِهِ حَجّ
(قَوْلُهُ: إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ) عِبَارَةُ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ: لَوْ شَرِبَ سُمًّا انْتَهَى بِهِ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْجَرِيحِ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ.
ثُمَّ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ عَدَمَ الضَّمَانِ عَلَى الثَّانِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي فِعْلِ الْأَوَّلِ بَيْنَ كَوْنِهِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ، بَلْ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ كَوْنِهِ مَضْمُونًا أَوْ غَيْرَ مَضْمُونٍ كَمَا لَوْ أَنْهَاهُ سَبُعٌ إلَى تِلْكَ الْحَرَكَةِ فَقَتَلَهُ آخَرُ وَيُشْعِرُ بِهِ مَا ذَكَرَهُ عَمِيرَةُ فِيمَنْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
[فَصْلٌ فِي اجْتِمَاعِ مُبَاشَرَتَيْنِ]
(فَصْلٌ) فِي اجْتِمَاعِ مُبَاشَرَتَيْنِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ انْتِفَاءِ الْقَرِينَةِ) أَيْ وَالْقَرِينَةُ هُنَا قَوْلُهُ: فَإِنْ أَنْهَاهُ رَجُلٌ إلَخْ. (قَوْلُهُ: جَانٍ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ